<![CDATA[
خلفية تاريخية
جرت انتخابات عام 1990 في فترة مضطربة من التاريخ اليوغوسلافي، حيث كانت الجمهوريات المكونة للاتحاد تتوق إلى الاستقلال. كانت المشاعر القومية تتصاعد، مما أدى إلى تزايد التوترات بين الجماعات العرقية المختلفة. في البوسنة والهرسك، كان هذا واضحًا بشكل خاص، حيث كانت البلاد موطنًا لخليط متنوع من البوشناق والصرب والكروات. ومع اقتراب الانتخابات، سعت الأحزاب السياسية إلى حشد الدعم على أسس عرقية وقومية.
كانت رابطة الشيوعيين في يوغوسلافيا، التي حكمت البلاد لعقود، في حالة تدهور. فقدت الحزب قبضتها على السلطة، وظهرت أحزاب سياسية جديدة تتحدى هيمنتها. في البوسنة والهرسك، تم تأسيس عدة أحزاب جديدة لتمثيل مصالح المجموعات العرقية المختلفة. وشملت هذه الأحزاب حزب العمل الديمقراطي (SDA) الذي يمثل البوشناق، والحزب الديمقراطي الصربي (SDS) الذي يمثل الصرب، والاتحاد الديمقراطي الكرواتي (HDZ) الذي يمثل الكروات.
سير الانتخابات
أجريت انتخابات عام 1990 على أساس نظام التمثيل النسبي. وهذا يعني أن عدد المقاعد التي يفوز بها كل حزب في المجلس البلدي يتناسب مع حصته من الأصوات. كانت الانتخابات حرة ونزيهة بشكل عام، على الرغم من وجود بعض التقارير عن مخالفات طفيفة. ومع ذلك، تم اعتبار النتيجة انعكاسًا دقيقًا لإرادة الشعب.
أظهرت النتائج فوزًا كبيرًا للأحزاب القومية. فاز حزب العمل الديمقراطي بأكبر عدد من المقاعد في معظم البلديات التي يغلب عليها البوشناق، بينما فاز الحزب الديمقراطي الصربي بأغلبية المقاعد في البلديات التي يغلب عليها الصرب. وبالمثل، فاز الاتحاد الديمقراطي الكرواتي بأغلبية المقاعد في البلديات التي يغلب عليها الكروات. أدى هذا إلى وضع تكون فيه الحكومات المحلية في كثير من الأحيان خاضعة لسيطرة الأحزاب القومية التي تمثل المجموعة العرقية المهيمنة في تلك المنطقة.
تشكيل الحكومات
بعد الانتخابات، بدأت الأحزاب السياسية مفاوضات لتشكيل حكومات بلدية. في العديد من الحالات، كان من الضروري تشكيل ائتلافات لأن أي حزب بمفرده لم يحصل على الأغلبية المطلقة. أثبتت هذه المفاوضات أنها صعبة، حيث كانت الأحزاب غالبًا ما تكون لديها أولويات واهتمامات متعارضة. ومع ذلك، في معظم البلديات، تمكنت الأحزاب من التوصل إلى اتفاق وتشكيل حكومات ائتلافية.
كانت الحكومات الائتلافية التي تم تشكيلها بعد انتخابات عام 1990 غالبًا ما تكون هشة وغير مستقرة. كانت الأحزاب تتنافس باستمرار على السلطة والنفوذ، مما أدى إلى خلافات داخلية وعرقلة عملية صنع القرار. بالإضافة إلى ذلك، كانت الحكومات المحلية غالبًا ما تفتقر إلى الموارد والخبرة اللازمة لمعالجة المشاكل الملحة التي تواجه مجتمعاتها.
تأثير الانتخابات
كان لانتخابات بلدية البوسنة والهرسك عام 1990 تأثير عميق على التطورات السياسية اللاحقة في البلاد. كانت الانتخابات بمثابة نقطة تحول حاسمة، حيث مهدت الطريق لإعلان الاستقلال عن يوغوسلافيا في عام 1992. كما ساهمت الانتخابات في تصاعد التوترات العرقية والقومية التي أدت في النهاية إلى الحرب البوسنية المدمرة.
كانت نتائج الانتخابات بمثابة تحذير من أن البلاد كانت تتجه نحو صراع. أظهرت الانتخابات أن الأحزاب القومية تتمتع بدعم شعبي كبير وأن البلاد منقسمة بشدة على أسس عرقية. لسوء الحظ، لم يتمكن القادة السياسيون في البوسنة والهرسك من إيجاد طريقة لتجاوز هذه الانقسامات ومنع اندلاع الحرب.
تأثير صعود الأحزاب القومية: كان صعود الأحزاب القومية خلال انتخابات عام 1990 عاملاً رئيسياً في تفاقم التوترات العرقية والقومية في البوسنة والهرسك. ركزت هذه الأحزاب على تعزيز مصالح مجموعاتها العرقية الخاصة، وغالبًا ما كان ذلك على حساب الآخرين. وقد ساهم ذلك في خلق مناخ من عدم الثقة والعداء بين الجماعات العرقية المختلفة.
ضعف المؤسسات الحكومية: أدت الحكومات الائتلافية التي تم تشكيلها بعد انتخابات عام 1990 غالبًا ما كانت ضعيفة وغير فعالة. كانت الأحزاب تتنافس باستمرار على السلطة والنفوذ، مما أدى إلى خلافات داخلية وعرقلة عملية صنع القرار. وقد جعل ذلك من الصعب على الحكومات المحلية معالجة المشاكل الملحة التي تواجه مجتمعاتها.
التقسيم العرقي للمجتمع: ساهمت الانتخابات في زيادة تقسيم المجتمع البوسني على أسس عرقية. أظهرت الانتخابات أن الأحزاب القومية تتمتع بدعم شعبي كبير وأن البلاد منقسمة بشدة على أسس عرقية. وقد جعل ذلك من الصعب على الجماعات العرقية المختلفة التعاون والعمل معًا من أجل تحقيق المصلحة المشتركة.
دروس مستفادة
تقدم انتخابات بلدية البوسنة والهرسك عام 1990 دروسًا قيمة حول مخاطر القومية العرقية وأهمية بناء مؤسسات حكومية قوية وفعالة. كما تسلط الضوء على أهمية تعزيز التسامح والتفاهم بين الجماعات العرقية المختلفة.
- مخاطر القومية العرقية: يمكن أن تكون القومية العرقية قوة مدمرة، لأنها يمكن أن تؤدي إلى صراع وعنف. من المهم أن نكون على دراية بمخاطر القومية العرقية وأن نعمل على تعزيز التسامح والتفاهم بين الجماعات العرقية المختلفة.
- أهمية بناء مؤسسات حكومية قوية وفعالة: المؤسسات الحكومية القوية والفعالة ضرورية لضمان حكم القانون وحماية حقوق جميع المواطنين. من المهم الاستثمار في بناء مؤسسات حكومية قوية وفعالة يمكنها خدمة مصالح جميع المواطنين.
- أهمية تعزيز التسامح والتفاهم بين الجماعات العرقية المختلفة: التسامح والتفاهم بين الجماعات العرقية المختلفة ضروريان لبناء مجتمع متماسك ومزدهر. من المهم العمل على تعزيز التسامح والتفاهم بين الجماعات العرقية المختلفة.
أحداث لاحقة
في السنوات التي تلت انتخابات عام 1990، شهدت البوسنة والهرسك فترة من عدم الاستقرار السياسي والعنف. أدى إعلان الاستقلال في عام 1992 إلى الحرب البوسنية المدمرة، التي استمرت حتى عام 1995. أسفرت الحرب عن مقتل أكثر من 100 ألف شخص وتشريد الملايين. انتهت الحرب بتوقيع اتفاقية دايتون للسلام، التي قسمت البلاد إلى كيانين: اتحاد البوسنة والهرسك وجمهورية صربسكا.
لا تزال البوسنة والهرسك تواجه تحديات كبيرة في أعقاب الحرب. لا تزال البلاد منقسمة بشدة على أسس عرقية، والاقتصاد ضعيف. ومع ذلك، فقد تم إحراز بعض التقدم في السنوات الأخيرة. انضمت البوسنة والهرسك إلى مجلس أوروبا وتسعى حاليًا للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي.
خاتمة
كانت انتخابات بلدية البوسنة والهرسك عام 1990 حدثًا محوريًا في تاريخ البلاد. مهدت الانتخابات الطريق للتطورات السياسية اللاحقة التي أثرت على البوسنة والهرسك في السنوات اللاحقة. كما سلطت الضوء على مخاطر القومية العرقية وأهمية بناء مؤسسات حكومية قوية وفعالة. من خلال فهم الدروس المستفادة من انتخابات عام 1990، يمكننا العمل على بناء مستقبل أفضل للبوسنة والهرسك.