خلفية الاتفاقية
في منتصف القرن العشرين، كانت ظروف عمل البحارة غالبًا ما تكون قاسية وغير منتظمة. فترات العمل الطويلة، والغياب عن المنزل لفترات ممتدة، والظروف الخطرة في البحر، كل ذلك ساهم في إجهاد كبير على البحارة. لم يكن الحصول على إجازات مدفوعة الأجر حقًا مضمونًا، مما أثر سلبًا على رفاهية البحارة وقدرتهم على الحفاظ على حياة اجتماعية وعائلية صحية. استجابة لهذه الظروف، سعت منظمة العمل الدولية إلى وضع معايير دنيا تضمن حقوقًا أساسية للبحارة، بما في ذلك الحق في إجازة مدفوعة الأجر.
أهداف الاتفاقية
تهدف اتفاقية الإجازات المدفوعة الأجر (بحارة)، 1946 بشكل أساسي إلى تحقيق الأهداف التالية:
- ضمان حق البحارة في الحصول على إجازات مدفوعة الأجر: تهدف الاتفاقية إلى توفير فترة راحة مضمونة للبحارة بعد فترات عمل طويلة في البحر.
- تحسين ظروف عمل البحارة: من خلال توفير إجازات مدفوعة الأجر، تساهم الاتفاقية في تحسين نوعية حياة البحارة وتعزيز رفاهيتهم.
- توحيد المعايير الدولية: تسعى الاتفاقية إلى وضع معايير دولية موحدة فيما يتعلق بالإجازات المدفوعة الأجر للبحارة، مما يضمن المساواة في الحقوق عبر مختلف الدول.
- تعزيز السلامة البحرية: من خلال توفير فترات راحة كافية للبحارة، تساهم الاتفاقية في تقليل الإرهاق وتحسين السلامة على متن السفن.
أحكام الاتفاقية
تتضمن اتفاقية الإجازات المدفوعة الأجر (بحارة)، 1946 عددًا من الأحكام الرئيسية التي تحدد حقوق البحارة والتزامات الدول الأطراف. تشمل هذه الأحكام:
- الحق في الإجازة المدفوعة الأجر: تحدد الاتفاقية الحد الأدنى لعدد أيام الإجازة المدفوعة الأجر التي يحق للبحارة الحصول عليها، والتي تختلف حسب مدة الخدمة.
- احتساب مدة الخدمة: تحدد الاتفاقية كيفية احتساب مدة الخدمة لتحديد استحقاق البحار للإجازة المدفوعة الأجر.
- دفع الأجر خلال الإجازة: تنص الاتفاقية على أن البحارة يجب أن يتلقوا أجرًا كاملاً خلال فترة إجازتهم، بما في ذلك جميع المزايا المستحقة.
- كيفية أخذ الإجازة: تحدد الاتفاقية الشروط والإجراءات المتعلقة بأخذ الإجازة، بما في ذلك الإشعار المسبق وموافقة صاحب العمل.
- عدم جواز التنازل عن الحق في الإجازة: تنص الاتفاقية على أنه لا يجوز للبحارة التنازل عن حقهم في الإجازة المدفوعة الأجر مقابل تعويض مالي أو أي شكل آخر من أشكال التعويض.
- مسؤوليات الدول الأطراف: تحدد الاتفاقية مسؤوليات الدول الأطراف في تنفيذ أحكام الاتفاقية، بما في ذلك سن التشريعات اللازمة وإنشاء آليات للرقابة والتفتيش.
الدول الأطراف في الاتفاقية
انضمت العديد من الدول إلى اتفاقية الإجازات المدفوعة الأجر (بحارة)، 1946، مما يعكس الاعتراف الدولي بأهمية حماية حقوق البحارة. ومع ذلك، فإن عدد الدول الأطراف أقل مقارنة ببعض اتفاقيات منظمة العمل الدولية الأخرى. قد يكون ذلك بسبب التغيرات في صناعة النقل البحري وظهور اتفاقيات أحدث وأكثر شمولاً، مثل اتفاقية العمل البحري، 2006.
اتفاقية العمل البحري، 2006
تعتبر اتفاقية العمل البحري، 2006 (MLC, 2006) بمثابة “الركيزة الرابعة” للنظام القانوني البحري الدولي، إلى جانب الاتفاقيات الرئيسية للمنظمة البحرية الدولية (IMO) المتعلقة بالسلامة والأمن البحريين وحماية البيئة البحرية. تهدف اتفاقية العمل البحري إلى توفير حماية شاملة لحقوق البحارة وتحسين ظروف عملهم ومعيشتهم. تغطي الاتفاقية مجموعة واسعة من القضايا، بما في ذلك الإجازات المدفوعة الأجر، وظروف العمل، والصحة والسلامة، والرعاية الاجتماعية، والحماية الاجتماعية.
تعتبر اتفاقية العمل البحري، 2006 تحديثًا وتوحيدًا لأكثر من 68 اتفاقية وتوصية سابقة لمنظمة العمل الدولية المتعلقة بالبحارة. بالنسبة للدول التي صدقت على اتفاقية العمل البحري، فإنها تحل محل اتفاقية الإجازات المدفوعة الأجر (بحارة)، 1946 وغيرها من الاتفاقيات القديمة المتعلقة بظروف عمل البحارة.
تأثير الاتفاقية وأهميتها
على الرغم من أن اتفاقية الإجازات المدفوعة الأجر (بحارة)، 1946 قد تم تجاوزها إلى حد كبير من خلال اتفاقية العمل البحري، 2006، إلا أنها لعبت دورًا هامًا في تعزيز حقوق البحارة وتحسين ظروف عملهم. ساهمت الاتفاقية في زيادة الوعي بأهمية توفير إجازات مدفوعة الأجر للبحارة، وساعدت في وضع معايير دنيا لحماية حقوقهم. كما كانت الاتفاقية بمثابة حجر الزاوية في تطوير معايير دولية أكثر شمولاً لحماية حقوق البحارة، مثل اتفاقية العمل البحري، 2006.
التحديات والصعوبات
على الرغم من الجهود المبذولة لتعزيز حقوق البحارة، لا تزال هناك تحديات وصعوبات تواجه تنفيذ اتفاقية الإجازات المدفوعة الأجر (بحارة)، 1946 واتفاقية العمل البحري، 2006. تشمل هذه التحديات:
- صعوبة الرقابة والتفتيش: نظرًا لطبيعة العمل في البحر، قد يكون من الصعب مراقبة ظروف عمل البحارة والتأكد من امتثال أصحاب العمل لأحكام الاتفاقيات.
- العمالة غير النظامية: يعمل العديد من البحارة في وظائف غير نظامية أو من خلال وكالات توظيف خاصة، مما يجعل من الصعب حماية حقوقهم.
- نقص الوعي: قد لا يكون العديد من البحارة على دراية بحقوقهم أو كيفية المطالبة بها.
- الضغوط الاقتصادية: قد يواجه أصحاب العمل ضغوطًا اقتصادية لتقليل التكاليف، مما قد يؤدي إلى انتهاك حقوق البحارة.
سبل تعزيز حقوق البحارة
للتغلب على التحديات والصعوبات المذكورة أعلاه، هناك حاجة إلى اتخاذ تدابير إضافية لتعزيز حقوق البحارة وضمان تنفيذ فعال لاتفاقية الإجازات المدفوعة الأجر (بحارة)، 1946 واتفاقية العمل البحري، 2006. تشمل هذه التدابير:
- تعزيز الرقابة والتفتيش: يجب على الدول الأطراف تعزيز آليات الرقابة والتفتيش للتأكد من امتثال أصحاب العمل لأحكام الاتفاقيات.
- توفير التدريب والتوعية: يجب توفير التدريب والتوعية للبحارة وأصحاب العمل حول حقوقهم والتزاماتهم.
- تعزيز التعاون الدولي: يجب على الدول التعاون مع بعضها البعض لتبادل المعلومات والخبرات في مجال حماية حقوق البحارة.
- تمكين منظمات البحارة: يجب دعم منظمات البحارة وتمكينها من تمثيل مصالح أعضائها والدفاع عن حقوقهم.
- تطبيق العقوبات: يجب تطبيق عقوبات فعالة على أصحاب العمل الذين ينتهكون حقوق البحارة.
خاتمة
اتفاقية الإجازات المدفوعة الأجر (بحارة)، 1946، على الرغم من أنها قد تكون قديمة، إلا أنها تمثل علامة فارقة في تاريخ حماية حقوق البحارة. ساهمت الاتفاقية في تحسين ظروف عمل البحارة وزيادة الوعي بأهمية توفير إجازات مدفوعة الأجر لهم. ومع ذلك، لا تزال هناك تحديات وصعوبات تواجه تنفيذ الاتفاقية واتفاقية العمل البحري، 2006. للتغلب على هذه التحديات، هناك حاجة إلى اتخاذ تدابير إضافية لتعزيز حقوق البحارة وضمان تنفيذ فعال للاتفاقيات.