<![CDATA[
خلفية تاريخية
ولد ليوبولد سزوندي في عام 1893 في نيترا (سلوفاكيا حاليًا) وتوفي عام 1986 في سويسرا. درس الطب في زيورخ وأصبح طبيبًا نفسيًا. تأثر سزوندي بأعمال سيغموند فرويد وكارل يونغ، وقام بتطوير اختبار سزوندي استنادًا إلى نظرياتهما حول اللاوعي. خلال الحرب العالمية الثانية، أجبر سزوندي على مغادرة المجر بسبب أصله اليهودي. استقر في سويسرا، حيث واصل تطوير عمله على الاختبار. كان اختبار سزوندي محاولة لفهم علم النفس الوراثي والتحكم في الدوافع اللاواعية.
آلية عمل الاختبار
يتكون اختبار سزوندي من سلسلة من ثماني مجموعات من الصور، تتضمن كل مجموعة ستة صور لوجوه أشخاص مصابين بأمراض نفسية مختلفة. تُمثل هذه الصور مجموعة متنوعة من الاضطرابات النفسية، مثل الاكتئاب، والهستيريا، والصرع، والفصام، والسادية، والشذوذ الجنسي. يُطلب من الشخص الذي يخضع للاختبار أن يختار الوجهين الأكثر تفضيلاً والوجهين الأقل تفضيلاً من كل مجموعة. تعتمد فرضية الاختبار على أن اختيارات الشخص تعكس دوافعه اللاواعية واحتياجاته النفسية.
وفقًا لنظرية سزوندي، فإن اختيار الشخص للصور يكشف عن ميوله اللاواعية المتعلقة بالغرائز الأساسية. هذه الغرائز مقسمة إلى ثماني فئات، يمثل كل منها زوجًا من العوامل الوراثية التي تتناقض مع بعضها البعض. على سبيل المثال:
- P (الغرائز الجنسية): يمثل هذا العامل التوجهات الجنسية الطبيعية أو الشاذة.
- S (الغرائز السادية): يتعلق هذا العامل بالعنف والعدوانية.
- M (الغرائز الهستيرية): يمثل هذا العامل الحاجة إلى العاطفة والحب.
- K (الغرائز الهروبية): يتعلق هذا العامل بالقلق والخوف.
- E (الغرائز الإبيليبسية): يمثل هذا العامل السيطرة والعدوانية المكبوتة.
- Hy (الغرائز الهستيرية): يتعلق هذا العامل بالحاجة إلى التقدير والاعتراف.
- Cs (الغرائز الدورانية): يمثل هذا العامل الانفتاح على العالم الاجتماعي.
- D (الغرائز الاكتئابية): يتعلق هذا العامل بالانسحاب والموت.
بناءً على اختيارات الشخص، يقوم المختبر بتحليل النتائج لتحديد نمط الشخصية والميول النفسية. يُزعم أن هذا التحليل يمكن أن يوفر نظرة ثاقبة حول دوافع الشخص اللاواعية، والتوقعات، والاتجاهات المرضية المحتملة.
تقييم اختبار سزوندي
على الرغم من شعبيته في وقت من الأوقات، تعرض اختبار سزوندي لانتقادات كبيرة من قبل مجتمع علم النفس. تركز هذه الانتقادات بشكل رئيسي على قضايا الموثوقية والصلاحية.
الموثوقية: تشير الموثوقية إلى اتساق نتائج الاختبار. وقد أظهرت الدراسات أن اختبار سزوندي يفتقر إلى الموثوقية الكافية. وهذا يعني أن النتائج يمكن أن تختلف بشكل كبير اعتمادًا على وقت إجراء الاختبار، والمختبر، وحتى الحالة المزاجية للشخص الذي يخضع للاختبار. هذا يجعل من الصعب الاعتماد على نتائج الاختبار للحصول على تقييم دقيق للشخصية.
الصلاحية: تشير الصلاحية إلى ما إذا كان الاختبار يقيس ما يزعم أنه يقيسه. وقد أظهرت الدراسات أن اختبار سزوندي يفتقر إلى الصلاحية الكافية. وهذا يعني أنه ليس من المؤكد ما إذا كان الاختبار يقيس بالفعل الدوافع اللاواعية أو أي جوانب أخرى من الشخصية كما يدعي. قد تتأثر النتائج بعوامل أخرى، مثل التحيزات الشخصية للمشارك، أو الصور التي يتم استخدامها في الاختبار.
بالإضافة إلى ذلك، يواجه اختبار سزوندي صعوبات في التطبيق العملي. يتطلب الاختبار تدريبًا متخصصًا، وقد يكون من الصعب تفسير النتائج بشكل موضوعي. علاوة على ذلك، لم يتم توحيد الاختبار بشكل جيد في الثقافات المختلفة، مما يجعل من الصعب استخدامه في المقارنات بين الثقافات.
استخدامات اختبار سزوندي
على الرغم من الانتقادات، تم استخدام اختبار سزوندي في بعض السياقات. في الماضي، استخدمه بعض الأطباء النفسيون في تقييم المرضى، خاصة في الحالات التي قد تكون فيها الاختبارات اللفظية غير فعالة أو غير مناسبة. تم استخدامه أيضًا في بعض الأبحاث النفسية، على الرغم من أن هذه الأبحاث محدودة بشكل عام.
من الجدير بالذكر أن اختبار سزوندي نادرًا ما يُستخدم في الممارسة السريرية الحديثة بسبب القيود المفروضة على الموثوقية والصلاحية. وبدلاً من ذلك، يفضل الأخصائيون النفسيون استخدام اختبارات شخصية أخرى أكثر موثوقية وصلاحية، مثل مقياس مينيسوتا متعدد الأوجه للشخصية (MMPI) أو اختبار الشخصية الخمسة الكبار (Big Five personality test).
العوامل المؤثرة في نتائج الاختبار
هناك عدة عوامل يمكن أن تؤثر على نتائج اختبار سزوندي، مما يجعل من الصعب تفسيرها بدقة. وتشمل هذه العوامل:
- الحالة المزاجية: يمكن أن تؤثر الحالة المزاجية للشخص الذي يخضع للاختبار، مثل القلق أو الاكتئاب، على اختياراته.
- التحيزات الشخصية: يمكن أن تؤثر التحيزات الشخصية، سواء كانت واعية أو غير واعية، على اختيارات الشخص للصور.
- الصور المستخدمة: يمكن أن تؤثر جودة الصور المستخدمة في الاختبار على نتائج الاختبار.
- خبرة المختبر: يمكن أن تؤثر خبرة المختبر وتدريبه على تفسير النتائج.
- الظروف الثقافية: يمكن أن تؤثر الخلفية الثقافية للشخص على اختياراته.
نظرًا لهذه العوامل، يجب تفسير نتائج اختبار سزوندي بحذر، وبالتزامن مع معلومات أخرى حول الشخص الذي يخضع للاختبار.
بدائل اختبار سزوندي
نظرًا للقيود المفروضة على اختبار سزوندي، يفضل الأخصائيون النفسيون استخدام اختبارات شخصية أخرى أكثر موثوقية وصلاحية. تشمل بعض البدائل:
- اختبار الشخصية الخمسة الكبار: يقيس هذا الاختبار خمس سمات شخصية أساسية: الانفتاح، والضمير، والانبساط، والاتفاق، والعصابية.
- مقياس مينيسوتا متعدد الأوجه للشخصية (MMPI): اختبار واسع النطاق يقيم مجموعة واسعة من جوانب الشخصية، بما في ذلك الاضطرابات النفسية.
- اختبار بقع الحبر لرورشاخ: اختبار إسقاطي آخر يتضمن تحليل إدراك الشخص لبقع الحبر.
توفر هذه الاختبارات بدائل أفضل لاختبار سزوندي نظرًا لموثوقيتها وصلاحيتها الأكبر.
التطورات الحديثة
على الرغم من أن اختبار سزوندي لم يعد يستخدم على نطاق واسع في الممارسة السريرية، إلا أن بعض الباحثين ما زالوا مهتمين به. يستمر بعض الباحثين في استكشاف العلاقة بين اختبار سزوندي والاضطرابات النفسية. ومع ذلك، تظل الدراسات محدودة، ولا يوجد دليل قاطع على أن الاختبار مفيد في تشخيص أو علاج الاضطرابات النفسية.
بالإضافة إلى ذلك، كان هناك بعض الاهتمام بتطبيق اختبار سزوندي في مجالات أخرى، مثل اختيار الموظفين والتحليل النفسي للعلاقات. ومع ذلك، يجب التعامل مع هذه التطبيقات بحذر، نظرًا للقيود المفروضة على الاختبار.
القيود والانتقادات
هناك العديد من القيود والانتقادات المرتبطة باختبار سزوندي:
- الموثوقية المنخفضة: تظهر الدراسات أن الاختبار يفتقر إلى الموثوقية الكافية، مما يجعل من الصعب الاعتماد على نتائجه.
- الصلاحية المنخفضة: هناك جدل حول ما إذا كان الاختبار يقيس بالفعل ما يزعم أنه يقيسه.
- صعوبة التفسير: يتطلب الاختبار تدريبًا متخصصًا، وقد يكون من الصعب تفسير النتائج بشكل موضوعي.
- التحيز الثقافي: قد تتأثر النتائج بالخلفية الثقافية للشخص الذي يخضع للاختبار.
- الافتقار إلى المعايير: يفتقر الاختبار إلى معايير جيدة، مما يجعل من الصعب مقارنة النتائج بين الأفراد.
بسبب هذه القيود، يجب استخدام اختبار سزوندي بحذر، ويفضل عدم استخدامه كأداة تشخيصية رئيسية.
خاتمة
اختبار سزوندي هو اختبار شخصية إسقاطي غير لفظي تم تطويره في عام 1935. يعتمد الاختبار على افتراض أن الأفراد ينجذبون إلى الأشخاص الذين يشاركونهم الحاجات النفسية المكبوتة. على الرغم من أنه كان يتمتع بشعبية في منتصف القرن العشرين، إلا أن الاختبار لم يحظَ بدعم كبير من البحث العلمي، وقد تعرض لانتقادات بسبب موثوقيته وصلاحيته. حاليًا، لا يُستخدم الاختبار على نطاق واسع في الممارسة السريرية بسبب قيوده. يفضل الأخصائيون النفسيون استخدام اختبارات شخصية أخرى أكثر موثوقية وصلاحية.