حياته المبكرة وتعليمه
ولد روبرت فانس جنتري في 9 يوليو 1933. حصل على درجة البكالوريوس في الفيزياء من جامعة فلوريدا عام 1956. ثم تابع دراسته العليا في معهد جورجيا للتكنولوجيا، حيث حصل على درجة الماجستير في الفيزياء عام 1961.
هالات البولونيوم والجدل الدائر حولها
ركزت أعمال جنتري الرئيسية على دراسة “هالات البولونيوم” (Polonium halos) الموجودة في صخور الجرانيت. هالات البولونيوم هي حلقات دائرية مجهرية من التلف الإشعاعي تتشكل حول شوائب صغيرة تحتوي على نظائر مشعة من البولونيوم. يفسر جنتري هذه الهالات على أنها دليل على أن الجرانيت قد تشكل فجأة في الماضي، وليس على مدى فترات زمنية طويلة كما هو مقبول عمومًا في الجيولوجيا. وادعى أن وجود هذه الهالات يشير إلى تدخل إلهي مباشر في خلق الأرض.
جادل جنتري بأنه بما أن البولونيوم له عمر نصف قصير جدًا (حوالي 3 دقائق لنظير البولونيوم-214)، فإن وجود هالات البولونيوم يتطلب أن يكون الجرانيت قد تبلور بسرعة كبيرة جدًا، في غضون دقائق أو ساعات. واقترح أن هذا يتعارض مع النموذج الجيولوجي السائد الذي يفترض أن الجرانيت تشكل ببطء على مدى ملايين السنين. وخلص إلى أن هذا دليل على “خلق فوري” للأرض، وهو مفهوم مركزي في الخلقية الأرضية الفتية.
ومع ذلك، فإن تفسيرات جنتري لهالات البولونيوم قد قوبلت بانتقادات شديدة من قبل المجتمع العلمي. يجادل النقاد بأن تفسيراته تستند إلى افتراضات خاطئة حول كيفية تشكل الجرانيت وتوزيع البولونيوم. يشيرون إلى أن هالات البولونيوم يمكن أن تتشكل أيضًا من خلال آليات أخرى لا تتطلب خلقًا فوريًا، مثل ترشيح البولونيوم من خلال الصخور على مدى فترات زمنية طويلة. كما أنهم يشيرون إلى أن الأدلة الجيولوجية والفيزيائية الأخرى تدعم بشكل قاطع عمرًا أقدم بكثير للأرض.
على وجه التحديد، تشير الدراسات إلى أن البولونيوم يمكن أن ينتقل عبر الصخور بواسطة السوائل، مما يسمح له بالتركيز وتشكيل الهالات على مدى فترات طويلة من الزمن. كما أن وجود نظائر مشعة أخرى في الجرانيت، ذات أعمار نصف أطول، يقدم أدلة على فترات زمنية طويلة تتفق مع التأريخ الإشعاعي. بالإضافة إلى ذلك، فإن النموذج القياسي لتشكل الجرانيت يتضمن التبريد البطيء للصهارة على أعماق كبيرة تحت سطح الأرض، وهي عملية تستغرق ملايين السنين.
موقفه من نظرية التطور
كان جنتري من أشد المعارضين لنظرية التطور. كان يعتقد أن الأدلة العلمية تدعم الخلق الخاص للكائنات الحية، وأن التطور ليس لديه أساس علمي قوي. جادل بأن التعقيد المذهل للحياة لا يمكن أن ينشأ عن طريق العمليات العشوائية، بل يتطلب تصميمًا ذكيًا من قبل خالق.
اعتبر جنتري أن هالات البولونيوم بمثابة دليل على فشل التأريخ الإشعاعي، وبالتالي فشل النموذج التطوري. كان يرى أن الأدلة الجيولوجية تدعم عمرًا شابًا للأرض، وهو ما يتعارض بشكل مباشر مع الإطار الزمني التطوري.
الخلافات والمناظرات
أثارت آراء جنتري جدلاً واسع النطاق، وأدت إلى العديد من المناظرات والمواجهات مع العلماء الآخرين. تم تحدي تفسيراته لهالات البولونيوم بشكل متكرر في المجلات العلمية وفي المناقشات العامة. دافع جنتري بشدة عن أفكاره، وغالبًا ما صور نفسه على أنه ضحية للاضطهاد من قبل المؤسسة العلمية.
من بين أبرز الخلافات التي شارك فيها جنتري كان نقاشه مع عالم الجيولوجيا برنت دالريمبل في عام 1981. قام دالريمبل، وهو خبير في التأريخ الإشعاعي، بتفنيد حجج جنتري حول هالات البولونيوم وأظهر أن تفسيراته غير متوافقة مع الأدلة الجيولوجية والفيزيائية. ومع ذلك، استمر جنتري في الترويج لأفكاره، حتى بعد أن رفضها معظم العلماء.
كما رفع جنتري دعاوى قضائية ضد المؤسسات العلمية التي رفضت نشر أبحاثه أو دعمها. زعم أنه كان يتعرض للتمييز بسبب معتقداته الدينية. ومع ذلك، فقد خسر جميع هذه الدعاوى.
مؤلفاته
نشر جنتري عددًا من الكتب والمقالات التي تروج لأفكاره حول هالات البولونيوم والخلق الفوري. من بين أبرز مؤلفاته:
- Creation’s Tiny Mystery (1986): يقدم هذا الكتاب عرضًا شاملاً لحجج جنتري حول هالات البولونيوم ويدعي أنها تدعم الخلق الفوري.
- Radioactive Halos: Implications for Creation (1992): يجمع هذا الكتاب مجموعة من مقالات جنتري حول هالات البولونيوم ونظرية الخلق.
رفض المجتمع العلمي لأفكاره
على الرغم من جهود جنتري للترويج لأفكاره، إلا أنها قوبلت برفض واسع النطاق من قبل المجتمع العلمي. يعتبر معظم العلماء تفسيراته لهالات البولونيوم غير صحيحة وغير مدعومة بالأدلة. يشيرون إلى أن هناك تفسيرات أكثر معقولية لهالات البولونيوم تتفق مع الأدلة الجيولوجية والفيزيائية الراسخة.
كما أنهم ينتقدون جنتري لعدم اتباعه المنهج العلمي المناسب، ولاختياره للأدلة التي تدعم أفكاره فقط مع تجاهل الأدلة التي تتعارض معها. يعتبرونه مروجًا للخلقية العلمية، وهي حركة تسعى إلى دمج المعتقدات الدينية في العلوم.
تأثيره على حركة الخلقية
على الرغم من رفض المجتمع العلمي لأفكاره، فقد كان لجنتري تأثير كبير على حركة الخلقية. يعتبره العديد من الخلقيين بطلاً، ويرون في أبحاثه دليلًا على أن العلم يدعم الخلق الخاص للكائنات الحية. غالبًا ما يتم الاستشهاد بأعماله في الأدبيات الخلقية وفي المناقشات حول أصل الحياة والأرض.
ومع ذلك، يرى العديد من الخلقيين أيضًا أن أفكار جنتري مثيرة للجدل ومقسمة. يفضل البعض التركيز على حجج أخرى لدعم الخلق، مثل التعقيد المذهل للكائنات الحية وسجل الأحافير. يخشون أن التركيز على هالات البولونيوم قد يقوض مصداقية حركة الخلقية.
حياته الشخصية ووفاته
تزوج روبرت جنتري من دوروثي جنتري، وأنجبا أربعة أطفال. توفي في 28 يناير 2020 عن عمر يناهز 86 عامًا.
خاتمة
كان روبرت ف. جنتري عالم فيزياء نووية ومؤمنًا بالخلقية الأرضية الفتية، اشتهر بأبحاثه حول هالات البولونيوم في الجرانيت. زعم أن هذه الهالات دليل على خلق فوري للأرض بواسطة خالق، وهو ما يتعارض مع النموذج الجيولوجي السائد. على الرغم من أن أفكاره قد قوبلت برفض واسع النطاق من قبل المجتمع العلمي، إلا أنها كان لها تأثير كبير على حركة الخلقية. يعتبره العديد من الخلقيين بطلاً، ويرون في أبحاثه دليلًا على أن العلم يدعم الخلق الخاص للكائنات الحية.