نشأته وحياته المبكرة
ولد ماريو سيسارينو في لشبونة في عام 1923، لعائلة تنتمي إلى الطبقة المتوسطة. بدأ اهتمامه بالأدب والفن في سن مبكرة، حيث كان يقرأ بنهم ويتعلم الرسم. تأثر في شبابه بالحركات الأدبية والفنية الطليعية التي كانت رائجة في أوروبا في ذلك الوقت، مثل الدادائية والسريالية.
التحق سيسارينو بمدرسة أنطونيو أرويو الثانوية، ثم درس في المدرسة الثانوية الصناعية التجارية. في عام 1943، التحق بمدرسة الفنون الجميلة في لشبونة، لكنه تركها بعد فترة قصيرة بسبب خلافات مع الأساتذة حول الأساليب التعليمية التقليدية.
بداياته الأدبية والفنية
بدأ سيسارينو مسيرته الأدبية في الأربعينيات من القرن الماضي، حيث نشر قصائده الأولى في مجلات أدبية مختلفة. سرعان ما لفتت قصائده انتباه النقاد والقراء على حد سواء، بسبب أسلوبها الجريء والمبتكر، وتناولها لموضوعات جديدة ومختلفة.
في عام 1947، انضم سيسارينو إلى المجموعة السريالية في لشبونة، التي كان يقودها الشاعر والرسام أنطونيو بيدرو. لعب سيسارينو دورًا هامًا في تطوير الحركة السريالية في البرتغال، وساهم في نشر أفكارها ومبادئها.
إلى جانب الشعر، اهتم سيسارينو بالرسم، وقدم أعمالًا فنية سريالية تميزت بالخيال الجامح والألوان الزاهية. أقام العديد من المعارض الفردية والجماعية لأعماله الفنية في البرتغال وخارجها.
أعماله الشعرية
تتميز أعمال سيسارينو الشعرية بتنوعها وغناها، وتجمع بين عناصر مختلفة، مثل السريالية والواقعية والرمزية. تتناول قصائده موضوعات متنوعة، مثل الحب والموت والحرية والمدينة والذاكرة. يستخدم سيسارينو في شعره لغة بسيطة وواضحة، ولكنه يضفي عليها طابعًا شعريًا مميزًا من خلال استخدام الصور الشعرية المبتكرة والتراكيب اللغوية الفريدة.
من بين أبرز دواوين سيسارينو الشعرية:
- “Corpo Visível” (الجسد المرئي): صدر عام 1950، ويُعتبر من أهم أعماله الشعرية. يتميز هذا الديوان بالجرأة في التعبير عن المشاعر والأحاسيس، والتناول الصريح للموضوعات الجنسية.
- “Manual de Prestidigitação” (دليل خفة اليد): صدر عام 1956، ويتميز بالأسلوب الساخر والفكاهي، والتلاعب باللغة والصور الشعرية.
- “Pena Capital” (عقوبة الإعدام): صدر عام 1957، ويعكس هذا الديوان اهتمام سيسارينو بالقضايا الاجتماعية والسياسية، وانتقاده للظلم والقمع.
- “As Mãos na Água a Cabeça no Mar” (الأيدي في الماء والرأس في البحر): صدر عام 1972، ويتناول هذا الديوان موضوعات مثل الحب والوحدة والذاكرة.
- “Burlescas, Teóricas e Sentimentais” (هزلية ونظرية وعاطفية): صدر عام 1972، يجمع هذا الديوان بين القصائد الهزلية والقصائد النظرية والقصائد العاطفية، ويعكس تنوع أسلوب سيسارينو الشعري.
أعماله الفنية
إلى جانب الشعر، كان سيسارينو فنانًا موهوبًا، وقدم أعمالًا فنية سريالية تميزت بالخيال الجامح والألوان الزاهية. استخدم سيسارينو في أعماله الفنية تقنيات مختلفة، مثل الرسم والتصوير والتركيب.
تتناول أعمال سيسارينو الفنية موضوعات مشابهة لتلك التي تناولها في شعره، مثل الحب والموت والحرية والمدينة والذاكرة. تعكس أعماله الفنية رؤيته الفريدة للعالم، وقدرته على تحويل الواقع إلى صور فنية سريالية مدهشة.
أقام سيسارينو العديد من المعارض الفردية والجماعية لأعماله الفنية في البرتغال وخارجها. تُعرض أعماله الفنية في العديد من المتاحف والمعارض الفنية حول العالم.
تأثيره وإرثه
ترك ماريو سيسارينو بصمة واضحة في الأدب والفن البرتغالي. يُعتبر أحد أهم شعراء القرن العشرين في البرتغال، وأحد أبرز الشخصيات في الحركة السريالية البرتغالية. ألهمت أعماله العديد من الفنانين والكتاب البرتغاليين، ولا تزال تحظى بتقدير واسع النطاق حتى اليوم.
تُرجمت أعمال سيسارينو إلى العديد من اللغات، وحظيت بتقدير عالمي. يعتبر سيسارينو من الأصوات الشعرية والفنية الهامة التي ساهمت في إثراء الثقافة العالمية.
يُعتبر أسلوب سيسارينو الشعري والفني فريدًا ومميزًا، ويجمع بين عناصر مختلفة، مثل السريالية والواقعية والرمزية. يتميز شعره بالجرأة في التعبير عن المشاعر والأحاسيس، والتناول الصريح للموضوعات الجنسية. تتميز أعماله الفنية بالخيال الجامح والألوان الزاهية.
تُدرس أعمال سيسارينو في الجامعات والمدارس في البرتغال وحول العالم. يتم تنظيم العديد من المؤتمرات والندوات حول أعماله، ويتم نشر العديد من الكتب والمقالات التي تتناول حياته وأعماله.
حياته الشخصية
كان سيسارينو شخصية مثيرة للجدل، بسبب آرائه السياسية والاجتماعية، وأسلوب حياته غير التقليدي. كان سيسارينو مدافعًا قويًا عن حقوق الإنسان، ومنتقدًا للظلم والقمع. كان أيضًا من دعاة الحرية الفردية، والمعارضة لكل أشكال السلطة.
أعلن سيسارينو عن مثليته الجنسية في وقت مبكر من حياته، وكان من أبرز المدافعين عن حقوق المثليين في البرتغال. كانت حياته الشخصية موضوعًا للعديد من الشائعات والأقاويل، لكنه لم يكترث بها، واستمر في العيش بحرية وصراحة.
توفي ماريو سيسارينو في لشبونة في عام 2006، عن عمر يناهز 83 عامًا. تركت وفاته فراغًا كبيرًا في الأدب والفن البرتغالي.
الجوائز والتكريمات
حصل ماريو سيسارينو على العديد من الجوائز والتكريمات خلال حياته، تقديرًا لمساهماته في الأدب والفن البرتغالي، من بينها:
- جائزة القلم الذهبي (Prémio da Pena de Ouro) عام 1985.
- جائزة جمعية الكتاب البرتغاليين (Prémio da Associação Portuguesa de Escritores) عام 1994.
- وسام الاستحقاق من الرئيس البرتغالي (Grã-Cruz da Ordem do Mérito) عام 2004.
خاتمة
ماريو سيسارينو دي فاسكونسيلوس شاعر ورسام برتغالي سريالي، يُعتبر أحد أهم الشخصيات في الحركة السريالية البرتغالية، وأحد أبرز شعراء القرن العشرين في البرتغال. تميزت أعماله بالثورية والتحرر، سواء في الشكل أو المضمون، وعكست اهتمامه العميق بالإنسان وقضاياه، بالإضافة إلى شغفه بالمدينة، وخاصة مدينة لشبونة. ترك سيسارينو إرثًا أدبيًا وفنيًا غنيًا ومتنوعًا، ولا تزال أعماله تحظى بتقدير واسع النطاق حتى اليوم.