الإطار الدستوري والقانوني
دستور أرمينيا هو القانون الأسمى في البلاد، وقد تم اعتماده في استفتاء عام في عام 1995 وتم تعديله لاحقًا في عام 2015. ينص الدستور على أن أرمينيا دولة ذات سيادة ومستقلة وديمقراطية واجتماعية، ويحدد شكل الحكم الجمهوري البرلماني. يضمن الدستور الفصل بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، ويحدد صلاحيات كل سلطة.
يتكون البرلمان الأرميني (الجمعية الوطنية) من 107 أعضاء يتم انتخابهم لمدة خمس سنوات بنظام التمثيل النسبي. البرلمان هو السلطة التشريعية العليا في البلاد، ويقوم بسن القوانين والموافقة على الميزانية وانتخاب رئيس الوزراء. يتمتع البرلمان أيضًا بصلاحية الرقابة على أعمال الحكومة.
رئيس الجمهورية هو رأس الدولة، ويتم انتخابه من قبل البرلمان لمدة سبع سنوات. يتمتع الرئيس بصلاحيات محدودة، حيث يمثل الدولة في المحافل الدولية ويوقع على القوانين التي يقرها البرلمان. ومع ذلك، يتمتع الرئيس بسلطة حل البرلمان في حالات معينة.
الحكومة هي السلطة التنفيذية في البلاد، ويرأسها رئيس الوزراء. يتم تعيين رئيس الوزراء من قبل رئيس الجمهورية بناءً على اقتراح من البرلمان. تتولى الحكومة مسؤولية تنفيذ القوانين وإدارة شؤون الدولة اليومية.
القضاء مستقل عن السلطتين التشريعية والتنفيذية. تتكون السلطة القضائية من المحاكم الابتدائية ومحاكم الاستئناف والمحكمة الدستورية. تختص المحكمة الدستورية بالنظر في دستورية القوانين والقرارات الصادرة عن السلطات الأخرى.
الأحزاب السياسية والانتخابات
تتميز الحياة السياسية في أرمينيا بتعدد الأحزاب السياسية. تلعب الأحزاب السياسية دورًا هامًا في تشكيل الرأي العام والمشاركة في الانتخابات. من بين أبرز الأحزاب السياسية في أرمينيا:
- حزب العقد المدني
- تحالف “أرمينيا”
- تحالف “لدي الشرف”
تجري الانتخابات في أرمينيا بانتظام، وتعتبر حرة ونزيهة بشكل عام. تجرى الانتخابات البرلمانية كل خمس سنوات، بينما تجرى الانتخابات الرئاسية كل سبع سنوات. يحق لجميع المواطنين الأرمينيين الذين تبلغ أعمارهم 18 عامًا أو أكثر التصويت في الانتخابات.
القضايا والتحديات السياسية
تواجه السياسة في أرمينيا عددًا من القضايا والتحديات، من بينها:
- نزاع ناغورنو كاراباخ: لا يزال النزاع مع أذربيجان حول إقليم ناغورنو كاراباخ يمثل تحديًا رئيسيًا لأرمينيا. أدى النزاع إلى خسائر في الأرواح وتوتر العلاقات بين البلدين.
- الإصلاحات الاقتصادية: تسعى الحكومة الأرمينية إلى تنفيذ إصلاحات اقتصادية لتحسين مناخ الاستثمار وجذب الاستثمارات الأجنبية. ومع ذلك، تواجه الحكومة تحديات في تحقيق هذه الإصلاحات، بما في ذلك الفساد والبيروقراطية.
- الهجرة: تعاني أرمينيا من الهجرة، حيث يغادر العديد من الشباب البلاد بحثًا عن فرص عمل أفضل في الخارج. تؤثر الهجرة سلبًا على الاقتصاد الأرميني وتزيد من التحديات الديموغرافية.
- العلاقات مع تركيا: لا تزال العلاقات بين أرمينيا وتركيا متوترة بسبب الإبادة الجماعية للأرمن عام 1915. ترفض تركيا الاعتراف بالإبادة الجماعية، وتطالب أرمينيا بالاعتراف بحدودها الحالية مع تركيا.
- التأثير الخارجي: تتأثر السياسة الداخلية والخارجية لأرمينيا بالتأثير الخارجي، وخاصة من روسيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. تسعى أرمينيا إلى الحفاظ على علاقات جيدة مع جميع الأطراف، ولكنها تواجه صعوبات في تحقيق ذلك بسبب التنافس بين القوى الكبرى.
العلاقات الخارجية
تلعب العلاقات الخارجية دورًا هامًا في السياسة الأرمينية. تسعى أرمينيا إلى الحفاظ على علاقات جيدة مع جميع الدول، وخاصة مع جيرانها. تعد روسيا شريكًا استراتيجيًا لأرمينيا، وتتمتع البلدان بعلاقات وثيقة في المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية. تعد أرمينيا عضوًا في منظمة معاهدة الأمن الجماعي التي تقودها روسيا.
تسعى أرمينيا أيضًا إلى تعزيز علاقاتها مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة. وقعت أرمينيا اتفاقية شراكة شاملة ومعززة مع الاتحاد الأوروبي في عام 2017. تهدف الاتفاقية إلى تعزيز التعاون بين أرمينيا والاتحاد الأوروبي في مجموعة واسعة من المجالات، بما في ذلك التجارة والاستثمار والديمقراطية وحقوق الإنسان.
تسعى أرمينيا أيضًا إلى تطوير علاقاتها مع دول الشرق الأوسط، وخاصة مع إيران. تتمتع أرمينيا وإيران بعلاقات اقتصادية جيدة، وتتعاونان في مجالات الطاقة والنقل.
المجتمع المدني ووسائل الإعلام
يلعب المجتمع المدني ووسائل الإعلام دورًا هامًا في الحياة السياسية في أرمينيا. توجد في أرمينيا العديد من المنظمات غير الحكومية التي تعمل في مجالات مختلفة، بما في ذلك حقوق الإنسان والديمقراطية والبيئة. تلعب هذه المنظمات دورًا هامًا في مساءلة الحكومة وتعزيز المشاركة المدنية.
تتمتع أرمينيا بقطاع إعلامي متنوع، بما في ذلك الصحف والمجلات والإذاعة والتلفزيون ووسائل الإعلام عبر الإنترنت. ومع ذلك، يواجه الإعلام في أرمينيا عددًا من التحديات، بما في ذلك الضغوط السياسية والرقابة الذاتية والتركيز على الملكية.
الإصلاحات السياسية الأخيرة
شهدت أرمينيا إصلاحات سياسية كبيرة في السنوات الأخيرة. في عام 2015، تم إجراء تعديلات دستورية حولت أرمينيا من جمهورية شبه رئاسية إلى جمهورية برلمانية. تهدف هذه التعديلات إلى تعزيز الديمقراطية والمساءلة في أرمينيا.
في عام 2018، شهدت أرمينيا ثورة سلمية أدت إلى استقالة رئيس الوزراء سيرج سركيسيان. جاءت الثورة نتيجة احتجاجات واسعة النطاق على محاولة سركيسيان البقاء في السلطة بعد انتهاء فترة ولايته الرئاسية. أدت الثورة إلى انتخاب نيكول باشينيان رئيسًا للوزراء.
تعهد باشينيان بتنفيذ إصلاحات واسعة النطاق في أرمينيا، بما في ذلك مكافحة الفساد وتعزيز الديمقراطية وتحسين الاقتصاد. حققت حكومة باشينيان بعض النجاح في تنفيذ هذه الإصلاحات، ولكنها تواجه أيضًا عددًا من التحديات.
خاتمة
السياسة في أرمينيا معقدة ومتغيرة باستمرار. تتأثر السياسة الأرمينية بتاريخ البلاد وموقعها الجيوسياسي والتحديات الاجتماعية والاقتصادية التي تواجهها. تسعى أرمينيا إلى تعزيز الديمقراطية وتحسين الاقتصاد وتعزيز علاقاتها مع الدول الأخرى. تواجه أرمينيا عددًا من التحديات، بما في ذلك نزاع ناغورنو كاراباخ والإصلاحات الاقتصادية والهجرة والتأثير الخارجي. ومع ذلك، تتمتع أرمينيا أيضًا بعدد من الفرص، بما في ذلك الإصلاحات السياسية الأخيرة والمجتمع المدني النشط وقطاع الإعلام المتنوع.