نشأته وتعليمه
ولد جورج ستورت في فارنهام، ساري، بإنجلترا. كان والده صاحب متجر متخصص في صناعة العجلات والمركبات الزراعية، مما أتاح لستورت فرصة فريدة للتعرف على حياة الريف عن كثب منذ صغره. تلقى تعليمه في مدرسة فارنهام النحوية، ثم التحق بكلية رويال هولواي بجامعة لندن، حيث درس العلوم. على الرغم من خلفيته العلمية، انجذب ستورت إلى الأدب والكتابة، وقرر أن يكرس حياته لتوثيق الحياة الريفية التي عرفها وأحبها.
مسيرته الأدبية
بعد تخرجه من الجامعة، عاد ستورت إلى فارنهام وانضم إلى عمل العائلة، لكنه استمر في الكتابة في أوقات فراغه. في عام 1903، نشر كتابه الأول “The Bettesworth Book”، والذي حقق نجاحًا فوريًا وأثبت موهبته ككاتب متميز. اعتمد ستورت في هذا الكتاب على شخصية حقيقية، وهو عامل زراعي مسن يدعى بتسوورث، لتقديم صورة حية عن حياة الفلاحين وعلاقتهم بالأرض.
تميزت كتابات ستورت بالدقة والواقعية، حيث كان يعتمد على الملاحظة المباشرة والتجارب الشخصية في وصف تفاصيل الحياة الريفية. كان يولي اهتمامًا خاصًا للغة المستخدمة، ويسعى إلى استخدام الكلمات والعبارات التي تعكس لهجة الفلاحين وأسلوبهم في الكلام. كما كان مهتمًا بتوثيق المعارف والمهارات التقليدية التي كانت تتلاشى تدريجيًا مع التغيرات الاجتماعية والاقتصادية.
من أبرز أعماله الأخرى:
- “Change in the Village” (1912): يعتبر هذا الكتاب من أهم أعمال ستورت، حيث يصف فيه التغيرات التي طرأت على المجتمع الريفي في فارنهام خلال فترة حياته. يركز الكتاب على تأثير التكنولوجيا والتصنيع على الزراعة والحرف اليدوية، وعلى العلاقات الاجتماعية بين أفراد المجتمع.
- “The Wheelwright’s Shop” (1923): يقدم هذا الكتاب وصفًا تفصيليًا لورشة صناعة العجلات التي كان يملكها والده، ويعرض فيه تاريخ هذه المهنة التقليدية وأهميتها في حياة المجتمع الريفي. يتضمن الكتاب رسومات توضيحية للعديد من الأدوات والآلات المستخدمة في صناعة العجلات.
- “A Small Boy in the Sixties” (1927): هو سيرة ذاتية تصف طفولة ستورت في فارنهام خلال ستينيات القرن التاسع عشر. يقدم الكتاب صورة حية عن الحياة اليومية للأطفال في ذلك الوقت، وعن الألعاب والأنشطة التي كانوا يمارسونها.
أسلوبه ومواضيعه
تميز أسلوب جورج ستورت بالبساطة والوضوح، حيث كان يسعى إلى تقديم وصف دقيق وواقعي للحياة الريفية دون تجميل أو مبالغة. كان يولي اهتمامًا خاصًا للتفاصيل الصغيرة، ويعتقد أن هذه التفاصيل هي التي تعكس جوهر الحياة الريفية. كما كان يتميز بقدرته على فهم وتقدير ثقافة الفلاحين والحرفيين، وعلى نقل هذه الثقافة إلى القارئ بطريقة مؤثرة.
ركز ستورت في كتاباته على عدة مواضيع رئيسية، من بينها:
- التغيرات الاجتماعية والاقتصادية في المجتمع الريفي: كان ستورت مهتمًا بتوثيق التغيرات التي طرأت على المجتمع الريفي في إنجلترا في مطلع القرن العشرين، نتيجة للتصنيع والتوسع الحضري. كان يرى أن هذه التغيرات تؤدي إلى تدهور الحياة الريفية التقليدية، وفقدان المعارف والمهارات القديمة.
- أهمية الزراعة والحرف اليدوية: كان ستورت يعتقد أن الزراعة والحرف اليدوية تمثلان جزءًا هامًا من ثقافة المجتمع الإنجليزي، وأنه يجب الحفاظ عليهما. كان يرى أن هذه المهن توفر للأفراد شعورًا بالاستقلالية والاعتماد على الذات، وتعزز الروابط الاجتماعية بين أفراد المجتمع.
- العلاقة بين الإنسان والطبيعة: كان ستورت يؤمن بأهمية العلاقة بين الإنسان والطبيعة، وكان يرى أن الحياة الريفية توفر للأفراد فرصة للتواصل مع الطبيعة والاستمتاع بجمالها. كان يعتقد أن هذه العلاقة تساعد على تحسين الصحة النفسية والجسدية للأفراد.
- توثيق اللهجة المحلية: سعى ستورت في كتاباته إلى الحفاظ على اللهجة المحلية المستخدمة في منطقة فارنهام، وإبراز جمالياتها وأهميتها في التعبير عن ثقافة المجتمع المحلي.
تأثيره وإرثه
يعتبر جورج ستورت من أهم الكتاب الإنجليز الذين كتبوا عن الحياة الريفية في القرن العشرين. تركت كتاباته تأثيرًا كبيرًا على الأدب الإنجليزي، وألهمت العديد من الكتاب والفنانين الآخرين. كما ساهمت في زيادة الوعي بأهمية الحفاظ على التراث الثقافي والطبيعي للمجتمع الريفي.
لا تزال أعمال ستورت تحظى بشعبية كبيرة حتى اليوم، وتعتبر مرجعًا هامًا للباحثين والمهتمين بدراسة تاريخ المجتمع الإنجليزي الريفي. يتم الاحتفاء به كصوت فريد وثق بدقة وأمانة حياة الفلاحين والحرفيين في فترة تحول حاسمة في التاريخ الإنجليزي.
خاتمة
جورج ستورت، أو جورج بورن، كاتب إنجليزي ترك بصمة واضحة في الأدب من خلال توثيقه الدقيق والواقعي للحياة الريفية في مطلع القرن العشرين. من خلال أعماله، قدم لنا صورة حية عن حياة الفلاحين والحرفيين، والتغيرات الاجتماعية والاقتصادية التي أثرت عليهم. يظل ستورت مرجعًا هامًا لفهم تاريخ المجتمع الإنجليزي الريفي وأهمية الحفاظ على تراثه الثقافي والطبيعي.