<![CDATA[
الخلفية والنشأة
ولد أمانغكورات الثاني باسم رادين ماس رخشة، وكان الابن الأكبر للسلطان أمانغكورات الأول. ترعرع في البلاط الملكي في ماتارام، وتلقى تعليمه في التقاليد الجاوية والإسلامية. كان يتمتع بشخصية قوية وطموح كبير، مما دفعه إلى السعي وراء السلطة. ومع ذلك، لم يكن صعوده إلى العرش سهلاً، بل واجهه العديد من التحديات والصراعات.
الصراع على السلطة
في أواخر عهد والده، بدأ التوتر يتصاعد بين أفراد العائلة المالكة. اندلع صراع على السلطة بين أمانغكورات الثاني وعمه، الأمير بومبونغ. كان الأمير بومبونغ يتمتع بشعبية كبيرة بين النبلاء والجيش، مما شكل تهديدًا مباشرًا لورثة العرش. أدى هذا الصراع إلى حرب أهلية دامية قسمت المملكة إلى فصائل متحاربة.
التدخل الهولندي
مع اشتداد الحرب الأهلية، استغلت شركة الهند الشرقية الهولندية (VOC) الوضع لتعزيز نفوذها في جاوة. قدم الهولنديون الدعم العسكري والمالي لأمانغكورات الثاني في مقابل امتيازات تجارية حصرية. هذا التحالف مع الهولنديين كان له عواقب وخيمة على استقلال سلطنة ماتارام. بدأ الهولنديون في التدخل في شؤون المملكة الداخلية، وفرضوا سيطرتهم على الموارد والاقتصاد.
الوصول إلى السلطة
بعد سلسلة من المعارك والتحالفات، تمكن أمانغكورات الثاني من إزاحة عمه بومبونغ عن السلطة. في عام 1677، توج أمانغكورات الثاني كـ”سوسوهونان” لماتارام، معلنًا نفسه الحاكم الشرعي للمملكة. ومع ذلك، كان حكمه هشًا، حيث واجه مقاومة مستمرة من أتباع عمه والقوى المحلية الأخرى. بالإضافة إلى ذلك، كان عليه التعامل مع مطالب شركة الهند الشرقية الهولندية المتزايدة.
فترة الحكم
تميزت فترة حكم أمانغكورات الثاني بالصراع المستمر والاضطرابات. كان عليه أن يواجه تمردات متكررة من قبل قادة محليين، بالإضافة إلى الضغوط المتزايدة من شركة الهند الشرقية الهولندية. في محاولة لتعزيز سلطته، قام أمانغكورات الثاني بتغييرات إدارية واقتصادية. نقل العاصمة من كرتو إلى بواتانغ، ثم إلى كارتاسورا، في محاولة لتحسين السيطرة على المملكة.
أقام أمانغكورات الثاني علاقات مع القوى الإقليمية، بما في ذلك سلطنة بانتين وسلطنة غوا، في محاولة لتعزيز موقعه. ومع ذلك، لم يتمكن من الحفاظ على الاستقرار في المملكة. تدهورت الأوضاع الاقتصادية بسبب التدخل الهولندي المستمر، مما أدى إلى زيادة المعاناة بين السكان.
التحالف مع الهولنديين وعواقبه
على الرغم من التبعية السياسية التي فرضتها شركة الهند الشرقية الهولندية، حافظ أمانغكورات الثاني على تحالف وثيق مع الهولنديين. هذا التحالف سمح له بالبقاء في السلطة وقمع المعارضة الداخلية. في المقابل، حصل الهولنديون على امتيازات تجارية كبيرة، مما أدى إلى إثراء الهولنديين على حساب الاقتصاد الجاوي. أدى هذا التحالف إلى إضعاف سيادة ماتارام وزيادة نفوذ الهولنديين في المنطقة.
الوفاة والإرث
توفي أمانغكورات الثاني عام 1703. خلفه ابنه، أمانغكورات الثالث، الذي واجه تحديات مماثلة في الحكم. ترك أمانغكورات الثاني إرثًا معقدًا. فقد تمكن من الحفاظ على سلطته في فترة صعبة، ولكنه في الوقت نفسه أضعف المملكة من خلال تحالفه مع الهولنديين. يعتبر حكمه بمثابة نقطة تحول في تاريخ جاوة، حيث شهد بداية السيطرة الهولندية على المنطقة.
يعتبر أمانغكورات الثاني شخصية مثيرة للجدل في التاريخ الجاوي. فقد اتُهم بالفساد والضعف، ولكنه في نفس الوقت يعتبر حاكمًا ذكيًا تمكن من البقاء في السلطة في ظروف صعبة. حكمه يمثل فترة مهمة في تاريخ جاوة، حيث شهدت المنطقة تحولات سياسية واجتماعية كبيرة.
إرثه السياسي
ترك أمانغكورات الثاني إرثًا سياسيًا معقدًا. من ناحية، حافظ على سلطة سلالته في فترة مضطربة، ونجح في قمع المعارضة الداخلية. من ناحية أخرى، أدى تحالفه مع الهولنديين إلى إضعاف استقلال ماتارام، وفتح الباب أمام التدخل الهولندي المستمر في شؤون المملكة. يعتبر حكمه بمثابة نقطة تحول في تاريخ جاوة، حيث شهدت المنطقة بداية السيطرة الهولندية.
العلاقات مع القوى الإقليمية
حاول أمانغكورات الثاني بناء علاقات مع القوى الإقليمية الأخرى، بما في ذلك سلطنة بانتين وسلطنة غوا. هذه العلاقات كانت تهدف إلى تعزيز موقفه في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية. ومع ذلك، لم تكن هذه العلاقات قوية بما فيه الكفاية لحماية ماتارام من التدخل الهولندي.
الحياة الشخصية
بالإضافة إلى دوره السياسي، كان أمانغكورات الثاني يتمتع بحياة شخصية مليئة بالتعقيدات. تزوج من عدة زوجات وأنجب العديد من الأبناء. كان يحيط نفسه بحاشية كبيرة، وتأثر بالثقافة الجاوية والإسلامية. كان معروفًا بحبه للفنون والاحتفالات الملكية، مما ساهم في إضفاء طابع خاص على فترة حكمه.
العلاقات مع شركة الهند الشرقية الهولندية (VOC)
شكلت العلاقات مع شركة الهند الشرقية الهولندية (VOC) الجانب الأكثر أهمية في حكم أمانغكورات الثاني. في البداية، قدم الهولنديون الدعم العسكري والمالي لأمانغكورات الثاني في صراعه على السلطة. في المقابل، حصلوا على امتيازات تجارية حصرية. ومع مرور الوقت، أدت هذه العلاقات إلى زيادة النفوذ الهولندي في ماتارام. فرض الهولنديون سيطرتهم على الموارد والاقتصاد، مما أضعف سيادة المملكة.
التحولات الاقتصادية والاجتماعية
شهدت فترة حكم أمانغكورات الثاني تحولات اقتصادية واجتماعية كبيرة. أدت سيطرة الهولنديين على التجارة إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية للسكان. اندلعت العديد من الانتفاضات والتمردات بسبب الفقر والظلم. حاول أمانغكورات الثاني تنفيذ إصلاحات إدارية واقتصادية، لكنه لم يتمكن من معالجة المشاكل الأساسية التي كانت تواجه المملكة.
تأثيره على الثقافة الجاوية
على الرغم من الاضطرابات السياسية والاجتماعية، تركت فترة حكم أمانغكورات الثاني بعض التأثيرات على الثقافة الجاوية. تم الحفاظ على التقاليد الملكية والفنون، وتأثرت الثقافة الجاوية بالثقافة الإسلامية. ومع ذلك، أدى التدخل الهولندي إلى تراجع الثقافة الجاوية التقليدية، وظهور تأثيرات ثقافية غربية.
نقل العاصمة
في محاولة لتعزيز السيطرة على المملكة، نقل أمانغكورات الثاني العاصمة عدة مرات. بدأت في كرتو، ثم انتقلت إلى بواتانغ، وأخيراً إلى كارتاسورا. هذه التحركات تعكس محاولاته لتحسين الإدارة والأمن، وكذلك السيطرة على المعارضة. ومع ذلك، لم تنجح هذه التحركات في تحقيق الاستقرار المطلوب.
خاتمة
كان أمانغكورات الثاني حاكمًا معقدًا حكم في فترة حاسمة من تاريخ جاوة. على الرغم من أنه تمكن من الحفاظ على سلطته في مواجهة الصراعات الداخلية والتدخل الأجنبي، إلا أن تحالفه مع شركة الهند الشرقية الهولندية أضعف المملكة بشكل كبير. ترك إرثًا مثيرًا للجدل، حيث يمثل حكمه نقطة تحول في تاريخ جاوة، وشهد بداية السيطرة الهولندية على المنطقة.