مقدمة
إليزابيث كوهين هي أستاذة هوارد مومفورد جونز الحالية للدراسات الأمريكية في قسم التاريخ بجامعة هارفارد. تشتهر كوهين بأبحاثها المتعمقة حول تاريخ الولايات المتحدة في القرن العشرين، مع تركيز خاص على العلاقة بين الثقافة والمجتمع والسياسة. تتميز أعمالها بالتحليل الدقيق والتفسير العميق للتغيرات الاجتماعية والاقتصادية التي شكلت أمريكا الحديثة.
الحياة المبكرة والتعليم
نشأت إليزابيث كوهين في كنف أسرة أكاديمية تقدر العلم والمعرفة. انعكس هذا التأثير في مسيرتها التعليمية المتميزة، حيث حصلت على درجة البكالوريوس من جامعة برينستون، وهي واحدة من أعرق الجامعات في الولايات المتحدة. لم تكتفِ كوهين بهذا الإنجاز، بل واصلت تحصيلها العلمي وحصلت على درجة الدكتوراه من جامعة كاليفورنيا في بيركلي، وهي مؤسسة أكاديمية مرموقة تشتهر ببرامجها البحثية المتقدمة. خلال فترة دراستها، ركزت كوهين على التاريخ الأمريكي الحديث، واستكشفت بعمق التفاعلات المعقدة بين القوى الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.
المسيرة الأكاديمية
بعد حصولها على الدكتوراه، بدأت إليزابيث كوهين مسيرة أكاديمية لامعة، حيث انضمت إلى هيئة التدريس في جامعة كارنيجي ميلون، وهي جامعة بحثية رائدة في بيتسبرغ. أمضت كوهين سنوات عديدة في كارنيجي ميلون، حيث قامت بتدريس مجموعة متنوعة من الدورات في التاريخ الأمريكي، وأشرفت على العديد من طلاب الدراسات العليا، ونشرت العديد من المقالات والكتب التي لاقت استحساناً كبيراً. في عام 2003، انتقلت كوهين إلى جامعة هارفارد، حيث تشغل حالياً منصب أستاذة هوارد مومفورد جونز للدراسات الأمريكية. في هارفارد، تواصل كوهين البحث والتدريس والكتابة حول مجموعة واسعة من الموضوعات المتعلقة بالتاريخ الأمريكي الحديث، وتلعب دوراً قيادياً في تشكيل جيل جديد من المؤرخين والباحثين.
أبرز أعمالها
“صناع صفقة جديدة: الطبقة الوسطى الأمريكية تتشكل” (Making a New Deal: Industrial Workers, Race Relations, and the CIO)
يعتبر هذا الكتاب من أبرز أعمال إليزابيث كوهين، وقد نُشر في عام 1990. يستكشف الكتاب صعود الكونغرس للمنظمات الصناعية (CIO) خلال فترة الكساد الكبير، وكيف ساهم هذا الاتحاد العمالي في تشكيل الطبقة الوسطى الأمريكية. تدرس كوهين بعمق كيف وحدت الـ CIO العمال من مختلف الخلفيات العرقية والإثنية، وكيف ساهمت في تحسين ظروف العمل والأجور. يلقي الكتاب الضوء على الدور المحوري الذي لعبه العمال في تشكيل السياسة والاقتصاد الأمريكيين في القرن العشرين.
“أمة المستهلكين: السياسة والثقافة الحديثة لأمريكا” (A Consumers’ Republic: The Politics of Mass Consumption in Postwar America)
نُشر هذا الكتاب في عام 2003، وهو عمل رائد يستكشف كيف أصبحت ثقافة الاستهلاك الجماعي قوة مهيمنة في أمريكا بعد الحرب العالمية الثانية. تجادل كوهين بأن الاستهلاك لم يكن مجرد نشاط اقتصادي، بل كان أيضاً قوة سياسية وثقافية شكلت الهوية الأمريكية والقيم الاجتماعية. يدرس الكتاب كيف تم الترويج للاستهلاك من قبل الشركات والحكومة ووسائل الإعلام، وكيف أثر ذلك على جوانب مختلفة من الحياة الأمريكية، من السياسة إلى الدين إلى العلاقات العائلية.
“خلاص الرأسمالية: بناء اقتصاد كبير للجميع” (Saving Capitalism: For the Many, Not the Few) لروبرت رايخ (مراجعة)
في هذه المراجعة النقدية لكتاب روبرت رايخ، تتناول كوهين القضايا المعقدة المتعلقة بعدم المساواة الاقتصادية ودور الرأسمالية في المجتمع الحديث. تقدم كوهين تحليلاً ثاقباً لحجج رايخ، وتتساءل عما إذا كانت إصلاحات الرأسمالية كافية لمعالجة التحديات الهيكلية التي تواجه الاقتصاد الأمريكي. تعكس هذه المراجعة اهتمام كوهين المستمر بقضايا العدالة الاجتماعية والاقتصادية.
مساهماتها الفكرية
تتميز مساهمات إليزابيث كوهين الفكرية بالعمق والشمولية والابتكار. لقد قدمت رؤى جديدة حول مجموعة واسعة من الموضوعات المتعلقة بالتاريخ الأمريكي الحديث، بما في ذلك:
- تاريخ الطبقة العاملة: قدمت كوهين مساهمات كبيرة في فهم تاريخ الطبقة العاملة الأمريكية، وخاصة دور العمال في تشكيل السياسة والاقتصاد الأمريكيين.
- تاريخ الاستهلاك: ساهمت كوهين في تطوير مجال تاريخ الاستهلاك، وأظهرت كيف أصبح الاستهلاك قوة سياسية وثقافية مهيمنة في أمريكا الحديثة.
- تاريخ المدن: قدمت كوهين رؤى جديدة حول تاريخ المدن الأمريكية، وكيف تطورت وتغيرت على مر الزمن.
- العلاقات العرقية: درست كوهين بعمق العلاقات العرقية في أمريكا، وكيف أثرت على جوانب مختلفة من الحياة الأمريكية.
- السياسة والثقافة: استكشفت كوهين العلاقة المعقدة بين السياسة والثقافة في أمريكا الحديثة، وكيف تتفاعل القوى السياسية والثقافية لتشكيل المجتمع الأمريكي.
تتميز أعمال كوهين بالتحليل الدقيق والتفسير العميق والأسلوب الكتابي الواضح والمباشر. لقد أثرت أعمالها على جيل من المؤرخين والباحثين، وساهمت في تغيير فهمنا للتاريخ الأمريكي الحديث.
الجوائز والتكريمات
تقديراً لإسهاماتها الفكرية المتميزة، حصلت إليزابيث كوهين على العديد من الجوائز والتكريمات المرموقة، بما في ذلك:
- جائزة بانكروفت في التاريخ الأمريكي.
- جائزة فيليب تافت في التاريخ العمالي.
- زمالة غوغنهايم.
- زمالة الصندوق الوطني للعلوم الإنسانية.
تعكس هذه الجوائز والتكريمات التقدير الواسع النطاق لأعمال كوهين وأهميتها في مجال التاريخ الأمريكي.
تأثيرها على الدراسات الأمريكية
لقد كان لإليزابيث كوهين تأثير كبير على مجال الدراسات الأمريكية. من خلال أبحاثها الرائدة وكتاباتها المؤثرة، ساهمت في توسيع نطاق الدراسات الأمريكية وتعميق فهمنا للتاريخ والثقافة والمجتمع الأمريكي. لقد ألهمت كوهين جيلاً جديداً من الباحثين والطلاب، وساعدت في تشكيل مستقبل الدراسات الأمريكية.
مشاركتها العامة
بالإضافة إلى عملها الأكاديمي، تشارك إليزابيث كوهين بنشاط في النقاش العام حول القضايا الاجتماعية والسياسية. لقد كتبت العديد من المقالات والافتتاحيات لوسائل الإعلام الرئيسية، وظهرت في العديد من البرامج الإذاعية والتلفزيونية. تدافع كوهين عن قضايا العدالة الاجتماعية والمساواة الاقتصادية، وتستخدم معرفتها التاريخية لإلقاء الضوء على التحديات التي تواجه المجتمع الأمريكي اليوم.
أعمال أخرى
بالإضافة إلى الكتب المذكورة أعلاه، نشرت إليزابيث كوهين العديد من المقالات والفصول في الكتب حول مجموعة واسعة من الموضوعات المتعلقة بالتاريخ الأمريكي الحديث. تشمل بعض أعمالها الأخرى:
- “الحدود المتعرجة: العرق والعلاقات العرقية في شيكاغو، 1919-1940” (Making Do: How Working Families Make Ends Meet in Today’s America)
- “الكساد الكبير” (The Great Depression)
- “الحرب العالمية الثانية” (World War II)
تعكس هذه الأعمال الأخرى اهتمام كوهين المستمر بالتاريخ الأمريكي الحديث والتزامها بإنتاج أبحاث عالية الجودة وذات صلة.
المنهجية
تعتمد إليزابيث كوهين في أبحاثها على منهجية متينة تجمع بين البحث الأرشيفي الدقيق والتحليل النقدي والتفسير العميق. تستخدم كوهين مجموعة متنوعة من المصادر الأولية، بما في ذلك الوثائق الحكومية والرسائل الشخصية والمذكرات والصور الفوتوغرافية والمقابلات، لإعادة بناء الماضي وفهمه. كما تعتمد على مجموعة واسعة من المصادر الثانوية، بما في ذلك الكتب والمقالات والدراسات، لوضع أبحاثها في سياق أوسع.
تتميز كوهين بقدرتها على ربط التفاصيل الدقيقة بالصورة الكبيرة، وعلى إظهار كيف تتفاعل القوى الاجتماعية والاقتصادية والسياسية لتشكيل المجتمع الأمريكي. كما تتميز بقدرتها على الكتابة بأسلوب واضح ومباشر يجعل أبحاثها في متناول جمهور واسع.
الحياة الشخصية
إليزابيث كوهين متزوجة ولديها أطفال. بالإضافة إلى عملها الأكاديمي، تستمتع كوهين بالقراءة والسفر وقضاء الوقت مع عائلتها. وهي معروفة أيضاً بدعمها للجمعيات الخيرية والمنظمات غير الربحية التي تعمل على تحسين المجتمع.
خاتمة
إليزابيث كوهين هي مؤرخة بارزة وأستاذة جامعية مرموقة قدمت مساهمات كبيرة في فهمنا للتاريخ الأمريكي الحديث. من خلال أبحاثها الرائدة وكتاباتها المؤثرة ومشاركتها العامة، ألهمت كوهين جيلاً جديداً من الباحثين والطلاب، وساعدت في تشكيل مستقبل الدراسات الأمريكية. ستظل أعمالها مرجعاً هاماً للباحثين والطلاب والجمهور المهتم بالتاريخ الأمريكي لسنوات عديدة قادمة.