مقدمة
العصر الطباشيري هو فترة جيولوجية امتدت من حوالي 145 إلى 66 مليون سنة مضت. إنه العصر الثالث والأخير من حقبة الحياة الوسطى، ويأتي بعد العصر الجوراسي ويسبق العصر الباليوجيني، وهو الفترة الأولى من حقبة الحياة الحديثة. يتميز العصر الطباشيري بأنه أطول فترة في حقبة الدهر الوسيط بأكمله.
الأصل الاشتقاقي للاسم
اسم “الطباشيري” مشتق من الكلمة اللاتينية “creta”، والتي تعني “الطباشير”. وقد أطلق هذا الاسم على هذه الفترة بسبب الرواسب الطباشيرية الواسعة الموجودة في أوروبا الغربية، والتي تشكلت خلال هذه الحقبة. تتكون هذه الرواسب بشكل أساسي من هياكل كائنات بحرية دقيقة تسمى المنخربات والطحالب الجيرية النانوية.
التقسيمات الفرعية للعصر الطباشيري
ينقسم العصر الطباشيري إلى عصرين فرعيين رئيسيين، وهما:
- الطباشيري المبكر (Lower Cretaceous): امتد من حوالي 145 إلى 100.5 مليون سنة مضت.
- الطباشيري المتأخر (Upper Cretaceous): امتد من حوالي 100.5 إلى 66 مليون سنة مضت.
يتم تقسيم كل عصر فرعي بدوره إلى عدة عصور فرعية أصغر، بناءً على التغيرات في الطبقات الصخرية والمستحاثات.
الأحداث الجيولوجية والمناخية
شهد العصر الطباشيري العديد من الأحداث الجيولوجية والمناخية الهامة، بما في ذلك:
- ارتفاع مستوى سطح البحر: كان مستوى سطح البحر خلال العصر الطباشيري أعلى بكثير مما هو عليه اليوم، مما أدى إلى غمر مساحات واسعة من القارات.
- توسع المحيط الأطلسي: استمر المحيط الأطلسي في التوسع خلال العصر الطباشيري، مما أدى إلى انفصال أمريكا الشمالية عن أوروبا.
- النشاط البركاني المكثف: شهد العصر الطباشيري نشاطًا بركانيًا مكثفًا، خاصة في الهند، حيث تشكلت مصاطب الدكن البركانية.
- مناخ دافئ: كان المناخ خلال العصر الطباشيري دافئًا بشكل عام، مع عدم وجود غطاء جليدي قطبي كبير.
الحياة في العصر الطباشيري
شهد العصر الطباشيري تطورًا وازدهارًا كبيرين في الحياة النباتية والحيوانية. من أهم الكائنات التي عاشت خلال هذه الفترة:
النباتات
ظهرت النباتات المزهرة (كاسيات البذور) خلال العصر الطباشيري، وسرعان ما أصبحت المجموعة النباتية المهيمنة على الأرض. كما ازدهرت النباتات الصنوبرية والسيكادية أيضًا.
الحيوانات اللافقارية
كانت البحار تعج بمجموعة متنوعة من اللافقاريات، بما في ذلك الأمونيتات، والبليمنايتات، والمرجان، والإسفنج، وشوكيات الجلد. لعبت المنخربات والطحالب الجيرية النانوية دورًا هامًا في تكوين الرواسب الطباشيرية.
الأسماك
تطورت الأسماك العظمية الحديثة خلال العصر الطباشيري، وأصبحت المجموعة المهيمنة من الأسماك في المحيطات.
البرمائيات
كانت البرمائيات موجودة خلال العصر الطباشيري، ولكنها لم تكن متنوعة أو وفيرة مثلما كانت في العصور الجيولوجية السابقة.
الزواحف
هيمنت الزواحف على البيئات البرية والبحرية خلال العصر الطباشيري. من بين الزواحف الأكثر شهرة في هذه الفترة:
- الديناصورات: كانت الديناصورات المجموعة المهيمنة من الحيوانات البرية خلال العصر الطباشيري. شملت الديناصورات آكلات اللحوم مثل التيرانوصور ركس والفيولوسيرابتور، والديناصورات آكلة النباتات مثل التريسيراتوبس والأنكيلوصور.
- الزواحف البحرية: ازدهرت الزواحف البحرية مثل الموزاصورات والبليزوصورات خلال العصر الطباشيري، وأصبحت من بين الحيوانات المفترسة الرئيسية في المحيطات.
- التيروصورات: كانت التيروصورات هي الزواحف الطائرة المهيمنة خلال العصر الطباشيري.
- السلاحف: تطورت السلاحف الحديثة خلال العصر الطباشيري.
- التماسيح: كانت التماسيح موجودة خلال العصر الطباشيري، وكانت أكثر تنوعًا مما هي عليه اليوم.
الطيور
تطورت الطيور الحديثة خلال العصر الطباشيري، وتنوعت بسرعة. ومع ذلك، فقد كانت لا تزال تشبه الديناصورات أكثر من الطيور الحديثة.
الثدييات
كانت الثدييات صغيرة وغير متنوعة خلال العصر الطباشيري، لكنها بدأت في التطور والتنوع استعدادًا لملء الفراغ البيئي الذي خلفه انقراض الديناصورات.
انقراض العصر الطباشيري-الباليوجيني
انتهى العصر الطباشيري بحدث انقراض جماعي كبير يعرف باسم انقراض العصر الطباشيري-الباليوجيني (K-Pg extinction event). أدى هذا الانقراض إلى القضاء على حوالي 76% من الأنواع النباتية والحيوانية على الأرض، بما في ذلك جميع الديناصورات غير الطيرية، والزواحف البحرية الكبيرة، والتيروصورات، والعديد من أنواع اللافقاريات.
يعتقد على نطاق واسع أن السبب الرئيسي لهذا الانقراض هو اصطدام كويكب كبير بالأرض في شبه جزيرة يوكاتان بالمكسيك. أدى الاصطدام إلى إطلاق كميات هائلة من الغبار والحطام في الغلاف الجوي، مما حجب ضوء الشمس وتسبب في انخفاض حاد في درجات الحرارة. كما أدى الاصطدام إلى حرائق غابات واسعة النطاق وأمطار حمضية، مما أدى إلى تدمير النظم البيئية وتسبب في انقراض الأنواع.
هناك نظريات أخرى تشير إلى أن النشاط البركاني المكثف في مصاطب الدكن بالهند ربما ساهم أيضًا في الانقراض، عن طريق إطلاق كميات كبيرة من الغازات الدفيئة والملوثات في الغلاف الجوي.
الأهمية الاقتصادية
تعتبر رواسب العصر الطباشيري مهمة اقتصاديًا لعدة أسباب:
- الطباشير: يستخدم الطباشير في صناعة الطلاء، والأسمنت، والورق، والمطاط.
- النفط والغاز الطبيعي: توجد العديد من حقول النفط والغاز الطبيعي في رواسب العصر الطباشيري.
- الفوسفات: تستخدم رواسب الفوسفات في صناعة الأسمدة.
خاتمة
العصر الطباشيري هو فترة حاسمة في تاريخ الأرض، شهدت تطورًا وازدهارًا كبيرين في الحياة، بالإضافة إلى حدث انقراض جماعي كبير أدى إلى تغيير مسار التطور. تركت هذه الفترة بصمات واضحة في السجل الجيولوجي والاقتصادي، ولا تزال موضوعًا للدراسة والبحث من قبل العلماء.