<![CDATA[
التَّشْرِيحُ وَالتَّكْوِين
يَتَكَوَّنُ الرَّفَاءُ الجَنَاحِيُّ الفَكِّيُّ مِنْ نَسِيجٍ ضَامٍّ لِيفِيٍّ كَثِيفٍ، وَهُوَ غِشَاءٌ رَفِيعٌ، يَتَّصِلُ بِالْحَافَّةِ الخَلْفِيَّةِ للعَضَلَةِ الشَّدْقِيَّة (Buccinator muscle)، وَالَّتِي تُشَكِّلُ جُزْءاً مِنْ جِدَارِ الخَدِّ، وَيَمْتَدُّ إِلَى حَافَّةِ الفَكِّ السُّفْلِيِّ الخَلْفِيَّةِ، خَلْفَ الضَّرُوسِ الأَخِيرَةِ. يَقَعُ الرَّفَاءُ الجَنَاحِيُّ الفَكِّيُّ بَيْنَ العَضَلَتَيْنِ: العَضَلَةِ الشَّدْقِيَّةِ وَالعَضَلَةِ المُضَيِّقَةِ الفَمَوِيَّةِ العُلْوِيَّةِ (Superior pharyngeal constrictor muscle)، وَهُوَ مَا يُسَاعِدُ فِي تَحْدِيدِ المَسَافَةِ بَيْنَ هَاتَيْنِ العَضَلَتَيْنِ.
عِنْدَ الفَتْحِ الفَمِ، يَبْدُو الرَّفَاءُ الجَنَاحِيُّ الفَكِّيُّ كَخَطٍّ طُولِيٍّ رَأْسِيٍّ ظَاهِرٍ في الفَمِ، يَمْتَدُّ مِنَ السَّطْحِ الدَّاخِلِيِّ للفَكِّ السُّفْلِيِّ (قُرْبَ الضَّرُوسِ الأَخِيرَةِ) إِلَى الأَسْفَلِ وَالخَلْفِ، وَيَصِلُ إِلَى النَّاتِئِ الجَنَاحِيِّ للعَظْمِ الوَتَدِيِّ. يَكُونُ الرَّفَاءُ أَكْثَرَ وُضُوحاً عِنْدَ سَحْبِ الخَدِّ، وَخَاصَّةً عِنْدَ مُحَاوَلَةِ فَتْحِ الفَمِ عَلَى نِطَاقٍ وَاسِعٍ.
الوِظَائِف
يَلْعَبُ الرَّفَاءُ الجَنَاحِيُّ الفَكِّيُّ عِدَّةَ وَظَائِفَ حَيَوِيَّةٍ، مِنْ بَيْنِهَا:
- مُسَاعَدَةُ العَمَلِيَّاتِ الحَرَكِيَّةِ: يَعْمَلُ الرَّفَاءُ كَنُقْطَةِ إِتْصَالٍ للعَضَلَاتِ المُحِيطَةِ بِالفَمِ وَالَّتِي تُسَاعِدُ في عَمَلِيَّاتِ المُضْغِ وَالبَلْعِ وَالكَلَامِ.
- دَعْمُ البَلْعِ: يَعْمَلُ الرَّفَاءُ على تَوْجِيهِ الطَّعَامِ إِلَى البُلْعُومِ أثْنَاءَ البَلْعِ.
- تَأْثِيرُهُ عَلَى الحَدِيثِ: يَتَعَاوَنُ الرَّفَاءُ مَعَ العَضَلَاتِ الأُخْرَى في الفَمِ لِتَشْكِيلِ الأَصْوَاتِ وَالكَلاَمِ.
- تَحْدِيدُ المَسَافَةِ: يُسَاعِدُ الرَّفَاءُ في الحِفَاظِ عَلَى المَسَافَةِ الصَّحِيحَةِ بَيْنَ العَضَلَةِ الشَّدْقِيَّةِ وَالعَضَلَةِ المُضَيِّقَةِ الفَمَوِيَّةِ العُلْوِيَّةِ.
بِالإِضَافَةِ إِلَى ذَلِكَ، يُمَثِّلُ الرَّفَاءُ الجَنَاحِيُّ الفَكِّيُّ مَعْلَماً تشريحياً مُهِمّاً لِجَرَّاحِيِّ الأَسْنَانِ وَأَطِبَّاءِ الفَمِ، خَاصَّةً عِنْدَ إِجْرَاءِ بَعْضِ الإِجْرَاءَاتِ الجِرَاحِيَّةِ في تِلْكَ المِنْطَقَةِ، كَسَحْبِ الضَّرُوسِ أَوْ إِجْرَاءِ العِلاَجَاتِ التَّجْمِيلِيَّةِ.
الأَهَمِيَّةُ السَّرِيرِيَّة
عَلَى الرَّغْمِ مِنْ أَنَّ الرَّفَاءَ الجَنَاحِيَّ الفَكِّيَّ لَيْسَ عُرْضَةً لِلإِصَابَاتِ بِشَكْلٍ مُبَاشِرٍ، إِلَّا أَنَّهُ قَدْ يَتَأَثَّرُ بِبَعْضِ الحَالاتِ المَرَضِيَّةِ وَالإِجْرَاءَاتِ الجِرَاحِيَّةِ.
- عِنْدَ حَقْنِ المُخَدِّرِ المَوْضِعِيِّ: غالباً مَا يَكُونُ الرَّفَاءُ الجَنَاحِيُّ الفَكِّيُّ نُقْطَةً تَشْرِيحِيَّةً مُهِمَّةً لِحَقْنِ المُخَدِّرِ المَوْضِعِيِّ، خَاصَّةً لِتَخْدِيرِ العَصَبِ الفَكِّيِّ السُّفْلِيِّ.
- الإِلْتِهَابَاتُ وَالإِصَابَاتُ: قَدْ يَتَأَثَّرُ الرَّفَاءُ بِالإِلْتِهَابَاتِ المُحِيطَةِ، أَوْ عِنْدَ وُجُودِ أَورَامٍ في تِلْكَ المِنْطَقَةِ.
- العِلاَجَاتُ الجِرَاحِيَّةُ: عِنْدَ إِجْرَاءِ بَعْضِ العِلاَجَاتِ الجِرَاحِيَّةِ في الفَمِ، كَقَلْعِ الضَّرُوسِ، قَدْ يَتَطَلَّبُ الأَمْرُ التَّعَامُلَ مَعَ الرَّفَاءِ، وَيَجِبُ عَلَى الجَرَّاحِ أَخْذُ الحَذَرِ لِتَجَنُّبِ إِصَابَتِهِ.
الاِخْتِلَافَاتُ التَّشْرِيحِيَّة
قَدْ تَظْهَرُ بَعْضُ الاِخْتِلَافَاتِ الطَّفِيفَةِ في شَكْلِ وَحَجْمِ الرَّفَاءِ الجَنَاحِيِّ الفَكِّيِّ بَيْنَ الأَشْخَاصِ المُخْتَلِفِينَ. هَذِهِ الاِخْتِلَافَاتُ قَدْ تَكُونُ ذَاتَ أَهَمِيَّةٍ لِأَطِبَّاءِ الأَسْنَانِ وَالجَرَّاحِينَ عِنْدَ إِجْرَاءِ بَعْضِ الإِجْرَاءَاتِ.
العَلَاقَةُ بِالعَضَلَةِ الشَّدْقِيَّة
مِنَ المُهِمِّ فَهْمُ العَلَاقَةِ بَيْنَ الرَّفَاءِ الجَنَاحِيِّ الفَكِّيِّ وَالعَضَلَةِ الشَّدْقِيَّةِ. كَمَا ذُكِرَ سَابِقاً، يَتَّصِلُ الرَّفَاءُ بِالحَافَّةِ الخَلْفِيَّةِ للعَضَلَةِ الشَّدْقِيَّةِ. العَضَلَةُ الشَّدْقِيَّةُ هِيَ عَضَلَةٌ مُسْطَّحَةٌ تَقَعُ في الخَدِّ، وَتُسَاعِدُ في المَضْغِ وَالبَلْعِ وَالنُّطْقِ. يَعْمَلُ الرَّفَاءُ كَنُقْطَةِ ارْتِكَازٍ لِبَعْضِ أَلْيَافِ العَضَلَةِ الشَّدْقِيَّةِ، وَبِهَذَا يُسَاعِدُ في تَثْبِيتِ العَضَلَةِ وَتَعْزِيزِ وَظَائِفِهَا.
تَطَوُّرُ الرَّفَاء
يَتَكَوَّنُ الرَّفَاءُ الجَنَاحِيُّ الفَكِّيُّ خِلَالَ فَتْرَةِ التَّطَوُّرِ الجَنِينِيّ. يَبْدَأُ الظُّهُورُ فِي المُراحِلِ الأُولَى مِنَ التَّكْوِينِ، وَيَكْتَمِلُ تَشْكِيلُهُ خِلَالَ شُهُورِ الحَيَاةِ الأُولَى. تُؤَثِّرُ العَوَامِلُ الوِرَاثِيَّةُ وَالبِيئِيَّةُ عَلَى حَجْمِ وَشَكْلِ الرَّفَاء، وَقَدْ تَتَغَيَّرُ خَصَائِصُهُ مَعَ تَقَدُّمِ العُمْرِ.
التَّشْخِيصُ وَالتَّقْيِيم
عَادَةً مَا يَظْهَرُ الرَّفَاءُ الجَنَاحِيُّ الفَكِّيُّ كَمَعْلَمٍ تَشْرِيحِيٍّ وَاضِحٍ في الفَمِ. يُمْكِنُ لِأَطِبَّاءِ الأَسْنَانِ وَأَطِبَّاءِ الفَمِ تَقْيِيمُهُ بِالفَحْصِ البَصَرِيِّ، خَاصَّةً عِنْدَ فَتْحِ الفَمِ وَسَحْبِ الخَدِّ. في بَعْضِ الحَالَاتِ، قَدْ تُسْتَخْدَمُ صُوَرُ الأَشِعَّةِ السَّيْنِيَّةِ أَوْ الفُحُوصَاتُ التَّشْخِيصِيَّةُ الأُخْرَى لِتَقْيِيمِ المِنْطَقَةِ وَاسْتِبْعَادِ أَيِّ حَالاتٍ مَرَضِيَّةٍ مُحْتَمَلَةٍ.
الرَّفَاءُ الجَنَاحِيُّ الفَكِّيُّ وَالحَقْن
يَعْرِفُ أَطِبَّاءُ الأَسْنَانِ وَالجَرَّاحُونَ الرَّفَاءَ الجَنَاحِيَّ الفَكِّيَّ بِأَنَّهُ مَعْلَمٌ تَشْرِيحِيٌّ مُهِمٌّ خِلَالَ حَقْنِ المُخَدِّرِ المَوْضِعِيِّ. تُسْتَخْدَمُ هَذِهِ النُّقْطَةُ كَمُرْجِعٍ لِتَحْدِيدِ مَوْقِعِ العَصَبِ الفَكِّيِّ السُّفْلِيِّ، وَالَّذِي يَجِبُ تَخْدِيرُهُ لِتَخْفِيفِ الأَلَمِ أثْنَاءَ الإِجْرَاءَاتِ التَّشْخِيصِيَّةِ أَوِ الجِرَاحِيَّةِ. تَتَطَلَّبُ هَذِهِ العَمَلِيَّةُ الدِّقَّةَ وَالدَّرَايَةَ لِتَجَنُّبِ الآثَارِ الجَانِبِيَّةِ المُحْتَمَلَةِ، كَإِصَابَةِ الأَوْعِيَةِ الدَّمَوِيَّةِ أَوْ الأَعْصَابِ.
المُضَاعَفَاتُ المُحْتَمَلَةُ
عَلَى الرَّغْمِ مِنْ أَنَّ الرَّفَاءَ الجَنَاحِيَّ الفَكِّيَّ ليْسَ عُرْضَةً لِلإِصَابَاتِ بِشَكْلٍ مُبَاشِرٍ، إِلَّا أَنَّ بَعْضَ المُضَاعَفَاتِ قَدْ تَحْدُثُ في المِنْطَقَةِ المحيطة. مِنَ المُضَاعَفَاتِ المُحْتَمَلَةِ:
- النَّزِيفُ: قَدْ يَحْدُثُ النَّزِيفُ نَتِيجَةَ إِصَابَةِ الأَوْعِيَةِ الدَّمَوِيَّةِ خِلَالَ الإِجْرَاءَاتِ الجِرَاحِيَّةِ أَوْ الحَقْنِ.
- العَدْوَى: كَأَيِّ إِجْرَاءٍ جِرَاحِيٍّ، هُنَاكَ خَطَرٌ طَفِيفٌ للإِصَابَةِ بالعَدْوَى.
- تَلَفُ الأَعْصَابِ: نَادِراً مَا قَدْ يَحْدُثُ تَلَفٌ لِلأَعْصَابِ المُحِيطَةِ، ممَّا قَدْ يُؤَدِّي إِلَى تَنَمُّلٍ أَوْ أَلَمٍ.
الرَّفَاءُ الجَنَاحِيُّ الفَكِّيُّ وَالعِلاَجُ الطِّبِّيُّ
لاَ يَتَطَلَّبُ الرَّفَاءُ الجَنَاحِيُّ الفَكِّيُّ بِحَدِّ ذَاتِهِ أَيَّ عِلاَجٍ مُبَاشِرٍ، إِلَّا إِذَا كَانَ مُتَأَثِّراً بِحَالَةٍ مَرَضِيَّةٍ. في حَالَاتِ الإِلْتِهَابَاتِ أَوِ الأَوْرَامِ، قَدْ يَتَطَلَّبُ الأَمْرُ تَدَخُّلاً طِبِّيّاً مُنَاسِباً، كَتَنَاوُلِ المُضَادَّاتِ الحَيَوِيَّةِ أَوْ إِجْرَاءِ العَمَلِيَّاتِ الجِرَاحِيَّةِ لإِزَالَةِ الأَوْرَامِ. يُنْصَحُ بِالمُرَاجَعَةِ الدَّوْرِيَّةِ لِطَبِيبِ الأَسْنَانِ أَوْ طَبِيبِ الفَمِ لِلتَّأَكُّدِ مِنْ صِحَّةِ الفَمِ وَالكَشْفِ المُبَكِّرِ عَنْ أَيِّ مُشْكِلَاتٍ مُحْتَمَلَةٍ.
خاتمة
بِإِيجَازٍ، الرَّفَاءُ الجَنَاحِيُّ الفَكِّيُّ هُوَ جُزْءٌ مُهِمٌّ مِنَ البِنْيَةِ التَّشْرِيحِيَّةِ للفَمِ، وَيَلْعَبُ دَوْراً حَيَوِيّاً في عَمَلِيَّاتِ البَلْعِ وَالحَدِيثِ. هُوَ نُقْطَةُ مَرْجِعٍ تَشْرِيحِيَّةٍ مُهِمَّةٌ لِأَطِبَّاءِ الأَسْنَانِ وَالجَرَّاحِينَ. عَلَى الرَّغْمِ مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ عُرْضَةً لِلإِصَابَاتِ، إِلَّا أَنَّهُ قَدْ يَتَأَثَّرُ بِبَعْضِ الحَالاتِ المَرَضِيَّةِ وَالإِجْرَاءَاتِ الجِرَاحِيَّةِ. فَهْمُ التَّشْرِيحِ وَالوِظَائِفِ وَالأَهَمِيَّةِ السَّرِيرِيَّةِ للرَّفَاءِ الجَنَاحِيِّ الفَكِّيِّ ضَرُورِيٌّ لِلرِّعَايَةِ الصِّحِّيَّةِ الجَيِّدَةِ لِلْفَمِ وَالأَسْنَانِ.