<![CDATA[
نشأة وتأسيس
تأسست جبهة الوطن والحرية في عام 1970 من قبل ميجيل كاست، وهو محامٍ شاب، وبيدرو كورنيجو، وهو ناشط طلابي، وآخرين. شكلت المجموعة في البداية تحالفًا فضفاضًا من الجماعات اليمينية المتطرفة، بما في ذلك القوميون، والفاشيون، والأصوليون الكاثوليكيون. كانت دوافعهم الرئيسية هي معارضة حكومة أليندي، التي اعتبروها تهديدًا للقيم التقليدية، والمصالح الاقتصادية، والأمن القومي لتشيلي. لقد رأوا في أليندي واليسار تهديدًا للبلاد، ورأوا أنفسهم كمدافعين عن تشيلي ضد ما اعتبروه الشيوعية والماركسية.
شهدت السنوات الأولى للمجموعة نموًا سريعًا، حيث اجتذبت الأعضاء من مختلف قطاعات المجتمع، بما في ذلك الطلاب، والمهنيين، ورجال الأعمال، والضباط العسكريين. كان هذا النمو مدفوعًا إلى حد كبير بالاستياء المتزايد من حكومة أليندي، فضلاً عن الدعم المالي واللوجستي الذي تلقوه من جماعات يمينية أخرى داخل تشيلي وخارجها. كما استفادت المجموعة من التوترات الاجتماعية والاقتصادية المتصاعدة في البلاد، والتي وفرت أرضًا خصبة للتطرف السياسي.
الأيديولوجيا والتوجهات
اتبعت جبهة الوطن والحرية أيديولوجية يمينية متطرفة، تميزت بالقومية، ومعاداة الشيوعية، والتشدد في الآراء، ودعم الحكم الاستبدادي. لقد آمنوا بضرورة الحفاظ على النظام الاجتماعي التقليدي، مع التركيز على القيم العائلية، والدين الكاثوليكي، والتقاليد الوطنية. كما دعوا إلى اقتصاد السوق الحرة، مع الحد من تدخل الدولة، وحماية المصالح التجارية. كانوا يتبنون خطابًا قويًا مناهضًا للشيوعية، ويصورون حكومة أليندي على أنها عميلة للاتحاد السوفيتي وتهدد استقرار تشيلي.
علاوة على ذلك، كانت المجموعة ملتزمة بالعنف السياسي كوسيلة لتحقيق أهدافها. لقد اعتقدوا أن الديمقراطية البرلمانية غير فعالة وغير قادرة على معالجة مشاكل تشيلي، ورأوا أن العنف ضروري لإزاحة حكومة أليندي وإقامة نظام سياسي جديد. كان هذا الالتزام بالعنف سمة مميزة لجبهة الوطن والحرية، وميزها عن الجماعات اليمينية الأخرى في تشيلي.
الأنشطة والعمليات
شاركت جبهة الوطن والحرية في مجموعة متنوعة من الأنشطة، بما في ذلك الدعاية، والتخريب، والهجمات المسلحة. لقد استخدموا الدعاية لنشر أفكارهم، وتشويه سمعة حكومة أليندي، وتجنيد أعضاء جدد. كما شاركوا في أعمال تخريبية، مثل تفجير خطوط الكهرباء، وتعطيل شبكات الاتصالات، وإتلاف الممتلكات العامة. كان هدفهم هو خلق حالة من الفوضى وعدم الاستقرار في البلاد، وإضعاف حكومة أليندي.
الأكثر إثارة للقلق، شاركت جبهة الوطن والحرية في هجمات مسلحة ضد السياسيين اليساريين، والناشطين، والمواطنين العاديين. لقد استخدموا الأسلحة والمتفجرات لاستهداف أعدائهم السياسيين، وقتلوا العديد من الأشخاص في هذه العمليات. كما شاركوا في محاولة اغتيال الجنرال رينيه شنايدر، قائد الجيش التشيلي، في عام 1970، والذي كان يعارض انقلابًا عسكريًا. كانت هذه الأعمال الإرهابية جزءًا من استراتيجيتهم لزعزعة استقرار البلاد وتمهيد الطريق لسيطرتهم على السلطة.
دورها في انقلاب عام 1973
لعبت جبهة الوطن والحرية دورًا حاسمًا في انقلاب عام 1973 الذي أطاح بحكومة أليندي. لقد عملوا جنبًا إلى جنب مع الجيش ووكالة المخابرات المركزية الأمريكية (CIA) لتخطيط وتنفيذ الانقلاب. لقد قدموا معلومات استخباراتية للجيش، وشاركوا في أعمال التخريب، وشنوا هجمات ضد أهداف يسارية. كان الهدف الرئيسي هو إضعاف حكومة أليندي وتمهيد الطريق للجيش للسيطرة على السلطة. من خلال دعمهم للانقلاب، ساعدت جبهة الوطن والحرية في القضاء على الديمقراطية في تشيلي وإقامة نظام عسكري قمعي.
بعد الانقلاب، تلقت جبهة الوطن والحرية دعمًا كبيرًا من النظام العسكري الجديد بقيادة الجنرال أوغستو بينوشيه. تم منحهم مناصب في الحكومة، وسُمح لهم بالعمل دون عوائق، بل وحتى تم تمويلهم بشكل غير مباشر من قبل النظام. لقد ساعد هذا الدعم في تعزيز قوة ونفوذ المجموعة، وتمكينهم من مواصلة أنشطتهم القمعية.
العلاقة مع نظام بينوشيه
شهدت العلاقة بين جبهة الوطن والحرية ونظام بينوشيه صعودًا وهبوطًا. في البداية، تعاونت المجموعة مع النظام، وشاركت في قمع المعارضة السياسية، والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان. لقد استخدموا العنف والترهيب لإسكات منتقدي النظام، وقتلوا وتعذيبوا الآلاف من الأشخاص. كان دعمهم للنظام لا يقدر بثمن في الحفاظ على السلطة والقضاء على المعارضة.
ومع ذلك، بدأت العلاقات بين المجموعة والنظام في التدهور في أواخر السبعينيات وأوائل الثمانينيات. بدأ بينوشيه في رؤية جبهة الوطن والحرية كمنافس محتمل لسلطته. لقد خاف من نفوذهم المتزايد، وقدرتهم على حشد الدعم الشعبي، والتزامهم بالعنف. في عام 1983، أطلق بينوشيه حملة قمع ضد المجموعة، واعتقل العديد من أعضائها، وأجبرهم على التوقف عن العمل.
تأثيرها وتراثها
كان لجبهة الوطن والحرية تأثير كبير على التاريخ السياسي لتشيلي. لقد لعبوا دورًا حاسمًا في الإطاحة بحكومة أليندي، وإقامة نظام بينوشيه العسكري. لقد تركوا إرثًا من العنف والترهيب والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان. لقد ساهموا في استقطاب المجتمع التشيلي، وإثارة الصراع السياسي، وإضعاف المؤسسات الديمقراطية.
بعد رحيل بينوشيه في عام 1990، لم يتمت محاكمة العديد من أعضاء جبهة الوطن والحرية على جرائمهم. لقد تمتعوا بالإفلات من العقاب، واستمروا في ممارسة نفوذهم في الحياة السياسية والاجتماعية في تشيلي. لقد ترك هذا الإفلات من العقاب جرحًا عميقًا في المجتمع التشيلي، وأعاق جهود المصالحة والعدالة.
اليوم، لا تزال جبهة الوطن والحرية تثير جدلاً كبيرًا في تشيلي. يراها البعض كجماعة وطنية دافعت عن مصالح البلاد في وقت الأزمة، بينما يراها آخرون كمنظمة إرهابية مسؤولة عن جرائم فظيعة. لا يزال تاريخهم موضوع نقاش حاد في تشيلي، ويذكرنا بالعواقب الوخيمة للتطرف السياسي والعنف.
خاتمة
كانت جبهة الوطن والحرية قوة رئيسية في السياسة التشيلية في السبعينيات والثمانينيات. لعبت المجموعة دورًا حاسمًا في الإطاحة بحكومة أليندي، وإقامة نظام بينوشيه العسكري. لقد تميزوا بأيديولوجيتهم اليمينية المتطرفة، والتزامهم بالعنف السياسي، ومعارضتهم الشديدة للديمقراطية. على الرغم من أن المجموعة انتهت رسميًا في الثمانينيات، إلا أن تأثيرها على التاريخ التشيلاني لا يزال محسوسًا حتى اليوم. إن دراسة حالة جبهة الوطن والحرية هي تذكير مهم بالعواقب الوخيمة للتطرف السياسي والعنف، وأهمية حماية المؤسسات الديمقراطية وسيادة القانون.