حياتها المبكرة
ولدت إستير كريتمان في عائلة يهودية أرثوذكسية متدينة في بيشوف، بولندا. كان والدها، بينيون تومين، حاخامًا، وكانت والدتها، باشيفا سينغر، ابنة الحاخام يعقوب مردخاي زيلبرمان من بيلغوراي. كان منزلهم مكانًا للدراسة والنقاش الديني، ولكن إستير كانت تشعر بالإحباط بسبب القيود المفروضة على النساء في مجتمعها. لم تتلق تعليمًا رسميًا، لكنها تعلمت القراءة والكتابة باللغة اليديشية والألمانية بمفردها.
كانت إستير فتاة ذكية وفضولية، وكانت تتوق إلى المعرفة والعالم الخارجي. ومع ذلك، كانت تعيش في مجتمع محافظ للغاية حيث كانت فرص النساء محدودة للغاية. كان يُتوقع منها أن تتزوج وتنجب أطفالًا وأن تهتم بشؤون المنزل. لم يكن يُسمح لها بالدراسة أو ممارسة مهنة. هذا التناقض بين طموحاتها وواقع حياتها خلق صراعًا داخليًا عميقًا سيؤثر على كتاباتها لاحقًا.
زواجها وحياتها في أوروبا
في عام 1912، تزوجت إستير من إبراهام كريتمان، صائغ ألماس. انتقل الزوجان إلى أنتويرب، بلجيكا، حيث عمل إبراهام في تجارة الألماس. كان لديهم ابن واحد، موريس (لاحقًا موريس كاريه)، الذي ولد في عام 1917. لم تكن إستير سعيدة بزواجها. كانت تشعر بأنها محاصرة وغير قادرة على تحقيق طموحاتها. كان زوجها متدينًا ومتشددًا، ولم يكن يفهم رغبتها في المعرفة والاستقلالية.
خلال الحرب العالمية الأولى، فرت عائلة كريتمان إلى لندن، إنجلترا، حيث عاشوا لعدة سنوات. في لندن، بدأت إستير في الكتابة. كتبت قصصًا ومقالات باللغة اليديشية ونشرتها في الصحف والمجلات اليديشية. كانت كتاباتها تعكس تجاربها كامرأة في مجتمع يهودي أرثوذكسي، وكذلك صراعاتها من أجل الاستقلال والهوية.
هجرتها إلى إنجلترا وعملها الأدبي
في عام 1926، استقرت إستير كريتمان بشكل دائم في لندن. هناك، كرست نفسها للكتابة والنشر. على الرغم من التحديات التي واجهتها كامرأة وكمهاجرة، تمكنت من بناء مسيرة أدبية ناجحة. كان منزلها في لندن بمثابة صالون أدبي، حيث اجتمع الكتاب والفنانون والمثقفون اليهود. كانت شخصية مؤثرة في المجتمع الأدبي اليديشي في لندن.
نشرت كريتمان ثلاث روايات: “Der Shet’s” (الأجناس، 1936)، و “Diamanten” (الماس، 1944)، و “Briv fun a Yidishn inteligentn tsu zayn zun” (رسائل من مثقف يهودي إلى ابنه، 1951). كتبت أيضًا العديد من القصص القصيرة والمقالات. غالبًا ما استكشفت كتاباتها موضوعات مثل دور المرأة في المجتمع اليهودي الأرثوذكسي، والصراع بين التقاليد والحداثة، وتجربة الهجرة. تميزت كتاباتها بالواقعية والصدق والتعاطف مع شخصياتها.
- Der Shet’s (الأجناس): تصور هذه الرواية الحياة في بلدة يهودية صغيرة في بولندا في بداية القرن العشرين. تروي قصة امرأة شابة تتحدى التقاليد وتتوق إلى الحرية والاستقلال.
- Diamanten (الماس): تدور أحداث هذه الرواية في عالم تجارة الماس في أنتويرب. تروي قصة عائلة يهودية ثرية تكافح من أجل الحفاظ على تقاليدها في عالم متغير.
- Briv fun a Yidishn inteligentn tsu zayn zun (رسائل من مثقف يهودي إلى ابنه): تتكون هذه الرواية من سلسلة من الرسائل التي يكتبها مثقف يهودي لابنه. تتناول الرسائل مجموعة واسعة من الموضوعات، بما في ذلك الدين والسياسة والفلسفة والأدب.
مواضيع وأساليب كتابتها
تتميز كتابات إستير كريتمان بالتركيز على قضايا المرأة في المجتمعات اليهودية التقليدية. صورت بصدق وصراحة القيود المفروضة على النساء، والصعوبات التي واجهنها في تحقيق طموحاتهن، والصراعات التي خاضنها من أجل الاستقلال والهوية. كما استكشفت موضوعات أخرى مثل الصراع بين التقاليد والحداثة، وتجربة الهجرة، وأهمية الحفاظ على التراث الثقافي.
تتميز أسلوب كتابة كريتمان بالواقعية والصدق والتعاطف مع شخصياتها. كانت لديها القدرة على تصوير الحياة اليومية للناس العاديين بطريقة مقنعة ومؤثرة. استخدمت لغة بسيطة وواضحة، لكنها كانت قادرة على إيصال المشاعر والأفكار المعقدة. تميزت كتاباتها أيضًا بحس فكاهة دقيق.
تأثيرها وإرثها
على الرغم من أنها لم تحظ بنفس القدر من الشهرة التي حظي بها أخواها، إلا أن إستير كريتمان تعتبر واحدة من أهم الكتاب اليديشيين في القرن العشرين. كان لها تأثير كبير على الأدب اليديشي وعلى فهمنا لتجارب المرأة اليهودية في أوروبا الشرقية. تُرجمت أعمالها إلى العديد من اللغات، ولا تزال تُقرأ وتُدرس حتى اليوم.
ساهمت كريتمان في الأدب اليديشي من خلال تقديمها منظورًا فريدًا حول حياة المرأة اليهودية في مجتمع تقليدي. تحدت الصور النمطية وأظهرت تعقيدات وتحديات هذه الحياة. كما سلطت الضوء على أهمية التعليم والاستقلال للمرأة.
بعد وفاتها، تم الاعتراف بعمل إستير كريتمان بشكل متزايد. نُشرت طبعات جديدة من كتبها، وكُتبت عنها العديد من المقالات والدراسات. يعتبرها الكثيرون الآن واحدة من أهم الكتاب اليديشيين في القرن العشرين.
حياتها الشخصية
كانت حياة إستير كريتمان مليئة بالتحديات والصراعات. واجهت صعوبات في زواجها، وفي تربية ابنها، وفي بناء مسيرة أدبية ناجحة. ومع ذلك، كانت امرأة قوية ومثابرة، ولم تستسلم أبدًا لطموحاتها. كانت شخصية مؤثرة في المجتمع الأدبي اليديشي في لندن، وكانت مصدر إلهام للعديد من الكتاب والفنانين الآخرين.
على الرغم من أنها لم تكن قريبة جدًا من إخوتها خلال حياتها، إلا أن إسحاق باشيفيس سينغر أشاد بها لاحقًا في مذكراته. اعترف بموهبتها وذكائها، وأعرب عن أسفه لعدم حصولها على التقدير الذي تستحقه خلال حياتها.
خاتمة
إستير كريتمان كاتبة يديشية مهمة قدمت مساهمة كبيرة في الأدب اليهودي. استكشفت كتاباتها تجارب المرأة في المجتمعات اليهودية الأرثوذكسية، والصراع بين التقاليد والحداثة، وأهمية الحفاظ على التراث الثقافي. على الرغم من أنها لم تحظ بنفس القدر من الشهرة التي حظي بها أخواها، إلا أنها تعتبر الآن واحدة من أهم الكتاب اليديشيين في القرن العشرين.