<![CDATA[
نشأته وبداياته العسكرية
ولد فيليكو كادييفيتش في 21 نوفمبر 1925 في أوغوستوفو، بالقرب من بلدة إيموتسكي في كرواتيا، التي كانت جزءًا من مملكة يوغوسلافيا في ذلك الوقت. كان والده من أصل صربي وأمه من أصل كرواتي. انضم كادييفيتش إلى الحركة الشيوعية في سن مبكرة، وشارك في الحرب العالمية الثانية كجزء من حركة المقاومة اليوغوسلافية بقيادة جوزيب بروز تيتو. خلال الحرب، أظهر كادييفيتش شجاعة وشخصية قيادية، مما ساهم في صعوده السريع في صفوف الجيش.
بعد انتهاء الحرب، واصل كادييفيتش مسيرته العسكرية، وتلقى تعليمًا عاليًا في الأكاديمية العسكرية. شغل مناصب قيادية مختلفة في الجيش اليوغوسلافي، وصعد في الرتب بسرعة. كان معروفًا بولائه الشديد للحزب الشيوعي اليوغوسلافي، وبإيمانه القوي بالوحدة اليوغوسلافية.
مسيرته المهنية في الجيش
تبوأ كادييفيتش مناصب قيادية مهمة في الجيش اليوغوسلافي. تخرج من أكاديمية القيادة والأركان في عام 1963، ثم أكمل دراساته في الكلية الحربية العليا. شغل منصب قائد الفرقة في عدة مناسبات، وتولى قيادة المنطقة العسكرية في زغرب. في عام 1985، تمت ترقيته إلى رتبة جنرال جيش، وأصبح في عام 1988 وزير الدفاع الاتحادي ليوغوسلافيا. كان كادييفيتش من المقربين من الرئيس اليوغوسلافي آنذاك، سلوبودان ميلوسيفيتش، ولعب دورًا محوريًا في سياسات الحكومة.
خلال فترة توليه منصب وزير الدفاع، شهدت يوغوسلافيا فترة من التوترات المتزايدة بين المجموعات العرقية المختلفة. تصاعدت النزاعات العرقية في جميع أنحاء البلاد، وبلغت ذروتها في اندلاع حرب أهلية دموية. اتُهم كادييفيتش بلعب دور في التخطيط والقيادة لعمليات الجيش اليوغوسلافي، التي استهدفت في الغالب غير الصرب في كرواتيا والبوسنة والهرسك. يُتهم بتورطه في العديد من الجرائم، بما في ذلك القتل الجماعي، والتطهير العرقي، وانتهاكات حقوق الإنسان.
الحرب الأهلية اليوغوسلافية
عندما بدأت الحروب اليوغوسلافية في أوائل التسعينيات، كان كادييفيتش في موقع قيادي مركزي. بصفته وزير الدفاع، كان مسؤولًا عن إدارة الجيش اليوغوسلافي (JNA)، الذي كان يمثل قوة عسكرية كبيرة. لعب الجيش دورًا رئيسيًا في الصراعات، خاصة في كرواتيا والبوسنة والهرسك. اتُهم كادييفيتش بالمسؤولية عن أوامر القتال والعمليات التي أدت إلى سقوط ضحايا مدنيين وتدمير البنية التحتية.
كانت إحدى أبرز القضايا المتعلقة بكادييفيتش هي حصار مدينة فوكوفار في كرواتيا عام 1991. شهدت هذه المعركة، التي استمرت ثلاثة أشهر، تدمير المدينة وقتل المئات من المدنيين. اتُهم كادييفيتش بالتورط في التخطيط والإشراف على الحصار، ويُزعم أنه أصدر أوامر بقتل أسرى الحرب. كما اتُهم بالمشاركة في عمليات التطهير العرقي، التي تهدف إلى إبعاد غير الصرب من المناطق التي يسيطر عليها الصرب.
في البوسنة والهرسك، شارك الجيش اليوغوسلافي في عمليات قتالية في عدة مدن، بما في ذلك سراييفو. كان للحصار المطول لسراييفو، والذي استمر لأكثر من ثلاث سنوات، عواقب وخيمة على السكان المدنيين. اتُهم كادييفيتش بالمشاركة في التخطيط للعمليات العسكرية في البوسنة والهرسك، والتي أدت إلى مقتل الآلاف وتشريد مئات الآلاف من السكان.
المسؤولية والاتهامات
بعد انتهاء الحروب اليوغوسلافية، واجه كادييفيتش اتهامات بارتكاب جرائم حرب. في عام 2001، وجهت إليه المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة (ICTY) لائحة اتهام بتهمة ارتكاب جرائم حرب في كرواتيا. شملت الاتهامات انتهاكات جسيمة لاتفاقيات جنيف، بما في ذلك القتل المتعمد للمدنيين، والتعذيب، والتدمير المتعمد للممتلكات.
على الرغم من هذه الاتهامات، لم يمثل كادييفيتش أبدًا أمام المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة. في عام 2008، سعى إلى الحصول على علاج طبي في روسيا، وهرب من كرواتيا التي كانت تسعى إلى اعتقاله. توفي كادييفيتش في موسكو في 2 نوفمبر 2014، عن عمر يناهز 88 عامًا، قبل أن يتم محاكمته على التهم الموجهة إليه.
تثير قضية كادييفيتش أسئلة مهمة حول المسؤولية عن جرائم الحرب، والعدالة الدولية. في حين أن الكثيرين يعتبرونه مجرم حرب مسؤولًا عن المعاناة الهائلة، يرى آخرون أنه ضحية للظروف السياسية المعقدة التي أحاطت بانهيار يوغوسلافيا.
الجدل حول دوره
تثير شخصية فيليكو كادييفيتش جدلاً واسعًا. يراه البعض مجرم حرب، يتحمل مسؤولية كبيرة عن جرائم الحرب والانتهاكات التي ارتكبت خلال صراعات يوغوسلافيا. يستشهد هؤلاء الأشخاص بدوره كوزير للدفاع، وقيادته للجيش اليوغوسلافي في العمليات التي أسفرت عن سقوط ضحايا مدنيين وتدمير البنية التحتية. يشيرون إلى حصار فوكوفار، والعمليات في البوسنة والهرسك، كأمثلة على جرائمه المفترضة.
من ناحية أخرى، يرى البعض الآخر كادييفيتش كشخصية تاريخية معقدة، ربما كان يتبع أوامر سياسية فوق سلطته. يجادلون بأن كادييفيتش كان ملتزمًا بالدفاع عن وحدة يوغوسلافيا، وأنه لم يكن لديه دافع شخصي لارتكاب جرائم حرب. كما يشيرون إلى أن الحرب الأهلية اليوغوسلافية كانت صراعًا معقدًا، وأن جميع الأطراف ارتكبت انتهاكات.
مهما كانت وجهة النظر، فإن دور كادييفيتش في الحروب اليوغوسلافية لا يزال موضوعًا للبحث والنقاش. يستمر المؤرخون والباحثون في فحص الأدلة المتاحة، في محاولة لفهم دوره الحقيقي وتأثيره على الأحداث.
تأثيره على المنطقة
كان لكادييفيتش تأثير كبير على منطقة البلقان، وخاصة خلال الفترة التي سبقت انهيار يوغوسلافيا وأثناء الحروب اليوغوسلافية. بصفته وزير الدفاع، لعب دورًا حاسمًا في تشكيل السياسات العسكرية والأمنية ليوغوسلافيا. كانت قراراته وتصرفاته ذات عواقب وخيمة على السكان المدنيين، وأسهمت في تفاقم التوترات العرقية والصراعات.
بعد وفاته، استمرت ذكراه في إثارة الجدل في المنطقة. بالنسبة للبعض، فهو رمز للمأساة والمعاناة التي عانت منها يوغوسلافيا خلال الحرب. بالنسبة للآخرين، فهو يمثل شخصية تاريخية معقدة، كانت تحاول حماية وحدة البلاد. بغض النظر عن وجهة النظر، فإن تأثير كادييفيتش على منطقة البلقان لا يمكن إنكاره.
إرثه
إن إرث فيليكو كادييفيتش معقد ومثير للجدل. بالنسبة للبعض، فهو مجرم حرب مسؤول عن ارتكاب فظائع ضد المدنيين. بالنسبة للآخرين، فهو شخصية تاريخية معقدة، ربما كانت ضحية لظروف سياسية معقدة. بغض النظر عن وجهة النظر، فإن دوره في الحروب اليوغوسلافية ترك بصمة دائمة على المنطقة.
لا يزال إرث كادييفيتش يتردد صداه حتى اليوم في المنطقة، حيث تستمر المناقشات حول المسؤولية عن جرائم الحرب، والعدالة الدولية. تذكره بعض المجتمعات كرمز للمعاناة والدمار، بينما يدافع عنه آخرون كشخصية وطنية كانت تحاول الحفاظ على وحدة البلاد. سيظل إرث كادييفيتش موضوعًا للبحث والنقاش لسنوات قادمة.
خاتمة
فيليكو كادييفيتش كان جنرالًا صربيًا لعب دورًا محوريًا في تاريخ يوغوسلافيا. بصفته وزير الدفاع، كان مسؤولًا عن قيادة الجيش اليوغوسلافي خلال فترة الحرب الأهلية. اتُهم كادييفيتش بارتكاب جرائم حرب، بما في ذلك المشاركة في حصار فوكوفار والعمليات في البوسنة والهرسك. على الرغم من الاتهامات الموجهة ضده، لم يمثل كادييفيتش أبدًا أمام المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة. يمثل إرثه موضوعًا مثيرًا للجدل، حيث يستمر النقاش حول دوره ومسؤوليته عن الأحداث المأساوية التي وقعت خلال الحروب اليوغوسلافية.