مقدمة
جيسي إرنست ويلكينز الابن (27 نوفمبر 1923 – 1 مايو 2011) كان عالمًا نوويًا أمريكيًا من أصل أفريقي، ومهندسًا ميكانيكيًا، وعالم رياضيات. يُعرف ويلكينز بإسهاماته الكبيرة في الرياضيات التطبيقية والفيزياء، وخاصة في مجال تصميم المفاعلات النووية. كانت حياته المهنية متميزة بالتفوق الأكاديمي والمهني، وتغلبه على العديد من الحواجز التي واجهها بسبب التمييز العنصري في عصره. يعتبر ويلكينز نموذجًا يحتذى به في مجال العلوم والتكنولوجيا، ومصدر إلهام للأجيال الشابة من العلماء والمهندسين.
الحياة المبكرة والتعليم
ولد جيسي إرنست ويلكينز الابن في شيكاغو، إلينوي، في عام 1923. أظهر نبوغًا مبكرًا في الرياضيات، حيث التحق بجامعة شيكاغو في سن مبكرة جدًا، وتخرج منها في سن السادسة عشرة. حصل على درجة البكالوريوس في الرياضيات عام 1940، ودرجة الماجستير في عام 1941، ثم الدكتوراه في عام 1942، وكل ذلك من جامعة شيكاغو. كان عمره 19 عامًا فقط عندما حصل على الدكتوراه، مما جعله واحدًا من أصغر الحاصلين على الدكتوراه في الرياضيات في تاريخ الولايات المتحدة.
العمل الأكاديمي
بعد حصوله على الدكتوراه، بدأ ويلكينز مسيرته المهنية في المجال الأكاديمي. عمل في البداية في معهد توسكيجي في ألاباما، حيث قام بتدريس الرياضيات. ثم عاد إلى جامعة شيكاغو كباحث، حيث عمل في مشروع مانهاتن خلال الحرب العالمية الثانية. كان مشروع مانهاتن مشروعًا سريًا لتطوير الأسلحة النووية، ولعب ويلكينز دورًا هامًا في الحسابات النظرية المتعلقة بتصميم المفاعلات النووية.
مشروع مانهاتن
خلال فترة عمله في مشروع مانهاتن، عمل ويلكينز في جامعة شيكاغو على تطوير طرق لتحسين كفاءة المفاعلات النووية. كان جزءًا من فريق قام بتطوير نماذج رياضية معقدة لمحاكاة سلوك النيوترونات في المفاعلات. ساهمت هذه النماذج في تصميم المفاعلات المستخدمة في إنتاج البلوتونيوم، وهو عنصر أساسي في صنع القنبلة الذرية. على الرغم من أهمية عمله، لم يحصل ويلكينز على التقدير الكامل الذي يستحقه في ذلك الوقت بسبب التمييز العنصري.
شركة أمريكية للبصريات
بعد الحرب العالمية الثانية، انتقل ويلكينز إلى القطاع الخاص، حيث عمل في شركة أمريكية للبصريات (American Optical Company). قاد هناك أبحاثًا في مجال البصريات الرياضية، وطور طرقًا جديدة لتصميم العدسات والمرايا. حصل على العديد من براءات الاختراع في مجال البصريات خلال فترة عمله في الشركة.
العودة إلى المجال النووي
في الخمسينيات من القرن الماضي، عاد ويلكينز إلى المجال النووي، حيث عمل في شركة ويستينغهاوس بيتون للطاقة الذرية (Westinghouse Bettis Atomic Power Laboratory). هناك، عمل على تصميم المفاعلات النووية المستخدمة في الغواصات والسفن الحربية. ساهم في تطوير مفاهيم جديدة في تصميم المفاعلات، وحصل على العديد من الجوائز والأوسمة تقديرًا لعمله.
عمله في جامعة هوارد
في عام 1970، انضم ويلكينز إلى جامعة هوارد، وهي جامعة تاريخية للسود في واشنطن العاصمة. شغل منصب أستاذ الرياضيات ورئيس قسم الرياضيات. خلال فترة عمله في جامعة هوارد، قام بتدريس العديد من الطلاب، وألهمهم لمتابعة مهن في العلوم والتكنولوجيا. كما قام بإجراء أبحاث في مجالات مختلفة من الرياضيات، بما في ذلك نظرية الاحتمالات والتحليل الوظيفي.
الإسهامات في الرياضيات
قدم ويلكينز إسهامات كبيرة في مجالات مختلفة من الرياضيات التطبيقية. تشمل هذه الإسهامات:
- نظرية النقل الإشعاعي: طور ويلكينز طرقًا جديدة لحل معادلات النقل الإشعاعي، وهي معادلات تصف كيفية انتقال الإشعاع عبر المواد. هذه الطرق تستخدم في تصميم المفاعلات النووية وفي دراسة الغلاف الجوي للأرض.
- نظرية الانتشار: قام ويلكينز بإجراء أبحاث حول نظرية الانتشار، وهي نظرية تصف كيفية انتشار الجسيمات في المواد. هذه النظرية تستخدم في تصميم المفاعلات النووية وفي دراسة المواد الصلبة.
- التحليل الوظيفي: قدم ويلكينز إسهامات في مجال التحليل الوظيفي، وهو فرع من فروع الرياضيات يتعامل مع الفضاءات المتجهة ذات الأبعاد اللانهائية. هذه الإسهامات تستخدم في حل المعادلات التفاضلية وفي دراسة نظرية الاحتمالات.
الجوائز والتكريمات
حصل ويلكينز على العديد من الجوائز والتكريمات تقديرًا لإسهاماته في العلوم والتكنولوجيا. تشمل هذه الجوائز:
- جائزة الإنجاز مدى الحياة من الرابطة الوطنية للمهندسين السود: حصل ويلكينز على هذه الجائزة في عام 1994 تقديرًا لمساهماته الكبيرة في الهندسة.
- جائزة “العلماء السود البارزون في العصر الحديث” من متحف العلوم والصناعة في شيكاغو: حصل ويلكينز على هذه الجائزة في عام 2007.
- وسام الخدمة المتميزة من جامعة شيكاغو: حصل ويلكينز على هذا الوسام في عام 2010.
التغلب على التمييز العنصري
واجه ويلكينز العديد من التحديات خلال حياته المهنية بسبب التمييز العنصري. على الرغم من تفوقه الأكاديمي والمهني، غالبًا ما تم تجاهله أو التقليل من شأنه بسبب لون بشرته. ومع ذلك، لم يستسلم ويلكينز أبدًا، واستمر في العمل بجد لتحقيق أهدافه. أصبح رمزًا للأمل والإلهام للأجيال الشابة من العلماء والمهندسين السود.
الإرث
ترك ويلكينز إرثًا دائمًا في مجال العلوم والتكنولوجيا. ساهم في تطوير المفاعلات النووية، وفي مجال البصريات الرياضية، وفي مجالات مختلفة من الرياضيات التطبيقية. كان ويلكينز نموذجًا يحتذى به في التفوق الأكاديمي والمهني، وفي التغلب على التمييز العنصري. ستبقى إنجازاته مصدر إلهام للأجيال القادمة من العلماء والمهندسين.
الحياة الشخصية
تزوج ويلكينز مرتين، ولديه ستة أطفال. كان محبًا للعزف على البيانو، وكان يستمتع بالقراءة والكتابة. كان أيضًا ناشطًا في مجال الحقوق المدنية، وعمل على تعزيز المساواة والعدالة للجميع.
وفاته
توفي جيسي إرنست ويلكينز الابن في الأول من مايو عام 2011 عن عمر يناهز 87 عامًا. ترك وراءه إرثًا من الإنجازات العلمية والإنسانية التي ستستمر في إلهام الأجيال القادمة.
خاتمة
كان ج. إرنست ويلكينز الابن شخصية بارزة في مجال العلوم والتكنولوجيا. من خلال تفوقه الأكاديمي ومساهماته الهامة في الفيزياء النووية والرياضيات التطبيقية، تجاوز التحديات المتعلقة بالتمييز العنصري وأصبح نموذجًا يُحتذى به. إرثه يلهم العلماء والمهندسين الطموحين في جميع أنحاء العالم، ويؤكد على أهمية المثابرة والتفاني في تحقيق النجاح.