<![CDATA[
نشأته وبداية مسيرته
ولد هنري غراتان غينيس في دبلن، أيرلندا. كان والده محامياً. في شبابه، أظهر غينيس اهتمامًا مبكرًا بالدين. بعد أن شهد تحولاً روحياً في سن المراهقة، قرر أن يكرس حياته لخدمة الله. بدأ في الوعظ في سن مبكرة، وسرعان ما أصبح معروفًا بحماسه وعاطفته.
درس غينيس في كلية الثالوث في دبلن لفترة قصيرة، لكنه ترك الدراسة ليركز على عمله التبشيري. بدأ في الوعظ في الشوارع، ثم انتقل إلى التبشير في الكنائس والقاعات. كان أسلوبه في الوعظ مباشرًا وشخصيًا، مما جعله يحظى بشعبية لدى الجماهير.
العمل التبشيري المبكر
بعد أن أصبح واعظًا شابًا، انطلق غينيس في رحلات تبشيرية واسعة النطاق. ركز في البداية على المملكة المتحدة وأيرلندا، حيث ألقى محاضرات في العديد من المدن والبلدات. كان نشاطه يهدف إلى جذب الناس إلى الإيمان المسيحي. استخدم غينيس أساليب حديثة في التبشير، مثل استخدام الصور والرسوم البيانية لتوضيح رسالته. كما أسس مجلة أطلق عليها اسم “الإنذار”، والتي نشرت مقالات حول اللاهوت والتبشير.
في هذه الفترة، بدأ غينيس أيضًا في السفر إلى الخارج. زار العديد من البلدان في أوروبا والولايات المتحدة، حيث قام بالتبشير وجمع الأموال لدعم عمله. كان يؤمن بأهمية نشر الإنجيل في جميع أنحاء العالم، واعتبر ذلك واجباً على كل مسيحي.
التبشير العالمي
مع مرور الوقت، توسعت رؤية غينيس للتبشير لتشمل العالم بأسره. في سبعينيات القرن التاسع عشر، أسس “مجتمع الإرساليات الداخلية”، وهي منظمة تهدف إلى تدريب وإرسال المبشرين إلى جميع أنحاء العالم. لعبت هذه المنظمة دوراً حاسماً في نشر الإنجيل في مناطق لم تصل إليها المسيحية بعد.
أرسل غينيس مبشرين إلى أفريقيا والصين والهند وأجزاء أخرى من العالم. كان يؤمن بأهمية إرسال المبشرين إلى المناطق النائية، حيث لم يكن هناك وجود مسيحي يذكر. كان يعتقد أن الإنجيل يجب أن يصل إلى كل شخص، بغض النظر عن مكانه أو عرقه.
كتاباته ونظرياته
بالإضافة إلى عمله التبشيري، كان غينيس كاتبًا غزير الإنتاج. كتب العديد من الكتب والمقالات التي تشرح معتقداته اللاهوتية ونظرياته حول النبوءات الكتابية. كان يعتقد أن الأحداث العالمية، مثل الحروب والكوارث الطبيعية، كانت علامات على قرب عودة المسيح.
من أشهر كتبه “الرحلة العظيمة”، الذي نشر في عام 1860. شرح هذا الكتاب النبوءات الكتابية المتعلقة بالعهد القديم والعهد الجديد. كان الكتاب مؤثرًا للغاية، وترجم إلى العديد من اللغات. كتب غينيس أيضًا كتبًا عن التبشير، والإرساليات، والحياة المسيحية.
أحد الجوانب المثيرة للاهتمام في عمل غينيس هو تركيزه على تفسير النبوءات الكتابية. كان يعتقد أن الله قد كشف عن خطته للعالم في الكتاب المقدس، وأن من الضروري فهم هذه النبوءات لكي نعيش حياة مسيحية صحيحة. استخدم غينيس الرسوم البيانية والجداول لتوضيح أفكاره المعقدة حول الأحداث المستقبلية.
نظرًا لتفسيراته للنبوءات، اعتقد غينيس أن العالم كان على أعتاب حدث كبير، وهو عودة المسيح. وقد شجع هذا الاعتقاد على عمله التبشيري المكثف ورغبته في الوصول إلى أكبر عدد ممكن من الناس بالإنجيل.
تأسيس الكليات والمؤسسات
بالإضافة إلى عمله التبشيري والكتابي، كان غينيس ملتزمًا بتدريب الجيل القادم من المبشرين. أسس العديد من الكليات والمعاهد التدريبية في بريطانيا وأيرلندا. هدفت هذه المؤسسات إلى تزويد المبشرين بالمعرفة والمهارات اللازمة للنجاح في عملهم.
كانت إحدى أهم المؤسسات التي أسسها غينيس هي “كلية الإنجيل” في لندن. قدمت هذه الكلية تدريبًا مكثفًا للمبشرين، وشملت دورات في اللاهوت، والتبشير، واللغات. تخرج من هذه الكلية عدد كبير من المبشرين الذين خدموا في جميع أنحاء العالم.
الحياة الشخصية
تزوج هنري غراتان غينيس من فاني إرمينترود إدواردز في عام 1863. كان لديهما طفلان. عرف غينيس بزواجه السعيد ودعمه لزوجته في عملها. كانت فاني أيضًا ناشطة في مجال الإرساليات، ورافقت زوجها في العديد من رحلاته.
كان غينيس رجلاً متواضعًا ومحبًا للآخرين. كان معروفًا بتفانيه في خدمة الله والناس. كان لديه تأثير كبير على الحركة التبشيرية في عصره، ولا تزال كتاباته وأعماله تلهم المسيحيين حتى اليوم.
الإرث
ترك هنري غراتان غينيس إرثًا دائمًا. كان تأثيره على الحركة التبشيرية كبيرًا. ساعد في نشر الإنجيل في جميع أنحاء العالم، وألهم عددًا لا يحصى من الناس ليصبحوا مبشرين. ألهمت كتاباته العديد من المسيحيين لفهم الكتاب المقدس بشكل أفضل.
أعماله في مجال الإرساليات، وخاصة تأسيسه لمجتمع الإرساليات الداخلية، أحدثت ثورة في طريقة عمل المنظمات التبشيرية. كان يؤمن بأهمية التدريب والتخطيط والإدارة في الإرساليات، وهي مبادئ لا تزال سارية حتى اليوم.
لا يزال يذكر هنري غراتان غينيس كشخصية مؤثرة في تاريخ المسيحية، خاصة في مجال التبشير. إن تفانيه في نشر الإنجيل، وكتاباته، وجهوده في تدريب المبشرين، قد ترك بصمة واضحة على العالم.
أعماله الرئيسية
- الرحلة العظيمة (The Great Journey): كتاب يفسر النبوءات الكتابية ويقدم رؤية لكيفية سير الأحداث العالمية.
- المبشر العالمي (The Missionary Review): مجلة نشرت مقالات حول اللاهوت والتبشير.
- المجتمع التبشيري الداخلي (The Regions Beyond): مجلة تبشر بضرورة العمل الإرسالي في جميع أنحاء العالم.
خاتمة
هنري غراتان غينيس كان شخصية بارزة في التاريخ المسيحي، حيث جمع بين الوعظ والتبشير والكتابة لخدمة قضية الإنجيل. من خلال رحلاته المكثفة وعمله المؤسسي، نشر غينيس الإيمان المسيحي في جميع أنحاء العالم، وألهم جيلًا من المبشرين. كما أن تركيزه على النبوءات الكتابية ساهم في تشكيل فهم ديني معين للأحداث العالمية. إرثه، من خلال كتاباته ومؤسساته، لا يزال يتردد صداه حتى اليوم، مما يجعله شخصية مهمة في تاريخ المسيحية.