نشأته وتعليمه
ولد ديفيد جيرالد ليتمان في لندن في 4 يوليو 1933. تلقى تعليمه في مدرسة هاي جيت، ثم درس التاريخ في كلية سانت جون، كامبريدج. بعد تخرجه، عمل ليتمان في مجال الأعمال قبل أن يتحول إلى النشاط في مجال حقوق الإنسان.
نشاطه في مجال حقوق الإنسان
بدأ نشاط ليتمان في مجال حقوق الإنسان في الستينيات من القرن الماضي، عندما انخرط في دعم اليهود السوفييت الذين كانوا ممنوعين من الهجرة إلى إسرائيل. سافر إلى الاتحاد السوفيتي عدة مرات والتقى بالعديد من النشطاء اليهود السوفييت. كما لعب دورًا فعالًا في تنظيم حملات دولية للضغط على الحكومة السوفيتية للسماح لليهود بالهجرة.
في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، ركز ليتمان على قضايا حقوق الإنسان في الشرق الأوسط. كان منتقدًا صريحًا لمعاملة الدول العربية للأقليات الدينية، وخاصة اليهود. كما دافع عن حق إسرائيل في الوجود والأمن.
أسس ليتمان مع زوجته جيزيل أوريسكي ليتمان “المؤتمر اليهودي العالمي المستقل” عام 1977، وهي منظمة غير حكومية تهدف إلى الدفاع عن حقوق الإنسان والحريات الدينية في جميع أنحاء العالم. عمل ليتمان كأمين عام للمؤتمر حتى وفاته في عام 2012.
قضية الأقليات الدينية في الدول الإسلامية
كان ديفيد ليتمان من أوائل من لفتوا الانتباه إلى وضع الأقليات الدينية في الدول الإسلامية. لقد قام بتوثيق منهجي للتمييز والاضطهاد الذي يتعرض له المسيحيون واليهود وغيرهم من الأقليات الدينية في العديد من الدول الإسلامية. نشر ليتمان العديد من المقالات والكتب حول هذا الموضوع، بما في ذلك “الأقليات الدينية في الدول الإسلامية: دليل قانوني”.
جادل ليتمان بأن الشريعة الإسلامية، كما يتم تفسيرها وتطبيقها في العديد من الدول الإسلامية، تتعارض مع حقوق الإنسان والحريات الدينية. لقد دعا إلى إصلاح القوانين والممارسات الإسلامية لضمان المساواة في الحقوق لجميع المواطنين، بغض النظر عن دينهم.
كان ليتمان من أشد المنتقدين لما أسماه “أسطورة التسامح الإسلامي”. لقد جادل بأن الصورة الرومانسية للتسامح الديني في التاريخ الإسلامي لا تعكس الواقع التاريخي. لقد أشار إلى العديد من الأمثلة على الاضطهاد الديني في التاريخ الإسلامي، بما في ذلك مذابح اليهود في غرناطة عام 1066، واضطهاد المسيحيين في مصر في العصور الوسطى، والتمييز المستمر ضد البهائيين في إيران.
العمل مع المنظمات الدولية
عمل ليتمان عن كثب مع العديد من المنظمات الدولية لحقوق الإنسان، بما في ذلك الأمم المتحدة ومجلس أوروبا ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا. لقد قدم شهادات أمام لجان حقوق الإنسان في هذه المنظمات، وقدم تقارير حول وضع الأقليات الدينية في الدول الإسلامية.
لعب ليتمان دورًا فعالًا في صياغة قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 36/55 بشأن القضاء على جميع أشكال التعصب والتمييز القائمين على أساس الدين أو المعتقد. كما عمل على تعزيز تنفيذ هذا القرار على الصعيدين الوطني والدولي.
شارك ليتمان أيضًا في العديد من المؤتمرات والندوات الدولية حول حقوق الإنسان والحريات الدينية. لقد كان متحدثًا مطلوبًا، وغالبًا ما كان يقدم وجهات نظر مثيرة للجدل حول وضع الأقليات الدينية في العالم الإسلامي.
ميراثه
ترك ديفيد ليتمان إرثًا دائمًا في مجال حقوق الإنسان. لقد كان مدافعًا شرسًا عن حقوق الأقليات الدينية، وقد ساهم عمله في زيادة الوعي بقضايا الاضطهاد الديني في جميع أنحاء العالم. لقد ألهم ليتمان العديد من النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان الآخرين لمواصلة العمل من أجل عالم أكثر عدلاً وإنصافًا.
تستمر منظمة المؤتمر اليهودي العالمي المستقل، التي أسسها ليتمان مع زوجته، في العمل من أجل حقوق الإنسان والحريات الدينية في جميع أنحاء العالم. تنظم المنظمة مؤتمرات وندوات، وتنشر تقارير، وتعمل مع المنظمات الدولية للدفاع عن حقوق الأقليات الدينية.
يظل ديفيد ليتمان شخصية مثيرة للجدل حتى يومنا هذا. يرى البعض أنه بطل حقوق الإنسان، بينما يتهمه البعض الآخر بالتحيز والإسلاموفوبيا. ومع ذلك، لا يمكن إنكار تأثيره على النقاش حول حقوق الأقليات الدينية في العالم الإسلامي.
آراء وانتقادات
واجه ديفيد ليتمان انتقادات بسبب آرائه حول الإسلام والدول الإسلامية. اتهمه البعض بالتحيز والإسلاموفوبيا، قائلين إنه يصور الإسلام بشكل سلبي وغير دقيق. رد ليتمان على هذه الانتقادات بالقول إنه ينتقد فقط الجوانب السلبية للإسلام، مثل تفسيرات معينة للشريعة التي تؤدي إلى التمييز والاضطهاد ضد الأقليات الدينية. وأكد أنه يحترم الإسلام كدين، لكنه يعتقد أنه من المهم تسليط الضوء على المشاكل المتعلقة بتطبيق الشريعة في بعض الدول الإسلامية.
كما انتقد ليتمان ما أسماه “الاسترضاء” الغربي للدول الإسلامية. لقد جادل بأن الحكومات الغربية غالبًا ما تتجاهل انتهاكات حقوق الإنسان في الدول الإسلامية من أجل الحفاظ على العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية. لقد دعا إلى اتباع نهج أكثر صرامة تجاه الدول الإسلامية فيما يتعلق بحقوق الإنسان، بما في ذلك فرض عقوبات اقتصادية وسياسية على الدول التي تنتهك حقوق الإنسان.
على الرغم من الانتقادات، دافع العديد من الأشخاص عن عمل ليتمان وأشادوا به. لقد وصفه البعض بأنه مدافع شجاع عن حقوق الإنسان، وأشادوا بتفانيه في الدفاع عن حقوق الأقليات الدينية. لقد جادلوا بأن عمله كان مهمًا في زيادة الوعي بقضايا الاضطهاد الديني في جميع أنحاء العالم.
بشكل عام، كانت آراء ليتمان مثيرة للجدل ومستقطبة. ومع ذلك، لا يمكن إنكار تأثيره على النقاش حول حقوق الأقليات الدينية في العالم الإسلامي. لقد أثار قضايا مهمة تحتاج إلى معالجة، وقد ساهم عمله في زيادة الوعي بقضايا الاضطهاد الديني.
الجوائز والتكريمات
- حصل على جائزة “شخصية العام” من قبل مجلة “ميدل ايست كوارترلي” في عام 2004.
- تم تكريمه من قبل العديد من المنظمات اليهودية والإسرائيلية لعمله في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان.
مؤلفاته
- الأقليات الدينية في الدول الإسلامية: دليل قانوني
- الأسطورة والتاريخ
- اليهود في الدول العربية: دراسة حالة
خاتمة
كان ديفيد ليتمان ناشطًا يهوديًا بريطانيًا بارزًا، اشتهر بدفاعه عن حقوق الإنسان، وخاصة حقوق الأقليات الدينية في الدول الإسلامية. لقد كان شخصية مثيرة للجدل، لكن لا يمكن إنكار تأثيره على النقاش حول هذه القضايا. ترك ليتمان إرثًا دائمًا من خلال عمله مع المنظمات الدولية، وكتاباته، ودفاعه المستمر عن ضحايا الاضطهاد الديني.