<![CDATA[
نشأته ودراسته
ولد محمد مهدي شمس الدين في النجف الأشرف في العراق عام 1936، حيث كانت أسرته تقيم للدراسة الدينية. نشأ في بيئة علمية ودينية، وتلقى تعليمه الأولي في النجف، ثم التحق بالحوزة العلمية، حيث درس على يد كبار العلماء والمراجع، من بينهم المرجع الأعلى السيد محسن الحكيم، والسيد أبو القاسم الخوئي، والسيد محمد باقر الصدر. أظهر نبوغًا مبكرًا في العلوم الدينية، وسرعان ما برز كأحد الطلاب المتميزين في الحوزة.
عودته إلى لبنان ونشاطه الديني والاجتماعي
عاد الشيخ شمس الدين إلى لبنان في أواخر الستينيات، وبدأ نشاطه الديني والاجتماعي في منطقة الجنوب اللبناني. أسس العديد من المؤسسات الدينية والاجتماعية والثقافية، وعمل على نشر الوعي الديني والثقافي بين الناس. كان له دور كبير في توعية الشباب المسلم وتوجيههم نحو القيم الإسلامية الأصيلة. كما اهتم بقضايا الفقراء والمحتاجين، وعمل على تقديم المساعدة لهم.
تولى الشيخ شمس الدين منصب نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في لبنان، ولعب دورًا هامًا في إدارة شؤون الطائفة الشيعية في لبنان. كان له دور بارز في الحفاظ على وحدة الصف الإسلامي في لبنان، والدفاع عن حقوق المسلمين. كما كان له دور فعال في دعم المقاومة الإسلامية ضد الاحتلال الإسرائيلي.
فكره وآراؤه
تميز فكر الشيخ شمس الدين بالانفتاح والتجديد، ودعا إلى ضرورة مواكبة الفكر الإسلامي للتطورات العصرية. كان يؤمن بأهمية الحوار والتسامح بين الأديان والمذاهب، وعمل على التقريب بينها. كما كان يدعو إلى الوحدة الإسلامية، ويرى أنها ضرورة لمواجهة التحديات التي تواجه الأمة الإسلامية.
من أهم آراء الشيخ شمس الدين:
- ضرورة الاجتهاد والتجديد في الفكر الإسلامي: كان يرى أن الفكر الإسلامي يجب أن يكون حيويًا ومتجددًا، وقادرًا على مواكبة التطورات العصرية.
- أهمية الحوار والتسامح بين الأديان والمذاهب: كان يؤمن بأن الحوار والتسامح هما السبيل الوحيد للعيش المشترك بين الأديان والمذاهب المختلفة.
- الوحدة الإسلامية ضرورة لمواجهة التحديات: كان يرى أن الوحدة الإسلامية هي السلاح الأقوى لمواجهة التحديات التي تواجه الأمة الإسلامية.
- الاهتمام بقضايا الفقراء والمحتاجين: كان يعتبر أن الاهتمام بقضايا الفقراء والمحتاجين هو من أهم الواجبات الإسلامية.
- دعم المقاومة ضد الظلم والاحتلال: كان يعتبر أن المقاومة ضد الظلم والاحتلال هي حق مشروع للشعوب.
مؤلفاته
ترك الشيخ شمس الدين العديد من المؤلفات القيمة في مختلف العلوم الإسلامية، من أهمها:
- نظام الحكم والإدارة في الإسلام: وهو كتاب يتناول موضوع الحكم والإدارة في الإسلام من منظور معاصر.
- في الاجتماع السياسي الإسلامي: وهو كتاب يتناول موضوع الاجتماع السياسي في الإسلام، ويسعى إلى تقديم رؤية إسلامية معاصرة للمجتمع والدولة.
- دراسات في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: وهو كتاب يتناول موضوع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويبين أهميته في الإسلام.
- أصول الفكر السياسي الشيعي: وهو كتاب يتناول أصول الفكر السياسي الشيعي، ويبين أهم المفاهيم والمبادئ التي يقوم عليها.
- حركة التشريع: وهو كتاب يتناول تاريخ التشريع الإسلامي وتطوره.
دوره في التقريب بين المذاهب
لعب الشيخ شمس الدين دورًا بارزًا في التقريب بين المذاهب الإسلامية، وعمل على تعزيز الحوار والتفاهم بين علماء السنة والشيعة. شارك في العديد من المؤتمرات والندوات التي تهدف إلى التقريب بين المذاهب، وقدم العديد من المحاضرات والبحوث التي تدعو إلى الوحدة الإسلامية. كان يؤمن بأن الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية، وأن المسلمين يجب أن يتعاونوا فيما اتفقوا عليه، ويعذر بعضهم بعضًا فيما اختلفوا فيه.
كان الشيخ شمس الدين عضوًا في المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية، ولعب دورًا هامًا في أنشطة المجمع. كما كان له علاقات طيبة مع العديد من علماء السنة، وكان يحظى بتقدير واحترام كبيرين منهم.
وفاته
توفي الشيخ محمد مهدي شمس الدين في بيروت عام 2001، بعد صراع طويل مع المرض. وقد نعاه العديد من العلماء والسياسيين والشخصيات الاجتماعية في لبنان والعالم الإسلامي. ودفن في النجف الأشرف بجوار مرقد الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام).
إرثه
ترك الشيخ محمد مهدي شمس الدين إرثًا فكريًا وعلميًا واجتماعيًا كبيرًا. فقد كان عالمًا متبحرًا في العلوم الإسلامية، ومفكرًا مجددًا، وداعية إلى الوحدة الإسلامية، ومناضلًا من أجل قضايا أمته. ولا تزال آراؤه وأفكاره تلهم الكثيرين من المسلمين في جميع أنحاء العالم.
تعتبر مؤلفات الشيخ شمس الدين مرجعًا هامًا للباحثين والدارسين في العلوم الإسلامية. كما أن جهوده في التقريب بين المذاهب الإسلامية تعتبر مثالًا يحتذى به في العمل من أجل الوحدة الإسلامية.
خاتمة
كان آية الله محمد مهدي شمس الدين شخصية بارزة في تاريخ الشيعة المعاصرين. جمع بين العلم الغزير والفكر المستنير والعمل الاجتماعي الدؤوب. ترك بصمة واضحة في الفكر الإسلامي وفي الحياة السياسية والاجتماعية في لبنان. سيظل اسمه محفورًا في ذاكرة الأجيال كعالم مجاهد ومفكر مستنير وداعية للوحدة الإسلامية.