خلفية تاريخية
في أوائل القرن العشرين، كانت ظروف عمل البحارة غالبًا ما تكون قاسية وصعبة. كان البحارة يعملون لساعات طويلة في البحر، بعيدًا عن عائلاتهم ومجتمعاتهم، وغالبًا ما يفتقرون إلى الحماية الكافية. أدركت منظمة العمل الدولية (ILO) الحاجة إلى تحسين ظروف عمل البحارة وتعزيز رفاهيتهم، ولهذا السبب بدأت في تطوير معايير عمل دولية للبحارة.
كانت اتفاقية الإجازات مدفوعة الأجر (البحر)، 1936 جزءًا من هذه الجهود. تم اعتمادها في المؤتمر البحري لمنظمة العمل الدولية في جنيف في عام 1936. هدفت الاتفاقية إلى وضع حد أدنى لمعايير الإجازات السنوية مدفوعة الأجر للبحارة، مع الأخذ في الاعتبار طبيعة عملهم الفريدة والتحديات التي يواجهونها.
أهداف الاتفاقية
تهدف اتفاقية الإجازات مدفوعة الأجر (البحر)، 1936 إلى تحقيق الأهداف التالية:
- ضمان حصول البحارة على إجازات سنوية مدفوعة الأجر: تهدف الاتفاقية إلى ضمان حصول البحارة على إجازات سنوية مدفوعة الأجر، مما يتيح لهم الحصول على الراحة والاستجمام وقضاء الوقت مع عائلاتهم.
- تحسين ظروف عمل البحارة: من خلال توفير إجازات مدفوعة الأجر، تهدف الاتفاقية إلى تحسين ظروف عمل البحارة وتعزيز رفاهيتهم.
- تعزيز معايير العمل الدولية: تهدف الاتفاقية إلى تعزيز معايير العمل الدولية للبحارة، مما يضمن حصولهم على معاملة عادلة وظروف عمل لائقة.
أحكام الاتفاقية
تتضمن اتفاقية الإجازات مدفوعة الأجر (البحر)، 1936 الأحكام الرئيسية التالية:
- الحق في الإجازة السنوية مدفوعة الأجر: تنص الاتفاقية على أن لكل شخص يعمل كبحار الحق في الحصول على إجازة سنوية مدفوعة الأجر بعد إكمال فترة خدمة محددة.
- مدة الإجازة: تحدد الاتفاقية الحد الأدنى لمدة الإجازة السنوية مدفوعة الأجر، والتي يجب أن تكون متناسبة مع طول فترة الخدمة.
- الأجر خلال الإجازة: تنص الاتفاقية على أن البحارة يجب أن يحصلوا على أجر كامل خلال فترة إجازتهم، بما في ذلك جميع البدلات والمزايا الأخرى التي يحق لهم الحصول عليها.
- وقت الإجازة: تحدد الاتفاقية الشروط المتعلقة بوقت الإجازة، بما في ذلك الحق في اختيار وقت الإجازة بالتنسيق مع صاحب العمل.
- عدم التنازل عن الحق في الإجازة: تنص الاتفاقية على أنه لا يجوز للبحارة التنازل عن حقهم في الحصول على إجازة سنوية مدفوعة الأجر.
أسباب عدم دخول الاتفاقية حيز التنفيذ
لم تدخل اتفاقية الإجازات مدفوعة الأجر (البحر)، 1936 حيز التنفيذ بسبب عدم تصديق العدد الكافي من الدول عليها. هناك عدة أسباب محتملة لعدم التصديق، بما في ذلك:
- التحديات الاقتصادية: ربما واجهت بعض الدول تحديات اقتصادية جعلت من الصعب عليها الوفاء بالتزامات الاتفاقية، مثل دفع أجور البحارة خلال فترة إجازتهم.
- المعارضة من أصحاب العمل: ربما عارض أصحاب العمل في بعض الدول الاتفاقية، خوفًا من أن تؤدي إلى زيادة تكاليف العمالة وتقليل القدرة التنافسية.
- الظروف السياسية: ربما أدت الظروف السياسية في بعض الدول إلى تأخير أو منع التصديق على الاتفاقية.
- تداخل مع اتفاقيات أخرى: قد يكون هناك تداخل بين هذه الاتفاقية واتفاقيات أخرى لمنظمة العمل الدولية، ما أدى إلى إعطاء الأولوية لاتفاقيات أخرى.
أهمية الاتفاقية على الرغم من عدم نفاذها
على الرغم من أن اتفاقية الإجازات مدفوعة الأجر (البحر)، 1936 لم تدخل حيز التنفيذ، إلا أنها لا تزال ذات أهمية لعدة أسباب:
- تمثل معيارًا دوليًا: تمثل الاتفاقية معيارًا دوليًا للإجازات مدفوعة الأجر للبحارة، وقد استخدمت كنموذج لتطوير قوانين وسياسات وطنية في العديد من الدول.
- تؤكد على أهمية رفاهية البحارة: تؤكد الاتفاقية على أهمية رفاهية البحارة وظروف عملهم، وتشجع الدول على اتخاذ التدابير اللازمة لتحسين هذه الظروف.
- ساهمت في تطوير معايير عمل دولية أخرى: ساهمت الاتفاقية في تطوير معايير عمل دولية أخرى للبحارة، مثل اتفاقية العمل البحري، 2006، التي دخلت حيز التنفيذ في عام 2013.
اتفاقية العمل البحري، 2006
تعتبر اتفاقية العمل البحري، 2006 (MLC, 2006) بمثابة “الركيزة الرابعة” للنظام التنظيمي البحري الدولي وتستند إلى الاتفاقيات القائمة لمنظمة العمل الدولية، وتجمعها في وثيقة واحدة. تحدد الاتفاقية حقوق البحارة في العمل اللائق وتغطي مجموعة واسعة من الموضوعات، بما في ذلك:
- الحد الأدنى لسن العمل
- الفحوصات الطبية
- المؤهلات
- عقود العمل
- ساعات العمل والراحة
- الحق في الإجازة
- الإعادة إلى الوطن
- الرعاية الطبية
- خدمات الرفاهية
- الضمان الاجتماعي
تعتبر اتفاقية العمل البحري، 2006 تحديثًا شاملاً لمعايير العمل الدولية للبحارة، وتوفر إطارًا قانونيًا قويًا لحماية حقوقهم وتعزيز ظروف عملهم. دخلت الاتفاقية حيز التنفيذ في عام 2013، وقد صدقت عليها أكثر من 90 دولة تمثل أكثر من 90% من إجمالي الحمولة الإجمالية للسفن في العالم.
الجهود الحديثة لتحسين ظروف عمل البحارة
تستمر الجهود الدولية لتحسين ظروف عمل البحارة وتعزيز رفاهيتهم. تشمل هذه الجهود:
- تطبيق اتفاقية العمل البحري، 2006: تعمل منظمة العمل الدولية والحكومات والمنظمات البحرية على تطبيق اتفاقية العمل البحري، 2006 بشكل فعال لضمان حماية حقوق البحارة وتعزيز ظروف عملهم.
- تطوير معايير عمل دولية جديدة: تواصل منظمة العمل الدولية تطوير معايير عمل دولية جديدة للبحارة لمعالجة القضايا الناشئة وتحسين ظروف عملهم.
- تقديم الدعم للبحارة: تقدم العديد من المنظمات الدعم للبحارة، بما في ذلك المساعدة القانونية والطبية والاجتماعية.
- رفع مستوى الوعي: تهدف الحملات الإعلامية إلى رفع مستوى الوعي حول ظروف عمل البحارة والتحديات التي يواجهونها.
تأثير الأتمتة والتكنولوجيا على عمل البحارة
يشهد قطاع النقل البحري تحولًا كبيرًا بسبب الأتمتة والتكنولوجيا المتقدمة. على الرغم من أن هذه التطورات تعد بزيادة الكفاءة والسلامة، إلا أنها تثير أيضًا مخاوف بشأن مستقبل عمل البحارة. من المتوقع أن تؤدي الأتمتة إلى تقليل الحاجة إلى بعض الوظائف التقليدية على متن السفن، في حين ستتطلب وظائف أخرى مهارات جديدة تتعلق بتشغيل وصيانة الأنظمة الآلية.
التحديات والفرص:
- فقدان الوظائف: قد يؤدي انتشار السفن ذاتية القيادة إلى تقليل عدد البحارة المطلوبين على متن السفن.
- تغير المهارات: سيتعين على البحارة اكتساب مهارات جديدة في مجالات مثل البرمجة وصيانة الروبوتات والتحكم عن بعد.
- فرص جديدة: قد تخلق الأتمتة فرصًا جديدة في مجالات مثل تطوير وصيانة الأنظمة الآلية، وكذلك في مراقبة السفن عن بعد.
خاتمة
اتفاقية الإجازات مدفوعة الأجر (البحر)، 1936، على الرغم من عدم دخولها حيز التنفيذ، تمثل علامة بارزة في الجهود المبذولة لتحسين ظروف عمل البحارة. الاتفاقية تؤكد على أهمية رفاهية البحارة والحق في الإجازات مدفوعة الأجر. اتفاقية العمل البحري، 2006، تمثل إطارًا قانونيًا شاملاً لحماية حقوق البحارة، ويستمر العمل على تحسين ظروف عملهم من خلال تطبيق الاتفاقية وتطوير معايير جديدة وتقديم الدعم للبحارة. يجب أن تضع الجهود المستقبلية في الاعتبار تأثير الأتمتة والتكنولوجيا على عمل البحارة، مع التركيز على تطوير المهارات وتوفير فرص عمل جديدة.