<![CDATA[
التأسيس والأهداف
تأسست عصبة الأنصار في أوائل التسعينيات في مدينة صيدا بجنوب لبنان. لم تكن الأهداف الأولية للجماعة واضحة بشكل كامل في البداية، ولكنها سرعان ما تبنت أيديولوجية متشددة مستوحاة من الفكر السلفي الجهادي. كان من بين أهدافها المعلنة: تطبيق الشريعة الإسلامية، ومحاربة ما تعتبره “الظلم” و”الفساد” في لبنان، ودعم القضايا الإسلامية في جميع أنحاء العالم. كما سعت الجماعة إلى توحيد المسلمين وإنهاء ما تعتبره سيطرة القوى الغربية على العالم الإسلامي.
شكلت الجماعة في البداية مجموعة صغيرة من المتشددين، ولكنها سرعان ما اكتسبت شعبية بين الشباب المسلم السني، خاصة في المناطق المهمشة والمحرومة. استغلت الجماعة الظروف الاجتماعية والاقتصادية الصعبة في لبنان، بالإضافة إلى عدم الاستقرار السياسي، لتجنيد الأعضاء وتوسيع نفوذها.
القيادة والتنظيم
قاد عصبة الأنصار شخصيات مختلفة على مر السنين. كان أحمد عبد الكريم السعدي، المعروف باسم “أبو محجن”، أبرز قادة الجماعة. لعب السعدي دوراً محورياً في تأسيس الجماعة وتوجيه عملياتها. كان له تأثير كبير على أيديولوجية الجماعة وتوجهاتها. بالإضافة إلى السعدي، كان هناك عدد من القادة الآخرين الذين شاركوا في قيادة الجماعة وتخطيط عملياتها. غالبًا ما كان التنظيم الداخلي لعصبة الأنصار سريًا، مع وجود شبكة معقدة من الخلايا والأفراد العاملين بشكل مستقل.
اتبعت عصبة الأنصار هيكلًا تنظيميًا هرميًا، حيث كان القادة يوجهون العمليات ويقررون الاستراتيجيات. كان هناك أيضًا نظام للتدريب والتأهيل، حيث كان الأعضاء الجدد يتلقون تدريباً عسكرياً وأيديولوجياً مكثفاً. اعتمدت الجماعة على التمويل من مصادر مختلفة، بما في ذلك التبرعات المحلية، والتحويلات من الخارج، وبعض الأنشطة غير المشروعة.
العمليات والأنشطة
شاركت عصبة الأنصار في عدد من العمليات العسكرية والهجمات في لبنان. استهدفت الجماعة في البداية أهدافًا محلية، بما في ذلك المؤسسات الحكومية والأمنية. مع مرور الوقت، تحولت الجماعة إلى استهداف أهداف أجنبية، بما في ذلك السفارات والمصالح الغربية. اتهمت الجماعة بالعديد من التفجيرات وعمليات إطلاق النار، والتي أسفرت عن سقوط العديد من الضحايا.
كانت عصبة الأنصار نشطة بشكل خاص في مدينة صيدا، حيث كان لديها نفوذ كبير في بعض الأحياء. استخدمت الجماعة صيدا كقاعدة لعملياتها، وقامت بتجنيد الأعضاء وتدريبهم. كما شاركت الجماعة في القتال مع الجماعات الأخرى في لبنان، بما في ذلك الجيش اللبناني والجماعات السياسية المختلفة.
من أبرز العمليات التي نفذتها الجماعة:
- الهجوم على السفارة الإيرانية في بيروت عام 1994.
- العديد من التفجيرات في صيدا وضواحيها.
- المشاركة في القتال ضد الجيش اللبناني.
العلاقات والتحالفات
أقامت عصبة الأنصار علاقات مع جماعات متشددة أخرى في المنطقة والعالم. كان لها علاقات مع تنظيم القاعدة، حيث قدمت الدعم اللوجستي والمعلومات. كما أقامت الجماعة علاقات مع جماعات متطرفة أخرى في فلسطين والشرق الأوسط. هذه العلاقات ساعدت الجماعة على الحصول على الدعم المالي والعسكري، بالإضافة إلى الخبرة في مجال العمليات العسكرية.
مع مرور الوقت، تغيرت طبيعة هذه العلاقات. في بعض الأحيان، كانت هناك خلافات وصراعات بين الجماعة والجماعات الأخرى. ومع ذلك، حافظت عصبة الأنصار على علاقات وثيقة مع بعض الجماعات المتطرفة، والتي ساهمت في تعزيز نفوذها وقدرتها على العمل.
التحديات والمواجهة
واجهت عصبة الأنصار تحديات كبيرة من قبل الحكومة اللبنانية والقوى الأمنية. شنت السلطات اللبنانية حملات أمنية ضد الجماعة، واعتقلت العديد من أعضائها وقادتها. كما تعرضت الجماعة لضغوط دولية، حيث صنفتها الولايات المتحدة ودول أخرى كمنظمة إرهابية.
تسببت هذه الضغوط في إضعاف قدرة الجماعة على العمل بشكل فعال. فقدت الجماعة العديد من أعضائها وقادتها، وتراجعت شعبيتها في بعض المناطق. ومع ذلك، استمرت عصبة الأنصار في التواجد والعمل في بعض المناطق، وحاولت إعادة بناء صفوفها وتوسيع نفوذها.
واجهت الجماعة أيضًا تحديات داخلية، بما في ذلك الخلافات على القيادة والأيديولوجية. هذه الخلافات أدت إلى انقسامات داخل الجماعة، وأضعفت قدرتها على التماسك والعمل كوحدة واحدة.
التطورات الأخيرة
شهدت عصبة الأنصار تحولات كبيرة في السنوات الأخيرة. بعد سلسلة من الحملات الأمنية والضربات العسكرية، تراجع نفوذ الجماعة بشكل كبير. فقدت الجماعة السيطرة على العديد من المناطق التي كانت تسيطر عليها، وفقدت الكثير من أعضائها. كما أدت التغيرات في المشهد السياسي والأمني في لبنان والمنطقة إلى إضعاف الجماعة.
في الوقت الحاضر، لا تزال عصبة الأنصار موجودة، ولكنها تعمل في نطاق أضيق وأقل نشاطًا. يركز بعض أعضائها على الأنشطة الدعوية والخيرية، بينما يواصل آخرون العمل السري. ومع ذلك، تظل الجماعة تشكل خطرًا محتملاً، خاصة في ظل التوتر السياسي والأمني في المنطقة.
تتعاون بعض الجماعات التي كانت لديها صلات بعصبة الأنصار مع الجماعات الجهادية الأخرى مثل داعش وغيرها، وتتلقى الدعم منها في عملياتها. هذا التعاون يمثل تحديًا أمنيًا كبيرًا للبنان والمنطقة.
الأيديولوجية
تتبنى عصبة الأنصار أيديولوجية سلفية جهادية متشددة. يؤمن أتباعها بضرورة تطبيق الشريعة الإسلامية بشكل كامل، ومحاربة ما يعتبرونه “البدعة” و”الشرك”. تعتبر الجماعة أن الجهاد هو السبيل الوحيد لتحقيق أهدافها، وتدعو إلى العنف ضد من تعتبرهم أعداء الإسلام.
تستلهم الجماعة أفكارها من كتابات منظري الجهاد، مثل عبد الله عزام وأسامة بن لادن. تؤمن الجماعة بضرورة إقامة دولة إسلامية، وتنادي بتوحيد المسلمين تحت راية واحدة. كما ترفض الجماعة الديمقراطية والحداثة، وتعتبرهما من “الغزو الثقافي” الغربي.
التأثير والتبعات
تركت عصبة الأنصار بصمة كبيرة على المشهد السياسي والأمني في لبنان. ساهمت الجماعة في تأجيج العنف والتوتر الطائفي، وعرقلت جهود السلام والاستقرار. تسببت عملياتها في سقوط العديد من الضحايا، وتدمير الممتلكات. كما أثرت الجماعة على صورة الإسلام في لبنان والعالم.
تمثل عصبة الأنصار مثالًا على صعود الحركات الإسلامية المتطرفة في المنطقة. يعكس تاريخ الجماعة تعقيد الصراعات السياسية والدينية في لبنان والشرق الأوسط. يجب فهم هذه الجماعات لفهم التحديات الأمنية التي تواجه المنطقة، وكيفية التعامل معها.
خاتمة
عصبة الأنصار كانت جماعة سنية متشددة برزت في لبنان في أوائل التسعينيات. تبنت الجماعة أيديولوجية سلفية جهادية، وشاركت في عدد من العمليات العسكرية. أقامت الجماعة علاقات مع جماعات متشددة أخرى، بما في ذلك تنظيم القاعدة. واجهت الجماعة تحديات كبيرة من الحكومة اللبنانية والقوى الأمنية، وتراجعت قوتها ونفوذها. ومع ذلك، لا تزال الجماعة تشكل خطرًا محتملاً، خاصة في ظل التوتر السياسي والأمني في المنطقة. تاريخ عصبة الأنصار يعكس تعقيد الصراعات السياسية والدينية في لبنان والشرق الأوسط.