مقدمة
ألكسيس جورجيفيتش توث (بالروسية: Алексий Георгиевич Товт)، المعروف أيضًا باسم ألكسيس من ويلكس بار (Alexis of Wilkes-Barre)، ولد في 18 مارس 1853 وتوفي في 7 مايو 1909، كان قسًا أرثوذكسيًا روسيًا لعب دورًا حاسمًا في تاريخ الكنيسة الأرثوذكسية في أمريكا. يُذكر بشكل خاص لجهوده في تحويل العديد من الكاثوليك الشرقيين العائدين إلى الكنيسة الأرثوذكسية، مما أدى إلى نمو كبير في عدد الأبرشيات الأرثوذكسية في أمريكا الشمالية. تم تطويبه قديسًا من قبل الكنيسة الأرثوذكسية في أمريكا في عام 1994، ويُحتفل بعيده في 7 مايو.
حياته المبكرة وتعليمه
ولد ألكسيس توث في قرية كوبيليف بولجانا في منطقة بريشوف، والتي كانت آنذاك جزءًا من الإمبراطورية النمساوية المجرية (تقع الآن في سلوفاكيا). جاء من عائلة كهنوتية، حيث كان والده قسًا كاثوليكيًا شرقيًا. تلقى ألكسيس تعليمه في البداية في المنزل قبل أن يلتحق بالمدرسة الثانوية في أوزهورود. بعد ذلك، درس في مدرسة بريشوف اللاهوتية، ثم في جامعة أوزهورود، حيث حصل على درجة في اللاهوت.
بعد الانتهاء من دراسته، تزوج ألكسيس من روزاليا ميهايلوفيتش، ورُسم كاهنًا كاثوليكيًا شرقيًا في عام 1878. عُيّن قسًا في أبرشية أولاسكا، بالقرب من بريشوف. خلال فترة وجوده هناك، أظهر اهتمامًا كبيرًا بالتعليم، وقام بتدريس الدين في المدارس المحلية. بعد وفاة زوجته في عام 1882، انتقل إلى الولايات المتحدة.
خدمته في الولايات المتحدة
وصل الأب ألكسيس توث إلى الولايات المتحدة في عام 1889، حيث تم تعيينه قسًا لكنيسة القديس ميخائيل اليونانية الكاثوليكية في ويلكس بار، بنسلفانيا. كانت هذه الكنيسة جزءًا من الكنيسة الكاثوليكية اليونانية الروثينية، وهي كنيسة كاثوليكية شرقية تتبع الطقوس البيزنطية ولكنها تخضع لسلطة البابا في روما.
واجه الأب ألكسيس صعوبات كبيرة في بداية خدمته في الولايات المتحدة. كان هناك توتر متزايد بين الكاثوليك الشرقيين واللاتينيين في أمريكا بسبب الاختلافات في الطقوس والعادات. كان الكاثوليك اللاتينيون ينظرون غالبًا إلى الكاثوليك الشرقيين بازدراء ويحاولون فرض ممارساتهم اللاتينية عليهم. بالإضافة إلى ذلك، واجه الأب ألكسيس صعوبات في التعامل مع التسلسل الهرمي الكاثوليكي اللاتيني، الذي لم يكن على دراية بالطقوس والعادات الشرقية.
التحول إلى الأرثوذكسية
كانت نقطة التحول الحاسمة في حياة الأب ألكسيس هي رفض الأسقف الكاثوليكي اللاتيني في سكرانتون، وليام أودونوهيو، الاعتراف بسلطته كقس. رفض الأسقف أودونوهيو استقبال الأب ألكسيس لأنه كان متزوجًا، وهو أمر مسموح به في الكنائس الكاثوليكية الشرقية ولكنه غير مسموح به في الكنيسة الكاثوليكية اللاتينية. شعر الأب ألكسيس بالإهانة والإذلال من هذا الرفض، وقرر البحث عن حل آخر لأتباعه.
بعد التشاور مع رعيته، قرر الأب ألكسيس التماس الدخول إلى الكنيسة الأرثوذكسية. في عام 1891، سافر إلى سان فرانسيسكو للقاء الأسقف فلاديمير، رئيس الأساقفة الأرثوذكسي الروسي لأمريكا الشمالية. استقبل الأسقف فلاديمير الأب ألكسيس بحرارة ووافقه على قبوله هو ورعيته في الكنيسة الأرثوذكسية.
في مارس 1892، تم استقبال الأب ألكسيس رسميًا في الكنيسة الأرثوذكسية. تبعته غالبية رعيته في ويلكس بار، مما أدى إلى تأسيس أول أبرشية أرثوذكسية روسية عائدة في أمريكا الشمالية. كان هذا الحدث بمثابة بداية حركة تحويل كبيرة من الكاثوليكية الشرقية إلى الأرثوذكسية في أمريكا الشمالية.
تأثيره ونشاطه الرعوي
بعد تحوله إلى الأرثوذكسية، كرس الأب ألكسيس حياته لخدمة الكنيسة الأرثوذكسية ونشر الإيمان الأرثوذكسي بين الكاثوليك الشرقيين الآخرين في أمريكا الشمالية. سافر على نطاق واسع، وزار العديد من المجتمعات الكاثوليكية الشرقية وشجعهم على الانضمام إلى الكنيسة الأرثوذكسية. كان خطيبًا مفوهًا وكاتبًا موهوبًا، واستخدم هذه المواهب للدفاع عن الإيمان الأرثوذكسي وتوضيح الاختلافات بين الأرثوذكسية والكاثوليكية.
لعب الأب ألكسيس دورًا حاسمًا في تأسيس العديد من الأبرشيات الأرثوذكسية الجديدة في جميع أنحاء الولايات المتحدة وكندا. ساعد في تنظيم المجتمعات الجديدة، وبناء الكنائس، وتدريب رجال الدين. كما عمل على إنشاء مدارس ومؤسسات خيرية لدعم الأبرشيات الأرثوذكسية المتنامية. بفضل جهوده، نمت الكنيسة الأرثوذكسية في أمريكا الشمالية بشكل كبير في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين.
- التبشير والتعليم: قام بالتبشير بالإيمان الأرثوذكسي وتعليم أصوله للراغبين في التحول.
- تأسيس الأبرشيات: ساهم في تأسيس العديد من الأبرشيات الأرثوذكسية في مختلف أنحاء أمريكا الشمالية.
- الدفاع عن الأرثوذكسية: دافع عن الإيمان الأرثوذكسي ضد الانتقادات والتشويهات.
تكريمه كقديس
نظرًا لإسهاماته الكبيرة في نمو الكنيسة الأرثوذكسية في أمريكا الشمالية، تم تطويب الأب ألكسيس توث قديسًا من قبل الكنيسة الأرثوذكسية في أمريكا في عام 1994. يُعرف رسميًا باسم القديس ألكسيس الكاهن المعترف به لأمريكا. يُحتفل بعيده في 7 مايو من كل عام.
يعتبر القديس ألكسيس مثالًا للمؤمنين الأرثوذكسيين في جميع أنحاء العالم. يُذكر بشجاعته وإيمانه وتفانيه في خدمة الله وكنيسته. يُنظر إليه على نطاق واسع على أنه أحد أهم الشخصيات في تاريخ الكنيسة الأرثوذكسية في أمريكا الشمالية.
إرثه
ترك القديس ألكسيس توث إرثًا دائمًا في الكنيسة الأرثوذكسية في أمريكا الشمالية. يُذكر لجهوده في تحويل آلاف الكاثوليك الشرقيين إلى الأرثوذكسية، مما أدى إلى نمو كبير في عدد الأبرشيات الأرثوذكسية. يعتبر مثالاً للمؤمنين الأرثوذكسيين في جميع أنحاء العالم، ويُحتفل به لتفانيه في خدمة الله وكنيسته.
يستمر تأثير القديس ألكسيس في الظهور في الكنيسة الأرثوذكسية في أمريكا الشمالية اليوم. تواصل الأبرشيات التي أسسها وازدهرت، ولا يزال عمله يلهم المؤمنين الأرثوذكسيين في جميع أنحاء العالم. يظل القديس ألكسيس رمزًا للإيمان والشجاعة والتفاني في خدمة الله.
خاتمة
كان ألكسيس توث شخصية محورية في تاريخ الكنيسة الأرثوذكسية في أمريكا الشمالية. من خلال تحوله من الكاثوليكية الشرقية إلى الأرثوذكسية، لعب دورًا حاسمًا في جلب العديد من الكاثوليك الشرقيين الآخرين إلى الإيمان الأرثوذكسي. أدت جهوده التبشيرية والتعليمية إلى تأسيس العديد من الأبرشيات الأرثوذكسية الجديدة وتوسيع نطاق الكنيسة الأرثوذكسية في أمريكا الشمالية. تم تطويبه قديسًا من قبل الكنيسة الأرثوذكسية في أمريكا في عام 1994، ويُذكر بإيمانه وشجاعته وتفانيه في خدمة الله وكنيسته.