<![CDATA[
خلفية العملية
في سبعينيات القرن الماضي، بدأ العراق في تطوير برنامج نووي طموح. وفي عام 1975، اشترى العراق مفاعلًا نوويًا للأبحاث من فرنسا، وهو مفاعل أوزيراك. كان هذا المفاعل قادرًا على إنتاج البلوتونيوم، وهو مادة يمكن استخدامها في صنع الأسلحة النووية. أثارت هذه الخطوة قلقًا دوليًا واسع النطاق، لا سيما في إسرائيل، التي رأت في البرنامج النووي العراقي تهديدًا وجوديًا مباشرًا لأمنها القومي.
تخوفت إسرائيل من أن العراق يسعى لامتلاك أسلحة نووية. ورأت الحكومة الإسرائيلية برئاسة مناحم بيغن أن الوقت يمر، وأن الانتظار سيجعل تدمير المفاعل أكثر صعوبة. لذلك، قررت إسرائيل القيام بعمل عسكري استباقي لتدمير المفاعل قبل أن يصبح جاهزًا للعمل.
قبل اتخاذ قرار الضربة الجوية، حاولت إسرائيل إقناع فرنسا وإيطاليا، الدولتين اللتين كانتا تزودان العراق بالتكنولوجيا النووية، بوقف تعاونهما مع العراق. لكن هذه الجهود الدبلوماسية لم تنجح. كما حاولت إسرائيل تخريب البرنامج النووي العراقي من خلال عمليات سرية، لكن هذه العمليات لم تحقق النتائج المرجوة.
التخطيط للعملية
بدأ التخطيط لعملية أوبرا في أواخر السبعينيات. تم تشكيل فريق خاص من الطيارين والخبراء الاستخباراتيين لوضع خطة لتدمير المفاعل. واجه الفريق العديد من التحديات، بما في ذلك المسافة الطويلة بين إسرائيل والعراق، والدفاعات الجوية العراقية القوية، والحاجة إلى تدمير المفاعل بدقة لتجنب وقوع إصابات بين المدنيين.
تم اختيار ثمانية طائرات من طراز إف-16 فايتينغ فالكون لتنفيذ الضربة الجوية. كانت هذه الطائرات حديثة ومتطورة، وقادرة على حمل كمية كبيرة من القنابل. كما تم اختيار ستة طائرات من طراز إف-15 إيغل لتوفير غطاء جوي للطائرات المهاجمة.
تم تدريب الطيارين الإسرائيليين على نموذج مماثل لمفاعل أوزيراك في قاعدة جوية في إسرائيل. قاموا بالتدرب على الطيران على ارتفاعات منخفضة لتجنب الرادار العراقي، وعلى استخدام القنابل الموجهة بدقة لتدمير المفاعل.
تنفيذ العملية
في 7 يونيو 1981، انطلقت الطائرات الإسرائيلية من قاعدة عسكرية في سيناء. حلقت الطائرات على ارتفاع منخفض فوق الأردن والمملكة العربية السعودية لتجنب الرادار العراقي. وصلت الطائرات إلى مفاعل أوزيراك في حوالي الساعة 6:30 مساءً بالتوقيت المحلي.
بدأت الطائرات الإسرائيلية في قصف المفاعل. استخدم الطيارون قنابل موجهة بدقة لضرب قلب المفاعل والمباني المحيطة به. تم تدمير المفاعل بالكامل في غضون دقائق قليلة. لم تقع إصابات بين المدنيين العراقيين.
بعد تدمير المفاعل، عادت الطائرات الإسرائيلية إلى إسرائيل. لم يتم إسقاط أي من الطائرات الإسرائيلية خلال العملية.
ردود الفعل الدولية
أثارت عملية أوبرا إدانة دولية واسعة النطاق. أدانت الأمم المتحدة بشدة الضربة الجوية، واعتبرتها انتهاكًا للقانون الدولي. كما أدانت العديد من الدول الأخرى، بما في ذلك الولايات المتحدة، الضربة الجوية.
ومع ذلك، دافعت إسرائيل عن الضربة الجوية، قائلة إنها كانت ضرورية لحماية أمنها القومي. جادلت إسرائيل بأن العراق كان يسعى لامتلاك أسلحة نووية، وأن هذا يشكل تهديدًا وجوديًا لإسرائيل.
انقسمت الآراء في العالم العربي حول الضربة الجوية. أدان العديد من الدول العربية الضربة الجوية، واعتبرتها عدوانًا إسرائيليًا. ومع ذلك، أيدت بعض الدول العربية، مثل المملكة العربية السعودية، الضربة الجوية سرًا، قائلة إنها كانت ضرورية لمنع العراق من امتلاك أسلحة نووية.
النتائج والآثار
كان لعملية أوبرا عدد من النتائج والآثار الهامة، من بينها:
- تأخير البرنامج النووي العراقي: أدت الضربة الجوية إلى تأخير البرنامج النووي العراقي لعدة سنوات. لم يتمكن العراق من إعادة بناء مفاعل أوزيراك، واضطر إلى البدء من جديد.
- زيادة التوتر في الشرق الأوسط: أدت الضربة الجوية إلى زيادة التوتر في الشرق الأوسط. شعرت الدول العربية بالإهانة بسبب الضربة الجوية، وتعهدت بالانتقام.
- تعزيز مكانة إسرائيل: عززت الضربة الجوية مكانة إسرائيل كقوة عسكرية إقليمية. أظهرت الضربة الجوية أن إسرائيل مستعدة لاستخدام القوة لحماية أمنها القومي.
- تأثير على الانتشار النووي: أثارت الضربة الجوية نقاشًا دوليًا حول الانتشار النووي. جادلت بعض الدول بأن الضربة الجوية كانت ضرورية لمنع الانتشار النووي، بينما جادلت دول أخرى بأن الضربة الجوية كانت غير قانونية وغير أخلاقية.
الجدل الدائر: لا تزال عملية أوبرا موضوعًا للجدل حتى يومنا هذا. يجادل البعض بأن الضربة الجوية كانت ضرورية لمنع العراق من امتلاك أسلحة نووية، بينما يجادل آخرون بأن الضربة الجوية كانت غير قانونية وغير أخلاقية. بغض النظر عن وجهة النظر، لا يمكن إنكار أن عملية أوبرا كانت حدثًا مهمًا في تاريخ الشرق الأوسط.
دروس مستفادة
تقدم عملية أوبرا عدة دروس مستفادة حول الأمن القومي والاستراتيجية العسكرية والسياسة الدولية:
- الاستباقية في مواجهة التهديدات: قد يكون العمل الاستباقي ضروريًا للتعامل مع التهديدات الوجودية، خاصة عندما تفشل الجهود الدبلوماسية.
- أهمية التفوق الجوي: يظهر التفوق الجوي كعامل حاسم في نجاح العمليات العسكرية المعقدة.
- تأثير القرارات الاستراتيجية على العلاقات الدولية: يمكن أن يكون للعمليات العسكرية تأثير عميق على العلاقات الدولية ويجب أن يتم النظر فيها بعناية.
- توازن الأمن القومي والقانون الدولي: غالبًا ما يكون هناك توتر بين حماية الأمن القومي والالتزام بالقانون الدولي، ويجب على الدول أن تسعى لتحقيق توازن دقيق بينهما.
خاتمة
عملية أوبرا كانت غارة جوية جريئة ومثيرة للجدل نفذتها إسرائيل لتدمير مفاعل أوزيراك النووي العراقي. أدت العملية إلى تأخير البرنامج النووي العراقي، وزيادة التوتر في الشرق الأوسط، وتعزيز مكانة إسرائيل. لا تزال العملية موضوعًا للجدل حتى يومنا هذا، ولكنها تظل حدثًا هامًا في تاريخ الشرق الأوسط.