مقدمة
تشارلز كتلر توري (20 ديسمبر 1863 – 12 نوفمبر 1956) كان مؤرخًا وعالم آثار وباحثًا أمريكيًا بارزًا، اشتهر بإسهاماته الهامة في دراسة اللغات السامية والتاريخ الشرقي القديم. ترك توري بصمة واضحة في مجال الدراسات الشرقية من خلال أبحاثه المتعمقة وتفسيراته المبتكرة للنصوص القديمة.
حياته المبكرة وتعليمه
ولد تشارلز كتلر توري في 20 ديسمبر 1863، ونشأ في بيئة حفزت شغفه بالمعرفة والبحث. تلقى تعليمه في جامعة ييل المرموقة، حيث تفوق في دراسة اللغات القديمة والتاريخ. حصل على درجة الدكتوراه من جامعة ستراسبورغ في ألمانيا، حيث تعمق في دراسة اللغات السامية تحت إشراف كبار المستشرقين في ذلك الوقت. هذه الفترة من الدراسة المكثفة في أوروبا شكلت أساسًا قويًا لمسيرته الأكاديمية المستقبلية.
مسيرته المهنية
بعد عودته إلى الولايات المتحدة، انضم توري إلى هيئة التدريس في جامعة ييل، حيث أمضى معظم حياته المهنية. شغل منصب أستاذ اللغات السامية، وقام بتدريس أجيال من الطلاب الذين أصبحوا فيما بعد قادة في مجال الدراسات الشرقية. تميزت مسيرته المهنية بالتدريس المتميز والبحث العلمي الدقيق، مما جعله شخصية محورية في قسم اللغات السامية بجامعة ييل.
إسهاماته العلمية
تُعتبر إسهامات توري في مجال الدراسات الشرقية واسعة ومتنوعة. ركزت أبحاثه بشكل خاص على دراسة اللغة العربية وآدابها، بالإضافة إلى التاريخ اليهودي القديم وعلم الآثار. من بين أبرز أعماله:
- ترجمة ودراسة العديد من النصوص العربية القديمة: قام توري بترجمة وتحليل العديد من النصوص العربية الهامة، مما ساهم في فهم أعمق للتاريخ والثقافة العربية.
- أبحاثه في التاريخ اليهودي القديم: قدم توري رؤى جديدة حول التاريخ اليهودي القديم من خلال تحليل نقدي للمصادر التاريخية والأثرية.
- مساهماته في علم الآثار: شارك توري في العديد من الحفريات الأثرية في الشرق الأوسط، مما أتاح له فرصة لدراسة الآثار القديمة وفهم الحضارات التي ازدهرت في هذه المنطقة.
بالإضافة إلى ذلك، نشر توري العديد من الكتب والمقالات العلمية التي لاقت استحسانًا واسعًا في الأوساط الأكاديمية. تميزت كتاباته بالدقة والوضوح والعمق، مما جعلها مرجعًا هامًا للباحثين والطلاب في مجال الدراسات الشرقية.
أبرز أعماله
من بين أبرز أعمال تشارلز كتلر توري:
- “The Commercial-Theological Terms in the Koran”: دراسة تحليلية للمصطلحات التجارية والدينية في القرآن الكريم.
- “The Jewish Foundation of Islam”: بحث مثير للجدل يستكشف الجذور اليهودية للإسلام.
- “Second Isaiah: A New Interpretation”: تفسير جديد لسفر إشعياء الثاني في العهد القديم.
- “The Composition and Date of Acts”: دراسة حول تأليف وتاريخ سفر أعمال الرسل في العهد الجديد.
تعكس هذه الأعمال تنوع اهتمامات توري العلمية وعمق تحليلاته للنصوص القديمة.
“The Jewish Foundation of Islam”
يُعتبر كتاب “The Jewish Foundation of Islam” من أكثر أعمال توري إثارة للجدل. يقدم الكتاب بحثًا معمقًا يستكشف العلاقة بين اليهودية والإسلام، ويقترح أن الإسلام استمد العديد من أفكاره وممارساته من التقاليد اليهودية. أثار هذا الكتاب نقاشات حادة بين العلماء والمفكرين، ولا يزال موضوعًا للنقاش حتى اليوم. بغض النظر عن الآراء المتباينة حول هذا الكتاب، لا يمكن إنكار أنه ساهم في إثراء الحوار حول العلاقة بين الديانات الإبراهيمية.
تأثيره على الدراسات الشرقية
كان لتشارلز كتلر توري تأثير كبير على تطور الدراسات الشرقية في الولايات المتحدة. من خلال تدريسه وبحثه وكتاباته، ساهم في تدريب جيل جديد من العلماء والباحثين في هذا المجال. كما ساهم في تعزيز فهم أعمق للتاريخ والثقافة العربية والإسلامية في الغرب. لا تزال أعماله تُقرأ وتُدرس حتى اليوم، وتعتبر مرجعًا هامًا للباحثين في مجال الدراسات الشرقية.
الحياة الشخصية
تزوج تشارلز كتلر توري من ماري إيفلين كولمان في عام 1892. كان لديهما أربعة أطفال. عُرف توري بحياته المتواضعة وتفانيه في عمله الأكاديمي. كان يحظى بتقدير كبير من زملائه وطلابه على حد سواء.
جوائز وتكريمات
تقديراً لإسهاماته العلمية، حصل تشارلز كتلر توري على العديد من الجوائز والتكريمات، بما في ذلك:
- عضوية الأكاديمية الأمريكية للفنون والعلوم.
- الدكتوراه الفخرية من جامعة ييل.
- زمالة جمعية المستشرقين الأمريكية.
تعكس هذه الجوائز والتكريمات المكانة الرفيعة التي كان يتمتع بها توري في الأوساط الأكاديمية.
وفاته
توفي تشارلز كتلر توري في 12 نوفمبر 1956، عن عمر يناهز 92 عامًا. ترك وراءه إرثًا علميًا غنيًا يستمر في إلهام الباحثين والطلاب في مجال الدراسات الشرقية.
خاتمة
كان تشارلز كتلر توري شخصية بارزة في مجال الدراسات الشرقية، حيث ترك بصمة واضحة من خلال أبحاثه المتعمقة وتفسيراته المبتكرة للنصوص القديمة. ساهم في تدريب جيل جديد من العلماء والباحثين، وعزز فهم أعمق للتاريخ والثقافة العربية والإسلامية في الغرب. لا تزال أعماله تُقرأ وتُدرس حتى اليوم، وتعتبر مرجعًا هامًا للباحثين في مجال الدراسات الشرقية.