مقدمة
المؤتمر العالمي لمكافحة العنصرية والتمييز العنصري وكره الأجانب وما يتصل بذلك من تعصب، المعروف أيضًا باسم “ديربان 1″، هو مؤتمر دولي عقد في مركز ديربان الدولي للمؤتمرات في ديربان، جنوب أفريقيا، في الفترة من 31 أغسطس إلى 8 سبتمبر 2001. كان الهدف الرئيسي للمؤتمر هو مكافحة العنصرية والتمييز العنصري بكل أشكاله ومظاهره، وتعزيز المساواة والتسامح والعدالة في جميع أنحاء العالم.
حظي المؤتمر بحضور واسع النطاق من قبل ممثلي الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، والمنظمات الحكومية الدولية، والمنظمات غير الحكومية، ووسائل الإعلام. ومع ذلك، فقد أثار المؤتمر جدلاً واسعاً بسبب عدد من القضايا، بما في ذلك قضية معاداة السامية، وتعويضات عن العبودية، والوضع في الشرق الأوسط.
الأهداف الرئيسية للمؤتمر
كان للمؤتمر العالمي لمكافحة العنصرية 2001 أهداف متعددة، يمكن تلخيصها في النقاط التالية:
- مراجعة التقدم المحرز في مكافحة العنصرية والتمييز العنصري منذ المؤتمرات السابقة، وتقييم فعالية الآليات والبرامج القائمة.
- زيادة الوعي بأشكال العنصرية والتمييز العنصري المعاصرة، بما في ذلك تلك التي تستهدف المجموعات الضعيفة والمهمشة.
- تحديد التدابير العملية التي يمكن اتخاذها على المستويات الوطنية والإقليمية والدولية لمكافحة العنصرية والتمييز العنصري.
- تعزيز التعاون الدولي في مجال مكافحة العنصرية والتمييز العنصري، وتبادل المعلومات وأفضل الممارسات.
- تقديم توصيات للحكومات والمنظمات الدولية والمجتمع المدني بشأن كيفية تحسين مكافحة العنصرية والتمييز العنصري.
القضايا الخلافية
على الرغم من الأهداف النبيلة للمؤتمر، فقد شابته خلافات حادة، خاصة حول ثلاث قضايا رئيسية:
معاداة السامية
اتُهمت بعض المسودات الأولية للإعلان الختامي للمؤتمر بمعاداة السامية بسبب انتقاداتها لإسرائيل وسياساتها تجاه الفلسطينيين. وأثارت هذه الاتهامات انسحاب الولايات المتحدة وإسرائيل من المؤتمر قبل نهايته. زعمت الدولتان أن المؤتمر تحول إلى منصة لنشر الكراهية ضد إسرائيل واليهود.
التعويضات عن العبودية
طالبت بعض الدول الأفريقية ومنظمات المجتمع المدني بتعويضات عن الأضرار التاريخية الناجمة عن العبودية وتجارة الرقيق عبر الأطلسي. واجهت هذه المطالبات معارضة قوية من الدول الغربية التي كانت متورطة في تجارة الرقيق. لم يتم التوصل إلى توافق في الآراء بشأن هذه القضية، وتمت الإشارة إليها في الإعلان الختامي بطريقة غامضة.
الوضع في الشرق الأوسط
تسبب الوضع في الشرق الأوسط، وخاصة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، في انقسامات حادة بين المشاركين في المؤتمر. سعت بعض الدول العربية والإسلامية إلى إدانة إسرائيل بتهمة العنصرية والتمييز العنصري. في المقابل، دافعت إسرائيل وحلفاؤها عن سياساتها ورفضوا اتهامات العنصرية.
الإعلان الختامي وخطة العمل
على الرغم من الخلافات، تمكن المشاركون في المؤتمر من التوصل إلى إعلان ختامي وخطة عمل. يقر الإعلان بأن العنصرية والتمييز العنصري وكره الأجانب وما يتصل بذلك من تعصب هي انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان وتقوض الديمقراطية وسيادة القانون.
تحدد خطة العمل سلسلة من التدابير العملية التي يمكن اتخاذها على المستويات الوطنية والإقليمية والدولية لمكافحة العنصرية والتمييز العنصري. وتشمل هذه التدابير:
- سن قوانين تجرم العنصرية والتمييز العنصري.
- تنفيذ برامج تعليمية لتعزيز التسامح والتفاهم بين الثقافات المختلفة.
- دعم منظمات المجتمع المدني التي تعمل على مكافحة العنصرية والتمييز العنصري.
- جمع البيانات وتحليلها لرصد الاتجاهات في العنصرية والتمييز العنصري.
- ضمان حصول ضحايا العنصرية والتمييز العنصري على العدالة والتعويض.
تأثير المؤتمر وإرثه
كان للمؤتمر العالمي لمكافحة العنصرية 2001 تأثير كبير على الجهود الدولية لمكافحة العنصرية والتمييز العنصري. فقد ساهم في زيادة الوعي بأشكال العنصرية المعاصرة، ووضع تدابير عملية لمكافحتها، وتعزيز التعاون الدولي في هذا المجال.
ومع ذلك، فقد تعرض المؤتمر أيضاً لانتقادات بسبب الخلافات التي شابت أعماله، وخاصة قضية معاداة السامية. يرى البعض أن هذه الخلافات قد قوضت مصداقية المؤتمر وأضعفت جهود مكافحة العنصرية.
على الرغم من هذه الانتقادات، لا يزال المؤتمر العالمي لمكافحة العنصرية 2001 حدثاً هاماً في تاريخ مكافحة العنصرية. فقد ساهم في وضع الأسس لجهود مستقبلية في هذا المجال، ولا يزال إرثه قائماً حتى اليوم.
ردود الفعل الدولية
تباينت ردود الفعل الدولية على المؤتمر العالمي لمكافحة العنصرية 2001 بشكل كبير. فبينما أشاد البعض بأهدافه النبيلة وجهوده في مكافحة العنصرية، انتقد البعض الآخر الخلافات التي شابت أعماله واتهامات معاداة السامية.
الولايات المتحدة وإسرائيل: انسحبت الولايات المتحدة وإسرائيل من المؤتمر قبل نهايته احتجاجاً على ما وصفتاه بمعاداة السامية والانتقادات غير المبررة لإسرائيل. واعتبرت الدولتان أن المؤتمر تحول إلى منصة لنشر الكراهية والتحريض ضد إسرائيل واليهود.
الاتحاد الأوروبي: أعرب الاتحاد الأوروبي عن دعمه لأهداف المؤتمر، لكنه انتقد أيضاً بعض جوانبه، وخاصة قضية معاداة السامية. ودعا الاتحاد إلى الحوار والتفاهم بين الثقافات المختلفة، وشدد على أهمية مكافحة جميع أشكال العنصرية والتمييز.
الدول الأفريقية: رحبت العديد من الدول الأفريقية بالمؤتمر واعتبرته فرصة لمناقشة قضايا هامة مثل التعويضات عن العبودية والتمييز العنصري. ودعت هذه الدول إلى اتخاذ تدابير عملية لمكافحة العنصرية والتمييز، وضمان حصول ضحايا هذه الممارسات على العدالة والتعويض.
منظمات المجتمع المدني: شاركت العديد من منظمات المجتمع المدني في المؤتمر، وقدمت توصيات بشأن كيفية تحسين مكافحة العنصرية والتمييز العنصري. وأكدت هذه المنظمات على أهمية مشاركة المجتمع المدني في جهود مكافحة العنصرية، وضرورة توفير الدعم للضحايا.
المؤتمرات اللاحقة
عُقدت مؤتمرات متابعة للمؤتمر العالمي لمكافحة العنصرية 2001 في السنوات اللاحقة، بهدف تقييم التقدم المحرز في تنفيذ خطة عمل ديربان، ومناقشة التحديات الجديدة في مجال مكافحة العنصرية.
ديربان 2: عُقد مؤتمر ديربان الاستعراضي في جنيف، سويسرا، في عام 2009. وقد أثار هذا المؤتمر أيضاً جدلاً واسعاً بسبب قضية معاداة السامية، وانسحبت العديد من الدول الغربية منه.
ديربان 3: عُقد اجتماع رفيع المستوى في نيويورك، الولايات المتحدة، في عام 2011، للاحتفال بالذكرى العاشرة للمؤتمر العالمي لمكافحة العنصرية 2001. وقد قاطع هذا الاجتماع أيضاً عدد من الدول الغربية.
على الرغم من الخلافات التي شابت هذه المؤتمرات، إلا أنها ساهمت في الحفاظ على زخم مكافحة العنصرية والتمييز العنصري على المستوى الدولي.
التحديات المستمرة
على الرغم من الجهود المبذولة لمكافحة العنصرية والتمييز العنصري، إلا أن هذه المشاكل لا تزال قائمة في جميع أنحاء العالم. وتشمل بعض التحديات المستمرة:
- العنصرية المؤسسية: العنصرية المتأصلة في المؤسسات والهياكل الاجتماعية، والتي تؤدي إلى التمييز ضد مجموعات معينة.
- خطاب الكراهية: انتشار خطاب الكراهية عبر الإنترنت وخارجه، والذي يحرض على العنف والتمييز.
- التمييز ضد المهاجرين واللاجئين: تعرض المهاجرين واللاجئين للتمييز والتحيز في العديد من البلدان.
- التمييز ضد الأقليات: تعرض الأقليات العرقية والدينية للتمييز والاضطهاد في بعض المناطق.
- صعود الحركات اليمينية المتطرفة: صعود الحركات اليمينية المتطرفة التي تروج للعنصرية وكره الأجانب.
يتطلب التغلب على هذه التحديات جهوداً متواصلة على المستويات الوطنية والإقليمية والدولية. ويشمل ذلك سن قوانين تجرم العنصرية والتمييز، وتنفيذ برامج تعليمية لتعزيز التسامح، ودعم منظمات المجتمع المدني التي تعمل على مكافحة العنصرية.
خاتمة
المؤتمر العالمي لمكافحة العنصرية 2001 كان حدثًا تاريخيًا يهدف إلى مكافحة العنصرية والتمييز العنصري على مستوى العالم. على الرغم من الخلافات التي نشأت خلاله، إلا أنه ساهم في زيادة الوعي بهذه القضايا ووضع خطة عمل لمواجهتها. يبقى إرث المؤتمر قائمًا، ويستمر العمل نحو تحقيق المساواة والتسامح في جميع أنحاء العالم، مع الاعتراف بالتحديات المستمرة التي تتطلب جهودًا متواصلة.