نشأته وتعليمه
ولد إرنست هيلغارد في بيلفيل، إلينوي. حصل على درجة البكالوريوس في العلوم من جامعة إلينوي عام 1924، ثم حصل على درجة الدكتوراه في علم النفس من جامعة ييل عام 1930. بعد حصوله على الدكتوراه، انضم إلى هيئة التدريس بجامعة ستانفورد، حيث بقي طوال حياته المهنية.
الحياة المهنية
بدأ هيلغارد حياته المهنية في جامعة ستانفورد كمدرب في عام 1928، وترقى ليصبح أستاذًا متفرغًا في عام 1938. شغل منصب رئيس قسم علم النفس في ستانفورد من عام 1942 إلى عام 1951. خلال الحرب العالمية الثانية، عمل هيلغارد في مكتب البحوث العلمية والتطوير، حيث أجرى أبحاثًا حول فعالية البرامج التدريبية العسكرية. بعد الحرب، عاد إلى ستانفورد واستأنف أبحاثه في مجالات التعلم والتنويم المغناطيسي.
كان هيلغارد عضوًا نشطًا في العديد من المنظمات المهنية، بما في ذلك جمعية علم النفس الأمريكية (APA). شغل منصب رئيس APA في عام 1949. كما كان عضوًا في الأكاديمية الوطنية للعلوم والأكاديمية الأمريكية للفنون والعلوم.
أبحاث التنويم المغناطيسي ونظرية “المراقب الخفي”
يُعتبر هيلغارد على نطاق واسع أحد أبرز الباحثين في مجال التنويم المغناطيسي. ركزت أبحاثه على طبيعة الوعي والتجربة الذاتية أثناء التنويم المغناطيسي. اشتهر بشكل خاص بنظرية “المراقب الخفي”، التي اقترحها لشرح بعض الظواهر الغريبة المرتبطة بالتنويم المغناطيسي.
تنص نظرية المراقب الخفي على أن التنويم المغناطيسي لا يؤدي إلى تغيير كامل في الوعي، بل إلى انقسام في الوعي. وفقًا لهذه النظرية، يوجد جزء من الوعي يظل على علم بما يحدث، حتى عندما يكون الشخص المنوم مغناطيسيًا غير مدرك ظاهريًا لتلك الأحداث. هذا الجزء من الوعي هو “المراقب الخفي”.
أجرى هيلغارد سلسلة من التجارب لدعم نظريته عن المراقب الخفي. في إحدى التجارب الكلاسيكية، طلب من الأشخاص المنومين مغناطيسيًا أن يرفعوا أيديهم إذا شعروا بأي ألم. ثم طلب منهم أن يتظاهروا بأنهم لا يشعرون بأي ألم. على الرغم من أنهم كانوا يتظاهرون بعدم الشعور بالألم، إلا أن أيديهم كانت ترتفع بشكل لا إرادي عندما كان يتم وخزهم بإبرة. فسر هيلغارد هذه النتيجة على أنها دليل على وجود المراقب الخفي، الذي كان على علم بالألم على الرغم من أن الشخص المنوم مغناطيسيًا لم يكن واعيًا به.
أثارت نظرية المراقب الخفي جدلاً كبيرًا بين علماء النفس. يجادل بعض النقاد بأن الظواهر التي فسرها هيلغارد على أنها دليل على وجود المراقب الخفي يمكن تفسيرها بطرق أخرى، مثل الاقتراح أو عدم الانتباه الانتقائي. ومع ذلك، لا تزال نظرية المراقب الخفي ذات تأثير كبير في مجال التنويم المغناطيسي، وقد حفزت العديد من الأبحاث الأخرى حول طبيعة الوعي.
مساهمات أخرى في علم النفس
بالإضافة إلى أبحاثه في مجال التنويم المغناطيسي، قدم هيلغارد مساهمات كبيرة في مجالات أخرى من علم النفس. على سبيل المثال، قام بعمل مكثف حول التعلم والذاكرة. كان مهتمًا بشكل خاص بدور الدافع والتعزيز في التعلم. كما قام بأبحاث حول طبيعة الذاكرة وكيفية استرجاع المعلومات.
بالإضافة إلى ذلك، ساهم هيلغارد في تطوير نظريات الشخصية. كان مهتمًا بفهم العوامل التي تساهم في تكوين الشخصية وكيف تتغير الشخصية بمرور الوقت. اقترح نموذجًا للشخصية يتكون من ثلاثة مكونات: المزاج، والصفات، والاتجاهات.
أعماله المنشورة
نشر هيلغارد العديد من الكتب والمقالات العلمية طوال حياته المهنية. تشمل بعض أعماله البارزة:
- Conditioning and Learning (1940)
- Theories of Learning (1948)
- Introduction to Psychology (1953) – أصبح هذا الكتاب الدراسي شائعًا للغاية واستُخدم على نطاق واسع في دورات علم النفس التمهيدية لعقود.
- Hypnotic Susceptibility (1965)
- Divided Consciousness: Multiple Controls in Human Thought and Action (1977)
يُعتبر كتابه “مقدمة في علم النفس” (Introduction to Psychology) على نطاق واسع أحد أكثر الكتب المدرسية تأثيرًا في تاريخ علم النفس. تم استخدامه من قبل ملايين الطلاب حول العالم، وساعد في تشكيل فهمهم لعلم النفس.
الجوائز والتكريمات
حصل هيلغارد على العديد من الجوائز والتكريمات طوال حياته المهنية، بما في ذلك:
- جائزة المساهمات العلمية المتميزة من جمعية علم النفس الأمريكية (1972)
- ميدالية وارن من جمعية علماء النفس التجريبيين (1974)
- جائزة الإنجاز مدى الحياة من جمعية علم النفس الأمريكية (1994)
إرثه
ترك إرنست هيلغارد إرثًا دائمًا في مجال علم النفس. كان عالمًا وباحثًا ومعلمًا مؤثرًا. ساهمت أبحاثه في التنويم المغناطيسي والتعلم والذاكرة ونظريات الشخصية في تطوير فهمنا للعقل البشري والسلوك. كما كان معلمًا مخلصًا ألهم أجيالًا من علماء النفس.
خاتمة
كان إرنست هيلغارد شخصية محورية في علم النفس الحديث. من خلال أبحاثه الرائدة، وخاصة في مجال التنويم المغناطيسي ونظرية “المراقب الخفي”، أحدث ثورة في فهمنا للوعي والسلوك البشري. بالإضافة إلى ذلك، ترك إرثًا تعليميًا كبيرًا من خلال كتابه المدرسي الشهير “مقدمة في علم النفس”. يظل إرث هيلغارد مصدر إلهام للباحثين والطلاب في جميع أنحاء العالم، وسيستمر في التأثير على مجال علم النفس لسنوات عديدة قادمة.