أصل التسمية وأهمية المهرجان
اسم “سكيرا” مشتق من كلمة “سكيروس” (Σκίρος)، وهو مظلة بيضاء كبيرة كانت تستخدم في الموكب الرئيسي للمهرجان. يُعتقد أن هذه المظلة كانت ترمز إلى السماء أو الغطاء الذي يحمي الأرض ويجلب المطر الضروري لنمو المحاصيل. كان المهرجان يُقام في اليوم الثاني عشر من شهر سكيروفوريون (حوالي يونيو/يوليو في التقويم الميلادي الحديث)، وهو آخر شهر في السنة الأثينية.
كان السكيرا أكثر من مجرد احتفال زراعي؛ فقد كان أيضًا مناسبة دينية مهمة تكرم العديد من الآلهة، بما في ذلك أثينا، ديميتر، وبوسيدون. كانت هذه الآلهة مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالزراعة والخصوبة، وكان يُعتقد أن تكريمها يجلب البركة والازدهار للمجتمع الأثيني.
مراسم وطقوس السكيرا
كانت مراسم السكيرا تتضمن موكبًا مهيبًا ينطلق من الأكروبوليس (حصن أثينا) ويتجه نحو موقع يُدعى سكيرون، وهو مكان مقدس يقع على بعد حوالي عشرة كيلومترات شمال غرب أثينا. كان الموكب يتألف من الكهنة والكاهنات والمسؤولين، بالإضافة إلى مجموعة من الشباب الذين يحملون الأدوات الزراعية والقرابين.
تشمل الطقوس الرئيسية التي كانت تُقام في السكيرا:
- موكب السكيرا: وهو الحدث الأبرز في المهرجان، حيث يسير الموكب من الأكروبوليس إلى سكيرون.
- تقديم القرابين: كانت القرابين تُقدم للآلهة أثينا وديميتر وبوسيدون، وتشمل الفواكه والخضروات والحيوانات.
- الألعاب والمسابقات: كانت تُقام بعض الألعاب والمسابقات الرياضية والدينية خلال المهرجان.
- الصلوات والأدعية: كان الكهنة والكاهنات يتلون الصلوات والأدعية للآلهة، طالبين منهم البركة والخصوبة للأرض والمحاصيل.
من بين الجوانب الغامضة في السكيرا هو دور “الأريوفوروي” (Arrhephoroi)، وهن فتيات نبيلات من أثينا كن يقمن بخدمة سرية في معبد أثينا بولياس على الأكروبوليس. كانت هؤلاء الفتيات ينزلن في يوم السكيرا من الأكروبوليس ويحملن أشياء غير معروفة في صناديق مغلقة إلى مكان تحت الأرض. ثم يعودن في وقت لاحق ويحضرن أشياء أخرى بدلاً منها. لا يزال معنى هذه الطقوس غير واضح، ولكن يُعتقد أنها كانت مرتبطة بالخصوبة والنمو.
العلاقة بين السكيرا والثيسموفوريا
كان السكيرا مرتبطًا ارتباطًا وثيقًا بمهرجان الثيسموفوريا، وهو مهرجان آخر كان يُقام تكريمًا للإلهة ديميتر، إلهة الزراعة والخصوبة. كان الثيسموفوريا مخصصًا للنساء فقط، بينما كان السكيرا مفتوحًا لكل من الرجال والنساء. يُعتقد أن السكيرا كان بمثابة خاتمة احتفالات الثيسموفوريا، حيث كان يُختتم بالمواد التي تم استخدامها في طقوس الثيسموفوريا. غالبًا ما يُنظر إلى كلا المهرجانين على أنهما جزء من دورة زراعية أوسع تحتفل بخصوبة الأرض وتضمن حصادًا وفيرًا.
أهمية السكيرا في الحياة الدينية والاجتماعية الأثينية
كان السكيرا يمثل مناسبة مهمة في الحياة الدينية والاجتماعية للأثينيين. لم يكن المهرجان مجرد فرصة لتكريم الآلهة وطلب البركة، بل كان أيضًا مناسبة للتواصل الاجتماعي وتعزيز الروابط بين أفراد المجتمع. كان الموكب والاحتفالات التي كانت تُقام خلال المهرجان فرصة للناس للتعبير عن هويتهم الثقافية والدينية المشتركة.
بالإضافة إلى ذلك، كان السكيرا يمثل تذكيرًا بأهمية الزراعة في حياة الأثينيين. كانت الزراعة هي الأساس الاقتصادي للمجتمع الأثيني، وكان بقاء المجتمع يعتمد على حصاد وفير. من خلال الاحتفال بالسكيرا، كان الأثينيون يعبرون عن امتنانهم للآلهة على بركاتهم ويطلبون منهم الاستمرار في حماية محاصيلهم وضمان رخائهم.
تأثير السكيرا على الفنون والأدب
على الرغم من أننا لا نمتلك الكثير من التفاصيل حول السكيرا، إلا أن المهرجان ترك بصماته على الفنون والأدب الأثيني. من المحتمل أن يكون المهرجان قد ألهم العديد من الأعمال الفنية والأدبية التي تصور مشاهد من الحياة الزراعية والدينية في أثينا القديمة. بالإضافة إلى ذلك، قد يكون السكيرا قد أثر على تطور بعض المفاهيم الدينية والفلسفية المتعلقة بالخصوبة والنمو والتجديد.
السكيرا في العصر الحديث
لم يعد السكيرا يُقام في العصر الحديث، ولكن ذكرى المهرجان لا تزال حية في التاريخ والثقافة اليونانية. يواصل الباحثون والعلماء دراسة السكيرا ومهرجانات أخرى من العصور القديمة لفهم أفضل للحياة الدينية والاجتماعية للأثينيين القدماء. بالإضافة إلى ذلك، تستخدم بعض الجماعات الحديثة في اليونان عناصر من السكيرا في احتفالاتهم ومهرجاناتهم الخاصة، في محاولة لإحياء التقاليد القديمة والحفاظ عليها.
خاتمة
كان السكيرا مهرجانًا دينيًا وزراعيًا مهمًا في أثينا القديمة. ارتبط المهرجان ارتباطًا وثيقًا بالثيسموفوريا وكان يُقام تكريمًا للآلهة أثينا وديميتر وبوسيدون. كانت مراسم السكيرا تتضمن موكبًا مهيبًا وتقديم القرابين والصلوات. كان السكيرا يمثل مناسبة مهمة في الحياة الدينية والاجتماعية للأثينيين وكان يذكرهم بأهمية الزراعة في حياتهم.