<![CDATA[
نشأتها وبداياتها
ولدت فرانسينا شابيرو في عام 1948 في بروكلين، نيويورك. حصلت على درجة البكالوريوس في الأدب الإنجليزي من كلية هانتر، ثم حصلت على درجة الماجستير والدكتوراه في علم النفس من جامعة نيويورك. بدأت مسيرتها المهنية كمعالجة نفسية في أوائل السبعينيات، حيث عملت مع الأفراد والأزواج، واكتسبت خبرة واسعة في مجالات العلاج النفسي المختلفة.
اكتشاف تقنية EMDR
كانت نقطة التحول في حياة شابيرو في عام 1987، عندما لاحظت تأثير حركة العين على تخفيف الأفكار المزعجة. أثناء قيامها بنزهة، لاحظت أنها عندما كانت تتحرك عينيها بشكل عشوائي، كانت الأفكار السلبية التي كانت تراودها تقل حدتها. أدت هذه الملاحظة إلى سلسلة من الأبحاث والتجارب، والتي أدت في النهاية إلى تطوير تقنية EMDR.
قامت شابيرو بتجربة تقنية EMDR على نفسها أولاً، ثم على الآخرين، ولاحظت نتائج إيجابية مذهلة. بدأت في نشر نتائج أبحاثها في المجلات العلمية، وفي عام 1989، نشرت أول مقال لها عن EMDR في مجلة “مجلة العلاج النفسي”.
مبادئ وتقنيات EMDR
تعتمد EMDR على افتراض أن الصدمات النفسية تؤدي إلى تخزين المعلومات بشكل غير صحيح في الدماغ، مما يتسبب في أعراض نفسية مزعجة. تهدف EMDR إلى مساعدة الأفراد على معالجة هذه الذكريات المؤلمة وإعادة معالجتها، مما يقلل من تأثيرها العاطفي.
تتضمن تقنية EMDR ثماني مراحل أساسية:
- التاريخ وتقييم العميل: يقوم المعالج بجمع معلومات حول تاريخ العميل وأعراضه، وتحديد الذكريات المؤلمة التي سيتم استهدافها.
- التحضير: يقوم المعالج بتعليم العميل آليات التأقلم، مثل تقنيات التنفس والاسترخاء، لمساعدته على التعامل مع المشاعر الصعبة التي قد تنشأ أثناء العلاج.
- التقييم: يتم تحديد الذاكرة المؤلمة المستهدفة، والصورة الذهنية المرتبطة بها، والمشاعر السلبية، والمعتقدات السلبية، والإحساس الجسدي.
- إزالة الحساسية: يتم التركيز على الذاكرة المؤلمة، مع تحفيز حركة العين الثنائية (أو التنبيهات الحسية الأخرى)، مثل النقر على الأصابع أو سماع الأصوات بالتناوب. تهدف هذه العملية إلى مساعدة الدماغ على معالجة الذاكرة المؤلمة.
- التركيب: يتم دمج المعتقدات الإيجابية مع الذاكرة المؤلمة، لتحل محل المعتقدات السلبية.
- الفحص الجسدي: يتم فحص الجسم للتحقق من أي بقايا من التوتر أو الإحساس الجسدي المرتبط بالذاكرة المؤلمة.
- الإغلاق: يتم تدريب العميل على استخدام آليات التأقلم التي تعلمها في المرحلة التحضيرية، للمساعدة في التعامل مع أي مشاعر صعبة قد تظهر بعد الجلسة.
- إعادة التقييم: في بداية كل جلسة، يتم تقييم التقدم المحرز، وتحديد أي ذكريات مؤلمة جديدة تحتاج إلى المعالجة.
تطبيقات EMDR
تم استخدام EMDR لعلاج مجموعة واسعة من الحالات النفسية، بما في ذلك:
- اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD): يعتبر EMDR علاجًا فعالًا لاضطراب ما بعد الصدمة، حيث يساعد الأفراد على معالجة الذكريات المؤلمة المرتبطة بالصدمة.
- القلق: يمكن استخدام EMDR لعلاج أنواع مختلفة من القلق، مثل اضطراب الهلع، والرهاب الاجتماعي، والقلق العام.
- الاكتئاب: قد يكون EMDR فعالًا في علاج الاكتئاب، خاصةً إذا كان مرتبطًا بصدمات الماضي.
- اضطرابات الأكل: يمكن أن يساعد EMDR في علاج اضطرابات الأكل، مثل فقدان الشهية العصبي والشره المرضي العصبي، من خلال معالجة التجارب السلبية المرتبطة بالأكل.
- الإدمان: يمكن استخدام EMDR كجزء من برنامج علاج الإدمان، لمساعدة الأفراد على التغلب على الرغبة الشديدة في المخدرات والسلوكيات الإدمانية.
- مشاكل أخرى: يستخدم EMDR أيضًا لعلاج مجموعة متنوعة من المشكلات الأخرى، مثل الحزن المعقد، والألم المزمن، والصدمات المبكرة في مرحلة الطفولة.
الاعتراف والتقدير
حظيت أعمال فرانسينا شابيرو باعتراف وتقدير واسعين في مجال علم النفس. حصلت على العديد من الجوائز والتكريمات، بما في ذلك جائزة “الإنجاز المتميز” من جمعية علم النفس الأمريكية. كما أسست “معهد EMDR الدولي”، وهو منظمة تهدف إلى تدريب المعالجين على تقنية EMDR، وتقديم الدعم للأبحاث المتعلقة بها.
انتشرت تقنية EMDR في جميع أنحاء العالم، وأصبحت واحدة من أكثر العلاجات النفسية استخدامًا لعلاج الصدمات النفسية. تم تدريب الآلاف من المعالجين على تقنية EMDR، وقد استفاد منها ملايين الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات الصحة النفسية.
نقد وتقييم
على الرغم من فعالية EMDR التي أثبتتها الأبحاث، فقد تعرضت التقنية لبعض الانتقادات. يجادل بعض النقاد بأن التغييرات التي تحدث في العلاج لا تعزى بالضرورة إلى حركة العين، بل إلى عوامل أخرى مثل العلاقة بين المعالج والعميل، والتعرض للذكريات المؤلمة، وتقنيات التأقلم المستخدمة. ومع ذلك، لا تزال EMDR تحظى بدعم قوي من قبل العديد من علماء النفس والباحثين، الذين يؤكدون على فعاليتها في علاج مجموعة متنوعة من الحالات النفسية.
أحد الانتقادات الشائعة هو أن EMDR قد تكون مكلفة ومستهلكة للوقت، حيث تتطلب عادةً سلسلة من الجلسات العلاجية. بالإضافة إلى ذلك، قد لا تكون EMDR مناسبة لجميع الأفراد، وقد يكون من الضروري إجراء تقييم شامل لتحديد ما إذا كانت التقنية هي الخيار العلاجي الأفضل.
هناك جدل مستمر حول آليات عمل EMDR. في حين أن الآلية الدقيقة غير مفهومة بالكامل، تشير النظريات إلى أن حركة العين الثنائية تساعد في معالجة الذكريات المؤلمة عن طريق تنشيط نظام معالجة المعلومات في الدماغ. تشير بعض الدراسات إلى أن EMDR قد تغير النشاط في مناطق معينة من الدماغ، مثل اللوزة (المرتبطة بالعواطف) والحصين (المسؤول عن الذاكرة).
إرث فرانسينا شابيرو
تُعتبر فرانسينا شابيرو رائدة في مجال العلاج النفسي، وقد تركت إرثًا دائمًا. من خلال تطويرها لتقنية EMDR، قدمت أداة فعالة للأفراد الذين يعانون من الصدمات النفسية والاضطرابات ذات الصلة. ساهمت أبحاثها وتدريبها في نشر الوعي حول أهمية الصحة النفسية، وألهمت آلاف المعالجين حول العالم. استمر عملها في مساعدة الناس على التعافي والعيش حياة أفضل.
الوفاة والتكريم
توفيت فرانسينا شابيرو في 16 يونيو 2019، عن عمر يناهز 71 عامًا. على الرغم من وفاتها، فإن إرثها مستمر من خلال عمل معهد EMDR الدولي، وجهود المعالجين الذين يمارسون تقنية EMDR. تم تكريمها في العديد من المناسبات، بما في ذلك ذكرى إنجازاتها في مجلة علم النفس، وأعمالها تدرس في الجامعات ومراكز التدريب المتخصصة.
خاتمة
فرانسينا شابيرو كانت شخصية مؤثرة في مجال علم النفس، حيث ابتكرت تقنية EMDR التي أحدثت ثورة في علاج الصدمات النفسية. ساهمت أبحاثها وجهودها في تحسين حياة الآلاف من الأشخاص، وأصبحت EMDR واحدة من أكثر العلاجات النفسية استخدامًا في جميع أنحاء العالم. على الرغم من بعض الانتقادات، فإن إرثها مستمر، وستظل مساهماتها في مجال الصحة النفسية محط تقدير واهتمام.