أشخاص
يشير الاسم إلى:
- جوزيف دي مايستر (1753 – 1821): فيلسوف سياسي من سافوي كتب باللغة الفرنسية.
جوزيف دي مايستر: فيلسوف الرجعية والتأثير العميق
جوزيف ماري، كونت دي مايستر (بالفرنسية: Joseph Marie, Comte de Maistre؛ 1 أبريل 1753 – 26 فبراير 1821) كان فيلسوفًا ومحاميًا ودبلوماسيًا وكاتبًا من سافوي، والذي يعتبر واحدًا من أبرز الشخصيات في الفكر المحافظ المعادي للثورة. اشتهر بنقده اللاذع للثورة الفرنسية ودفاعه عن السلطة المطلقة للملكية والكنيسة الكاثوليكية. أفكاره أثرت بعمق في الفكر السياسي والاجتماعي في القرن التاسع عشر وما بعده، ولا تزال ذات صلة حتى اليوم.
حياته المبكرة وتعليمه
ولد جوزيف دي مايستر في شامبيري، عاصمة دوقية سافوي (التي كانت جزءًا من مملكة سردينيا) لعائلة نبيلة ذات جذور فرنسية. تلقى تعليمًا جيدًا، حيث درس القانون في جامعة تورينو. تأثر في شبابه بالفكر التنويري، ولكنه سرعان ما تحول إلى موقف محافظ متزايد بسبب الأحداث التي شهدها في الثورة الفرنسية.
الثورة الفرنسية وتشكيل فكره
كانت الثورة الفرنسية نقطة تحول حاسمة في حياة دي مايستر وفكره. شهد الفوضى والعنف والإطاحة بالنظام الملكي، مما دفعه إلى الاعتقاد بأن الثورة كانت كارثة حقيقية. رأى أن الثورة كانت نتيجة حتمية للتنوير والعقلانية المفرطة، اللذين قوضا الأسس التقليدية للمجتمع والدين.
في كتابه “تأملات في فرنسا” (Considérations sur la France)، الذي نُشر عام 1797، قدم دي مايستر تحليلاً شاملاً للثورة الفرنسية، وهاجم فيها بشدة مبادئ الحرية والمساواة والإخاء. جادل بأن المجتمع لا يمكن أن يقوم على أساس العقل وحده، بل يحتاج إلى الدين والتقاليد والسلطة القوية للحفاظ على النظام والاستقرار.
الدفاع عن السلطة المطلقة
كان دي مايستر مدافعًا قويًا عن السلطة المطلقة للملكية. اعتقد أن الملك هو ممثل الله على الأرض، وأن سلطته مستمدة من الحق الإلهي. جادل بأن الملك يجب أن يتمتع بسلطة غير محدودة لقمع الفوضى والتمرد، وفرض القانون والنظام. كان يعتقد أن أي محاولة لتقييد سلطة الملك ستؤدي حتماً إلى الفوضى والاضطراب.
في كتابه “دراسة في السيادة” (Essai sur le principe générateur des constitutions politiques et des autres institutions humaines)، الذي نُشر عام 1814، دافع دي مايستر عن فكرة أن الدساتير لا يمكن أن تُخلق من قبل البشر، بل يجب أن تنشأ بشكل طبيعي من خلال التاريخ والتقاليد. كان يعتقد أن محاولة كتابة دستور جديد بناءً على مبادئ عقلانية مجردة هي وصفة للفشل.
الدور المركزي للدين
كان دي مايستر يعتقد أن الدين هو الأساس الضروري للمجتمع. رأى أن الدين يوفر الأساس الأخلاقي والقيمي الذي يحافظ على تماسك المجتمع ويمنع الفوضى. كان يعتقد أن الكنيسة الكاثوليكية، بقيادة البابا، هي السلطة الروحية العليا، وأنها يجب أن تتمتع بسلطة كبيرة في المجتمع.
في كتابه “عن البابا” (Du Pape)، الذي نُشر عام 1819، دافع دي مايستر عن السلطة المطلقة للبابا في الشؤون الروحية والدنيوية. جادل بأن البابا هو الضامن للوحدة والاستقرار في الكنيسة، وأنه يجب أن يتمتع بسلطة غير محدودة لحل النزاعات وتفسير العقيدة.
نقد التنوير والعقلانية
كان دي مايستر من أشد منتقدي التنوير والعقلانية. اعتقد أن التنوير قوض الأسس التقليدية للمجتمع والدين، وأنه أدى إلى الفوضى والعنف في الثورة الفرنسية. كان يعتقد أن العقل البشري محدود، وأنه لا يمكن الاعتماد عليه لفهم تعقيدات العالم. كان يعتقد أن الدين والتقاليد هما المصدران الوحيدان للمعرفة الحقيقية.
هاجم دي مايستر فكرة حقوق الإنسان، التي اعتبرها مجردة وغير واقعية. جادل بأن البشر ليسوا متساوين، وأنهم يختلفون في القدرات والمواهب. كان يعتقد أن محاولة فرض المساواة بالقوة ستؤدي حتماً إلى الظلم والاستبداد.
التأثير والإرث
كان لدي مايستر تأثير كبير على الفكر السياسي والاجتماعي في القرن التاسع عشر وما بعده. أفكاره أثرت في العديد من المفكرين المحافظين، مثل لويس دي بونالد وكارل شميت. كان له أيضًا تأثير على الحركة الرومانسية، التي احتفت بالعاطفة والخيال والتقاليد.
لا تزال أفكار دي مايستر ذات صلة حتى اليوم. يظل نقده للتنوير والعقلانية ذا صلة في عالم يزداد فيه الاعتماد على العلم والتكنولوجيا. يظل دفاعه عن السلطة والتقاليد ذا صلة في عالم يشهد تراجعًا في المؤسسات التقليدية.
أهم أعماله
- تأملات في فرنسا (Considérations sur la France)
- رسائل عن التنوير الإسباني (Lettres d’un Royaliste Savoyard)
- دراسة في السيادة (Essai sur le principe générateur des constitutions politiques et des autres institutions humaines)
- عن البابا (Du Pape)
- أمسيات سان بطرسبرغ (Les Soirées de Saint-Pétersbourg)
أفكار رئيسية
- رفض الثورة الفرنسية والتنوير.
- الدفاع عن السلطة المطلقة للملكية والكنيسة.
- الدور المركزي للدين في المجتمع.
- نقد العقلانية وحقوق الإنسان.
خاتمة
جوزيف دي مايستر شخصية مثيرة للجدل، لكن لا يمكن إنكار أهميته في تاريخ الفكر السياسي. كان مدافعًا قويًا عن المحافظة والتقاليد، ومنتقدًا شرسًا للتنوير والعقلانية. أفكاره أثرت بعمق في الفكر السياسي والاجتماعي في القرن التاسع عشر وما بعده، ولا تزال ذات صلة حتى اليوم.