<![CDATA[
مقدمة
تعتبر المحكمة العليا في كندا أعلى سلطة قضائية في البلاد، وتضطلع بدور حاسم في تفسير القانون الكندي وتطبيقه. يمثل عهد رئيس القضاة بورا لاسكين فترة مهمة في تاريخ المحكمة العليا، حيث شهدت المحكمة خلالها تطورات كبيرة في القانون الدستوري والإداري والجنائي. تولى بورا لاسكين منصب رئيس القضاة في عام 1973 واستمر في هذا المنصب حتى عام 1984، وشهدت فترة ولايته صدور العديد من الأحكام الهامة التي أثرت بشكل كبير على المجتمع الكندي.
تهدف هذه المقالة إلى تقديم قائمة زمنية بأبرز القضايا التي نظرت فيها المحكمة العليا في كندا خلال فترة رئاسة بورا لاسكين. ستسلط الضوء على الوقائع الأساسية لكل قضية، والمسائل القانونية التي أثيرت، والأهم من ذلك، الأحكام التي أصدرتها المحكمة وتأثيراتها اللاحقة. إن فهم هذه القضايا أمر ضروري لفهم تطور القانون الكندي، والتأثيرات المتبادلة بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية.
قائمة القضايا البارزة في عهد لاسكين
فيما يلي قائمة زمنية بأبرز القضايا التي صدرت خلال فترة رئاسة بورا لاسكين للمحكمة العليا في كندا:
- قضية درايهايد (Drybones Case) (1973): تعتبر هذه القضية من أهم القضايا في تاريخ القانون الدستوري الكندي، حيث قضت المحكمة بأن قانون حقوق الإنسان الكندي يتفوق على القوانين الفيدرالية الأخرى، مما أرسى مبدأ سمو القانون الدستوري.
- قضية مورغانثالر (Morgentaler Case) (1976): تتعلق هذه القضية بقانون الإجهاض الكندي، وقضت المحكمة بأن بعض أحكام القانون غير دستورية لأنها تنتهك الحق في الأمن الشخصي.
- قضية سيل (Sleigh Case) (1977): تتعلق هذه القضية بحقوق السكان الأصليين، وأكدت المحكمة على الحقوق القائمة للسكان الأصليين في الأراضي والموارد الطبيعية.
- قضية أثاباسكا تراينينغ (Athabasca Tribal Council Case) (1981): تتناول هذه القضية الحقوق الدستورية للسكان الأصليين فيما يتعلق بالتشاور والمشاركة في القرارات التي تؤثر على أراضيهم ومواردهم.
- قضية بنك كندا ضد بنك مونتريال (Bank of Canada v Bank of Montreal) (1981): تناولت هذه القضية جوانب تتعلق بالقانون التجاري والعلاقة بين البنوك المركزية والتجارية.
- قضية كيلي (Kelley Case) (1983): تتعلق هذه القضية بحقوق المرأة في قانون الأسرة، وقضت المحكمة بأن المساهمات غير المالية للمرأة في الأسرة يجب أن تؤخذ في الاعتبار عند تقسيم الممتلكات.
- قضية قانون كيبيك للغة الفرنسية (Quebec Language Rights Case) (1984): تناولت هذه القضية دستورية قانون اللغة الفرنسية في كيبيك، وقضت المحكمة بأن بعض أحكام القانون تنتهك حقوق الأقليات اللغوية.
تحليل للقضايا البارزة
قضية درايهايد (Drybones Case):
تعتبر قضية درايهايد علامة فارقة في تاريخ القانون الدستوري الكندي. تتعلق القضية بمواطن من السكان الأصليين تم اتهامه بخرق قانون يحظر على السكان الأصليين شرب الكحول في الأماكن العامة. جادل المتهم بأن القانون تمييزي وينتهك قانون حقوق الإنسان الكندي. قضت المحكمة العليا بأن قانون حقوق الإنسان الكندي يتفوق على القوانين الفيدرالية الأخرى، وأن القانون المذكور غير دستوري لأنه يميز ضد السكان الأصليين. أرست هذه القضية مبدأ سمو القانون الدستوري وأكدت على أهمية حماية حقوق الإنسان.
قضية مورغانثالر (Morgentaler Case):
أثارت قضية مورغانثالر جدلاً واسعاً في المجتمع الكندي. تتعلق القضية بقانون الإجهاض الكندي، الذي كان يحظر الإجهاض إلا في حالات معينة وبعد الحصول على موافقة لجنة طبية. قام الدكتور هنري مورغانثالر بإنشاء عيادات للإجهاض غير مصرح بها، وتم اتهامه بخرق القانون. قضت المحكمة العليا بأن بعض أحكام القانون غير دستورية لأنها تنتهك الحق في الأمن الشخصي للمرأة. أدت هذه القضية إلى تعديل قانون الإجهاض في كندا.
قضية سيل (Sleigh Case):
تتعلق قضية سيل بحقوق السكان الأصليين في الأراضي والموارد الطبيعية. طالبت شركة سيل بحقوق تعدين في أراضي السكان الأصليين في شمال كندا. قضت المحكمة العليا بأن السكان الأصليين لديهم حقوق قائمة في الأراضي والموارد الطبيعية، وأن هذه الحقوق يجب أن تحترم من قبل الحكومة والشركات. أكدت هذه القضية على أهمية الاعتراف بحقوق السكان الأصليين وحمايتها.
قضية أثاباسكا تراينينغ (Athabasca Tribal Council Case):
تتعلق قضية أثاباسكا تراينينغ بالحقوق الدستورية للسكان الأصليين فيما يتعلق بالتشاور والمشاركة في القرارات التي تؤثر على أراضيهم ومواردهم. طالبت مجموعة من السكان الأصليين بالتشاور مع الحكومة قبل الموافقة على مشروع لتطوير النفط الرملي في أراضيهم. قضت المحكمة العليا بأن الحكومة ملزمة بالتشاور مع السكان الأصليين قبل اتخاذ قرارات تؤثر على حقوقهم الدستورية. عززت هذه القضية حقوق السكان الأصليين في المشاركة في القرارات التي تؤثر على حياتهم ومجتمعاتهم.
قضية كيلي (Kelley Case):
تتعلق قضية كيلي بحقوق المرأة في قانون الأسرة. رفعت سيدة دعوى طلاق وطالبت بتقسيم الممتلكات مع زوجها. جادلت بأنها ساهمت في الأسرة من خلال عملها كربة منزل ورعاية الأطفال. قضت المحكمة العليا بأن المساهمات غير المالية للمرأة في الأسرة يجب أن تؤخذ في الاعتبار عند تقسيم الممتلكات. ساهمت هذه القضية في تحقيق المساواة بين الجنسين في قانون الأسرة.
قضية قانون كيبيك للغة الفرنسية (Quebec Language Rights Case):
أثارت قضية قانون كيبيك للغة الفرنسية جدلاً واسعاً حول حقوق الأقليات اللغوية في كندا. طعن مجموعة من الأفراد في دستورية قانون اللغة الفرنسية في كيبيك، الذي يفرض استخدام اللغة الفرنسية في التعليم والأعمال التجارية. قضت المحكمة العليا بأن بعض أحكام القانون تنتهك حقوق الأقليات اللغوية، وخاصة الحق في التعليم باللغة الإنجليزية. أكدت هذه القضية على أهمية حماية حقوق الأقليات اللغوية في كندا.
تأثيرات قضايا عهد لاسكين
كانت لقضايا المحكمة العليا في كندا خلال فترة رئاسة بورا لاسكين تأثيرات كبيرة على المجتمع الكندي والقانون الكندي. ساهمت هذه القضايا في:
- تعزيز حقوق الإنسان والحريات الأساسية.
- تطوير القانون الدستوري وتفسيره.
- حماية حقوق السكان الأصليين.
- تحقيق المساواة بين الجنسين في القانون.
- حماية حقوق الأقليات اللغوية.
كما ساهمت هذه القضايا في تعزيز دور المحكمة العليا في كندا كسلطة قضائية مستقلة ومحايدة، قادرة على حماية حقوق الأفراد والمجموعات في مواجهة السلطات التشريعية والتنفيذية.
أهمية دراسة قضايا المحكمة العليا
تعتبر دراسة قضايا المحكمة العليا في كندا ضرورية لفهم تطور القانون الكندي وتأثيره على المجتمع. تساعد هذه الدراسة على:
- فهم المبادئ القانونية الأساسية التي تحكم المجتمع الكندي.
- تحليل تأثير القوانين والسياسات الحكومية على حقوق الأفراد والمجموعات.
- تقييم أداء المحكمة العليا في حماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية.
- المساهمة في تطوير القانون الكندي وتحسينه.
كما تعتبر دراسة قضايا المحكمة العليا مفيدة للمحامين والقضاة والطلاب والباحثين والمهتمين بالشأن العام.
خاتمة
شهد عهد بورا لاسكين في المحكمة العليا في كندا تطورات هامة في القانون الكندي، حيث ساهمت المحكمة في تعزيز حقوق الإنسان والحريات الأساسية، وحماية حقوق السكان الأصليين والأقليات اللغوية، وتحقيق المساواة بين الجنسين في القانون. تعتبر قضايا هذه الفترة مرجعاً هاماً لفهم القانون الكندي وتأثيره على المجتمع، وتؤكد على دور المحكمة العليا كسلطة قضائية مستقلة ومحايدة.