<![CDATA[
نشأته وتعليمه
ولد ديفيد كراثوول في مدينة غاري، إنديانا، في 14 مايو 1921. نشأ في أسرة اهتمت بالتعليم، مما دفعه إلى التفوق في دراسته. بعد إكماله دراسته الثانوية، التحق بجامعة ولاية أوهايو، حيث درس علم النفس وحصل على درجة البكالوريوس. خلال دراسته الجامعية، أظهر كراثوول اهتمامًا خاصًا بمجال علم النفس التربوي، مما دفعه إلى مواصلة دراسته العليا في هذا المجال. انتقل إلى جامعة شيكاغو للحصول على درجتي الماجستير والدكتوراه في علم النفس التربوي، حيث تلقى تدريبًا مكثفًا على يد أبرز علماء النفس التربويين في ذلك الوقت. ساهمت دراساته العليا في تعميق فهمه لنظريات التعلم والتعليم، مما مهد الطريق لعمله الرائد في تطوير تصنيف بلوم للأهداف التربوية.
تصنيف بلوم للأهداف التربوية
يعتبر تصنيف بلوم للأهداف التربوية، والذي طوره كراثوول مع بنيامين بلوم وآخرين، من أهم إنجازات كراثوول. هذا التصنيف هو نظام هرمي يصنف الأهداف التعليمية إلى ستة مستويات، بدءًا من أبسط مستويات المعرفة وصولًا إلى أعلى مستويات التقييم والابتكار. يهدف التصنيف إلى مساعدة المعلمين على تحديد أهداف تعليمية واضحة وقابلة للقياس، وتصميم أنشطة تعليمية وتقييمات تتناسب مع هذه الأهداف. المستويات الستة في تصنيف بلوم هي:
- المعرفة: تذكر المعلومات والحقائق الأساسية.
- الفهم: القدرة على شرح وتفسير المعلومات.
- التطبيق: استخدام المعلومات في مواقف جديدة.
- التحليل: تقسيم المعلومات إلى أجزاء وتقييم العلاقات بينها.
- التركيب: تجميع المعلومات لإنشاء شيء جديد.
- التقييم: الحكم على قيمة المعلومات أو الأفكار.
ساهم كراثوول بشكل كبير في تنقيح وتحديث تصنيف بلوم، مما جعله أداة أكثر دقة وفائدة للمعلمين في جميع أنحاء العالم. عمله على تصنيف بلوم لم يقتصر على وضع نظرية فحسب، بل شمل أيضًا تطوير أدوات تطبيقية لمساعدة المعلمين على استخدامه في تخطيط الدروس وتقييم الطلاب.
مساهماته الأخرى في علم النفس التربوي
بالإضافة إلى عمله على تصنيف بلوم، قدم كراثوول مساهمات أخرى مهمة في مجال علم النفس التربوي. فقد اهتم بدراسة الجوانب الوجدانية للتعليم، وأدرك أهمية المشاعر والعواطف في عملية التعلم. طور كراثوول، بالتعاون مع ديفيد أندرسون وآخرين، تصنيفًا للأهداف الوجدانية، والذي يهدف إلى مساعدة المعلمين على تحديد الأهداف المتعلقة بمشاعر الطلاب وقيمهم واتجاهاتهم. هذا التصنيف، الذي يركز على التقدير والاستجابة والتنظيم والتميز، ساهم في توسيع نطاق علم النفس التربوي ليشمل الجوانب غير المعرفية للتعلم.
كما اهتم كراثوول بتقييم التعلم، وركز على أهمية استخدام أدوات تقييم متنوعة لقياس تعلم الطلاب بشكل شامل. آمن بأهمية التقييم التكويني، والذي يهدف إلى توفير تغذية راجعة مستمرة للطلاب والمعلمين لتحسين عملية التعلم. عمل كراثوول على تطوير أدوات تقييم تساعد المعلمين على قياس تعلم الطلاب على جميع مستويات تصنيف بلوم، مما يضمن تقييمًا دقيقًا وشاملًا.
العمل الأكاديمي والمهني
بدأ كراثوول حياته المهنية في مجال التعليم كأستاذ مساعد في جامعة سيراكيوز. بعد ذلك، انتقل إلى جامعة ولاية بنسلفانيا، حيث شغل منصب أستاذ علم النفس التربوي وشارك في العديد من المشاريع البحثية والتطويرية. خلال مسيرته الأكاديمية، أشرف على العديد من رسائل الدكتوراه، وقدم الدعم والإرشاد لعدد كبير من الطلاب والباحثين. كان كراثوول عضوًا نشطًا في العديد من الجمعيات المهنية، بما في ذلك جمعية علم النفس الأمريكية. نشر العديد من المقالات والكتب التي ساهمت في تطوير مجال علم النفس التربوي.
كان كراثوول محررًا للعديد من المجلات العلمية المتخصصة في علم النفس التربوي، مما ساهم في نشر الأبحاث الجديدة وتطوير المعرفة في هذا المجال. شغل مناصب قيادية في العديد من المؤسسات التعليمية، بما في ذلك منصب رئيس قسم علم النفس التربوي في جامعة ولاية بنسلفانيا. حصل على العديد من الجوائز والتكريمات تقديرًا لعمله وإسهاماته في مجال التعليم.
تأثيره وإرثه
ترك ديفيد كراثوول إرثًا دائمًا في مجال علم النفس التربوي. يعتبر تصنيف بلوم للأهداف التربوية، والذي طوره بالتعاون مع زملائه، أداة أساسية يستخدمها المعلمون في جميع أنحاء العالم لتخطيط الدروس وتقييم تعلم الطلاب. ساهمت أفكاره حول الجوانب الوجدانية للتعلم والتقييم في توسيع نطاق علم النفس التربوي وتعميق فهمنا لعملية التعلم. كان كراثوول معلمًا ملهمًا وباحثًا متميزًا، وساهم في تدريب جيل جديد من علماء النفس التربويين. أثرت أفكاره وأعماله في تطوير الممارسات التعليمية في العديد من البلدان، ولا يزال إرثه يمثل مصدر إلهام للباحثين والمعلمين على حد سواء.
وفاته
توفي ديفيد كراثوول في 13 أكتوبر 2016 عن عمر يناهز 95 عامًا. على الرغم من وفاته، إلا أن أفكاره وأعماله لا تزال حية ومؤثرة في مجال علم النفس التربوي والتعليم. يظل اسمه مرتبطًا بالابتكار والتطوير في مجال التعليم، وستبقى مساهماته مرجعًا أساسيًا للباحثين والمعلمين لسنوات قادمة.
أهمية عمل كراثوول في العصر الحديث
في عالم اليوم، حيث تتغير التكنولوجيا وطرق التعلم بوتيرة سريعة، تظل أفكار كراثوول ذات أهمية بالغة. يساعد تصنيف بلوم، على وجه الخصوص، المعلمين على تصميم برامج تعليمية تركز على التفكير النقدي وحل المشكلات والإبداع، وهي مهارات ضرورية للنجاح في القرن الحادي والعشرين. من خلال التركيز على الأهداف التعليمية المتنوعة، بما في ذلك الجوانب المعرفية والوجدانية، يوفر عمل كراثوول إطارًا شاملاً لتصميم تجارب تعليمية فعالة وذات مغزى. في ظل التحديات التي تواجه التعليم اليوم، يمثل إرث كراثوول مصدر إلهام للمعلمين والباحثين في سعيهم لتحسين عملية التعلم وتحقيق أقصى إمكانات الطلاب.
خاتمة
كان ديفيد كراثوول عالم نفس تربوي أمريكيًا رائدًا ترك بصمة لا تمحى في مجال التعليم. ساهمت أفكاره ونماذجه، خاصة تصنيف بلوم للأهداف التربوية، في تشكيل الممارسات التعليمية على مستوى العالم. من خلال تركيزه على الجوانب المعرفية والوجدانية للتعلم والتقييم، قدم كراثوول إطارًا شاملاً لتصميم تجارب تعليمية فعالة. يبقى إرثه مصدر إلهام للباحثين والمعلمين في سعيهم لتحسين عملية التعلم وتحقيق أقصى إمكانات الطلاب.