<![CDATA[
التاريخ والتصميم
بدأ بناء بارجتي أندريا دوريا وجوليو سيزاري في عام 1912، ودخلتا الخدمة في عامي 1916 و1914 على التوالي، وذلك خلال الحرب العالمية الأولى. صُممت هذه البوارج وفقًا لمعايير البوارج المدرعة من نوع “دريدنوت” (dreadnought)، التي كانت سائدة في ذلك الوقت. تميزت بتصميمها الذي ركز على زيادة قوة النيران والحماية، مع الحفاظ على سرعة معقولة.
كان التصميم الرئيسي لهذه البوارج يشتمل على الميزات التالية:
- الإزاحة: حوالي 29000 طن.
- الطول: 176 مترًا.
- العرض: 28 مترًا.
- الغاطس: 9.4 مترًا.
- الدفع: أربعة محركات بخارية تعمل بالفحم، توفر سرعة قصوى تبلغ حوالي 21 عقدة.
التسليح والدروع
كانت بارجتا أندريا دوريا وجوليو سيزاري مسلحتين بشكل قوي، حيث كانتا تحملان تسليحًا رئيسيًا يتكون من 13 مدفعًا عيار 305 ملم (12 بوصة) موزعة في خمسة أبراج، برج مزدوج في الأمام، وبرج مزدوج في الخلف، وثلاثة أبراج فردية في المنتصف. بالإضافة إلى ذلك، حملت السفن تسليحًا ثانويًا يتكون من 16 مدفعًا عيار 152 ملم (6 بوصات) و 8 مدافع مضادة للطائرات عيار 76 ملم و 4 أنابيب طوربيد عيار 450 ملم.
تم تصميم الدروع لحماية السفن من نيران العدو. كان حزام الدروع الرئيسي يبلغ سمكه 250 ملم (9.8 بوصات)، بينما كانت الأبراج محمية بدروع بسمك 280 ملم (11 بوصة). كما تم توفير دروع إضافية على سطح السفينة وجدرانها الداخلية لحماية المعدات الحيوية.
الحرب العالمية الأولى
شهدت بارجتا أندريا دوريا وجوليو سيزاري مشاركة محدودة في الحرب العالمية الأولى. كانتا متمركزتين في البحر الأدرياتيكي، ولكنهما لم تشاركا في أي معارك بحرية كبيرة. كانتا تعملان بشكل أساسي كقوة ردع للحفاظ على السيطرة على البحر، وتوفير الدعم للقوات البرية الإيطالية.
بعد الحرب، خضعت السفينتان لبعض التعديلات، بما في ذلك إضافة معدات جديدة وتحسينات في الإقامة.
الحرب العالمية الثانية والتعديلات
في فترة ما بين الحربين العالميتين، خضعت بارجتا أندريا دوريا وجوليو سيزاري لعملية تحديث شاملة بين عامي 1933 و 1937. تضمنت هذه التحديثات تغييرات كبيرة في التصميم والتسليح والمعدات.
من أبرز التغييرات التي طرأت على السفن:
- تغيير المحركات: تم استبدال المحركات القديمة بمحركات جديدة تعمل بالزيت، مما أدى إلى زيادة السرعة.
- إعادة تصميم الهيكل: تم تغيير شكل الهيكل لتحسين الديناميكا الهوائية وزيادة الاستقرار.
- تغيير التسليح: تم تحديث التسليح الرئيسي والثانوي، وإضافة أسلحة مضادة للطائرات محسنة.
- زيادة الحماية: تم تعزيز الدروع وزيادة الحماية ضد الطوربيدات.
خلال الحرب العالمية الثانية، شاركت بارجتا أندريا دوريا وجوليو سيزاري في العديد من العمليات البحرية في البحر الأبيض المتوسط. شاركت السفن في معارك عديدة، بما في ذلك معركة كالابريا ومعركة كيب ماتابان. تميزت بارجتا أندريا دوريا وجوليو سيزاري بقدرتهما على البقاء في الخدمة لفترة طويلة، على الرغم من الصعوبات التي واجهتها البحرية الإيطالية خلال الحرب.
في عام 1940، تعرضت السفن لعدة هجمات جوية، ولكنها نجت بأضرار محدودة. في عام 1942، تعرضت بارجة جوليو سيزاري لأضرار بالغة جراء هجوم طوربيد، ولكن تم إصلاحها وعادت إلى الخدمة.
مصير السفن
بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، قررت إيطاليا الاحتفاظ ببارجة أندريا دوريا، بينما تم التنازل عن بارجة جوليو سيزاري للاتحاد السوفيتي كتعويض عن الخسائر. أُعيدت تسمية جوليو سيزاري باسم نوفوروسيسك (Novorossiysk)، وأبحرت في الخدمة في البحرية السوفيتية.
استمرت بارجة أندريا دوريا في الخدمة في البحرية الإيطالية حتى عام 1956، حيث تم استخدامها في التدريب وفي المهام الاحتفالية. في عام 1961، تم تفكيك السفينة وبيعها كخردة. انتهت بذلك مسيرة واحدة من أهم البوارج في التاريخ الإيطالي.
أما السفينة نوفوروسيسك (سابقًا جوليو سيزاري)، فقد غرقت في عام 1955 في ميناء سيفاستوبول، مما أسفر عن مقتل المئات من أفراد الطاقم. يُعزى سبب الغرق إلى انفجار لغم، على الرغم من أن الظروف الدقيقة للحادث لا تزال موضع جدل.
الأهمية والتراث
تعتبر بارجتا أندريا دوريا وجوليو سيزاري من السفن الهامة في تاريخ البحرية الإيطالية والعالمية. فقد ساهمتا في تطوير تصميم السفن الحربية، وأثبتتا فعاليتهما في القتال. كما أنهما تمثلان رمزًا للقوة البحرية الإيطالية في أوائل القرن العشرين.
تركت هاتان السفينتان إرثًا دائمًا في تاريخ البحرية، ويتم تذكرهما حتى اليوم من خلال النماذج والوثائق التاريخية. كما ألهمت قصصهما العديد من الأعمال الفنية والأدبية.
التحسينات على التصميم
شهدت بارجتا أندريا دوريا تحسينات كبيرة على التصميم بالمقارنة مع البوارج السابقة. شملت هذه التحسينات:
- زيادة قوة النيران: من خلال استخدام مدافع أكبر وأكثر دقة.
- تحسين الحماية: من خلال زيادة سمك الدروع وتحسين توزيعها.
- تحسين السرعة: من خلال استخدام محركات أكثر كفاءة.
- تحسين الاستقرار: من خلال تصميم هيكل أكثر توازنًا.
استراتيجية الاستخدام
تم تصميم بارجتا أندريا دوريا لتكون سفنًا رئيسية في الأسطول، مع التركيز على القوة النارية والحماية. تم استخدامها بشكل رئيسي في المهام التالية:
- السيطرة على البحار: من خلال إظهار القوة وردع العدو.
- حماية المصالح الوطنية: من خلال حماية السفن التجارية والمناطق الساحلية.
- دعم العمليات العسكرية: من خلال توفير الدعم الناري للقوات البرية والبحرية.
التحديات والمشاكل
واجهت بارجتا أندريا دوريا بعض التحديات والمشاكل خلال فترة خدمتها. شملت هذه التحديات:
- التقادم: مع مرور الوقت، أصبحت السفن عرضة للتقادم بسبب التطورات التكنولوجية.
- الحاجة إلى الصيانة: كانت السفن تتطلب صيانة دورية مكلفة للحفاظ عليها في حالة جيدة.
- التهديدات الجديدة: مع ظهور الأسلحة الجديدة مثل الطائرات والغواصات، أصبحت السفن أكثر عرضة للهجوم.
التقييم والمقارنة
عند تقييم بارجتا أندريا دوريا، يمكن مقارنتها بالبوارج الأخرى من نفس الحقبة. تعتبر هذه السفن متوازنة بشكل جيد، حيث تجمع بين القوة النارية والحماية والسرعة. ومع ذلك، بالمقارنة مع البوارج الأكثر حداثة، كانت بارجتا أندريا دوريا أقل قوة في بعض الجوانب، مثل الدفاع الجوي والتكنولوجيا المتقدمة.
العوامل المؤثرة في التصميم
تأثر تصميم بارجتا أندريا دوريا بعدة عوامل، من بينها:
- التطورات التكنولوجية: أدت التطورات في صناعة الأسلحة والمحركات والدروع إلى تغييرات في تصميم السفن.
- الخبرة المكتسبة في الحرب: أدت الخبرة المكتسبة في الحرب العالمية الأولى إلى تحسينات في تصميم السفن.
- القيود المالية: أثرت القيود المالية على تصميم السفن، حيث كان من الضروري تحقيق التوازن بين الأداء والتكلفة.
أهمية التحديثات
كانت التحديثات التي خضعت لها بارجتا أندريا دوريا وجوليو سيزاري في فترة ما بين الحربين العالميتين حاسمة. فقد ساهمت هذه التحديثات في:
- زيادة القدرة القتالية: من خلال تحسين التسليح والأنظمة.
- تحسين الحماية: من خلال تعزيز الدروع والحماية ضد الطوربيدات.
- زيادة السرعة: من خلال تغيير المحركات وتحسين شكل الهيكل.
مقارنة مع البوارج الأخرى
لإعطاء نظرة عامة على مكانة هذه البوارج، يمكن مقارنتها بالبوارج الأخرى من نفس الفترة الزمنية. بالمقارنة مع البوارج البريطانية من فئة كوين إليزابيث، كانت بارجتا أندريا دوريا تتمتعان بدروع أقوى، ولكنها كانت أبطأ. بالمقارنة مع البوارج الأمريكية من فئة نورث كارولينا، كانت بارجتا أندريا دوريا أصغر حجمًا وأقل تسليحًا. ومع ذلك، كانت بارجتا أندريا دوريا تتمتعان بتصميم أنيق ومميز.
خاتمة
مثلت البارجة من فئة أندريا دوريا علامة فارقة في تاريخ تصميم السفن الحربية. تميزت هذه السفن بالقوة النارية والحماية، ولعبت دورًا هامًا في البحرية الإيطالية خلال الحربين العالميتين. على الرغم من مشاركتها المحدودة في الحرب العالمية الأولى، إلا أنها خضعت لتحديثات شاملة في فترة ما بين الحربين، مما عزز قدراتها القتالية بشكل كبير. أثبتت بارجتا أندريا دوريا وجوليو سيزاري أهميتهما في البحرية الإيطالية، وتركت إرثًا دائمًا في تاريخ تصميم السفن الحربية. تمثل قصتهما مثالًا على التطور المستمر في التكنولوجيا البحرية، وتأثيرها على العمليات العسكرية.