نشأته وبداياته
ولد هارولد مابرن في ممفيس، تينيسي، وهي مدينة ذات تاريخ غني في موسيقى البلوز والجاز. بدأ العزف على البيانو في سن مبكرة، وتأثر بمجموعة واسعة من الموسيقيين، بما في ذلك عازفي البيانو الكلاسيكيين وعازفي البلوز المحليين. في سنوات مراهقته، انجذب مابرن إلى موسيقى البيبوب، وسرعان ما طور أسلوبه الخاص في العزف الذي يجمع بين التقنية المذهلة والإحساس العميق بالإيقاع.
بعد إكمال دراسته الثانوية، انتقل مابرن إلى شيكاغو في منتصف الخمسينيات، وهي مركز حيوي لموسيقى الجاز في ذلك الوقت. هناك، بدأ في العزف مع العديد من الموسيقيين البارزين، بما في ذلك والتر بيركنز، وجوني غريفين، ولي مورغان. سرعان ما اكتسب سمعة طيبة كعازف بيانو موهوب وموثوق به، وبدأ في تلقي المزيد من العروض للعمل كعازف مستقل.
مسيرته المهنية
في أواخر الخمسينيات، انتقل مابرن إلى مدينة نيويورك، حيث سرعان ما أصبح جزءًا لا يتجزأ من مشهد الجاز المزدهر. عمل مع مجموعة واسعة من الموسيقيين البارزين، بما في ذلك كانونبول أديرلي، ومايلز ديفيس، وسوني رولينز، وفريدي هوبارد. كما بدأ في قيادة فرقته الخاصة، وأصدر أول ألبوم له كقائد في عام 1968 بعنوان “A Few Miles From Memphis”.
على مدار العقود التالية، واصل مابرن العزف والتسجيل على نطاق واسع. أصدر أكثر من 20 ألبومًا تحت اسمه الخاص، ولاقى استحسان النقاد والجماهير على حد سواء. تميزت موسيقاه بمزيجها الفريد من موسيقى الهارد بوب والبلوز والإنجيل، فضلاً عن عزفه المليء بالطاقة والإحساس العميق بالجذور الأفريقية الأمريكية لموسيقى الجاز.
بالإضافة إلى عمله كعازف ومنتج، كان مابرن أيضًا مدرسًا محترمًا. قام بالتدريس في جامعة ويليام باترسون في نيوجيرسي لسنوات عديدة، وألهم أجيالًا من موسيقيي الجاز الشباب. كان معروفًا بتفانيه في طلابه وقدرته على نقل حبه للموسيقى إليهم.
أسلوبه الموسيقي
تميز أسلوب هارولد مابرن بالعزف المليء بالطاقة والإحساس العميق بالإيقاع. كان يتمتع بتقنية مذهلة، وكان قادرًا على العزف على مجموعة واسعة من الأساليب، من موسيقى الهارد بوب المستقيمة إلى موسيقى البلوز والإنجيل الأكثر تعبيرًا. كان معروفًا أيضًا بقدرته على التأليف، وغالبًا ما كان يدمج مؤلفاته الأصلية في حفلاته الموسيقية.
تأثر مابرن بمجموعة واسعة من الموسيقيين، بما في ذلك عازفي البيانو الكلاسيكيين وعازفي البلوز المحليين. كان معجبًا بشكل خاص بعازفي البيانو في موسيقى البيبوب، مثل بود باول وتيلونيوس مونك. ومع ذلك، طور مابرن أسلوبه الخاص في العزف الذي كان فريدًا ومميزًا.
كان مابرن عازفًا متعدد الاستخدامات، وكان قادرًا على العزف في مجموعة متنوعة من السياقات. كان بنفس القدر من الراحة في العزف كعازف منفرد، أو كجزء من فرقة صغيرة، أو كجزء من فرقة كبيرة. كان معروفًا أيضًا بقدرته على التواصل مع الجمهور، وغالبًا ما كان يشارك القصص والنكات بين الأغاني.
أبرز التعاونات
تعاون هارولد مابرن مع العديد من عمالقة الجاز طوال حياته المهنية. تشمل بعض أبرز التعاونات:
- لي مورغان: عمل مابرن مع عازف البوق لي مورغان في عدة مناسبات، بما في ذلك تسجيل الألبوم الكلاسيكي “The Sidewinder”.
- جوني غريفين: عزف مابرن مع عازف الساكسفون جوني غريفين لسنوات عديدة، وسجل معه العديد من الألبومات.
- كانونبول أديرلي: ظهر مابرن كضيف مع فرقة كانونبول أديرلي في عدة مناسبات.
- فريدي هوبارد: عمل مابرن مع عازف البوق فريدي هوبارد في أواخر الستينيات.
- جورج كوليمان: تعاون مابرن مع عازف الساكسفون جورج كوليمان في العديد من المشاريع، بما في ذلك ألبومات مثل “Amsterdam After Dark” و “A Master Speaks”.
- جاكي ماكلين: سجل مابرن مع عازف الساكسفون جاكي ماكلين ألبوم “Lights Out” في عام 1956.
ألبومات بارزة
تتضمن بعض ألبومات هارولد مابرن البارزة ما يلي:
- A Few Miles From Memphis (1968)
- Workin’ & Wailin’ (1969)
- Greasy Kid Stuff! (1970)
- Pisces Calling (1978)
- Straight Street (1989)
- To Love and Be Loved (2003)
- Mr. Everything (2018)
الجوائز والتكريمات
حصل هارولد مابرن على العديد من الجوائز والتكريمات طوال حياته المهنية، بما في ذلك:
- جائزة NEA Jazz Masters Fellowship في عام 2018، وهي أعلى تكريم في موسيقى الجاز في الولايات المتحدة.
- جائزة Memphis Music Hall of Fame.
وفاته وإرثه
توفي هارولد مابرن في 17 سبتمبر 2019، عن عمر يناهز 83 عامًا. ترك وراءه إرثًا غنيًا من الموسيقى والإلهام. سيظل يُذكر كواحد من أعظم عازفي البيانو في موسيقى الجاز في عصره، وسيستمر تأثيره في الإحساس به من قبل الأجيال القادمة من الموسيقيين.
خاتمة
كان هارولد مابرن شخصية بارزة في عالم موسيقى الجاز، حيث أثرى هذا النوع بأسلوبه الفريد وعزفه المليء بالشغف. من خلال عمله كعازف وملحن ومعلم، ترك بصمة لا تُمحى على موسيقى الجاز وسيظل يُذكر كواحد من أعظم عازفي البيانو في عصره. لقد كانت حياته المهنية رحلة استكشاف موسيقي مستمر، وتعاون مع العديد من عمالقة الجاز، وقدم مساهمات قيمة أغنت هذا النوع الأصيل. سيظل إرثه مصدر إلهام للموسيقيين وعشاق موسيقى الجاز على حد سواء.