الأصول والتاريخ المبكر
تعود جذور الفرع الداووديين إلى فيكتور هوتيف، الذي كان عضواً في الكنيسة السبتية الأدفنتست. بدأ هوتيف في نشر تفسيراته الخاصة للكتاب المقدس، والتي ركزت بشكل كبير على نبوءات سفر الرؤيا. أثارت تعاليمه جدلاً داخل الكنيسة الأدفنتستية، مما أدى في النهاية إلى فصله وتأسيسه لمجموعته الخاصة في عام 1929 تحت اسم “السبتيين الأدفنتست الداووديين”.
انتقل هوتيف وأتباعه إلى جبل الكرمل بالقرب من واكو، تكساس، الذي أصبح مركز عملياتهم. كان هوتيف يتمتع بشخصية كاريزمية وقدرة على جذب الأتباع، الذين اعتقدوا أنه نبي مرسل من الله. كان يعلم أنهم جزء من جيش الله الذي سيعد العالم للمجيء الثاني للمسيح.
بعد وفاة هوتيف في عام 1955، شهدت المجموعة فترة من الصراع على السلطة والانقسامات. ظهرت العديد من الشخصيات المتنافسة على القيادة، مما أدى إلى انشقاق المجموعة إلى فصائل مختلفة. في النهاية، تمكن بن رودن من تولي القيادة في عام 1959.
عهد بن رودن
أدخل بن رودن تغييرات كبيرة على تعاليم وممارسات المجموعة. ركز بشكل أكبر على نبوءات الكتاب المقدس، وخاصة سفر الرؤيا. كما أدخل مفاهيم جديدة تتعلق بالجنس والروحانية، والتي أثارت جدلاً بين الأعضاء. ادعى رودن أنه تلقى رسائل مباشرة من الله، وأنه كان لديه فهم خاص للكتاب المقدس.
تحت قيادة رودن، ازداد عدد أتباع الفرع الداووديين، واكتسبت المجموعة المزيد من الاهتمام الإعلامي. ومع ذلك، تعرضت المجموعة أيضًا لانتقادات بسبب تعاليمها غير التقليدية وممارساتها المثيرة للجدل.
بعد وفاة بن رودن في عام 1978، تصاعدت حدة الصراع على السلطة مرة أخرى. ظهر العديد من المرشحين لخلافة رودن، بما في ذلك زوجته لويس رودن. ومع ذلك، لم يتمكن أي منهم من تحقيق إجماع واسع النطاق.
صعود ديفيد كوريش
في عام 1980، ظهر شاب يدعى ديفيد كوريش (واسمه الحقيقي فيرنون هاول) كشخصية مؤثرة داخل المجموعة. كان كوريش يتمتع بشخصية جذابة وقدرة على إقناع الآخرين. سرعان ما جمع حوله مجموعة من الأتباع المخلصين، الذين اعتقدوا أنه نبي مرسل من الله.
طعن كوريش في قيادة لويس رودن، مما أدى إلى صراع على السلطة بينهما. انتهى الصراع بفوز كوريش، الذي تمكن من السيطرة على المجموعة في عام 1987. قام كوريش بتغيير اسم المجموعة إلى “الفرع الداوودي” وقام بتغيير اسم جبل الكرمل إلى “رانش أبابيل”.
أدخل كوريش تغييرات جذرية على تعاليم وممارسات المجموعة. ادعى أنه المسيح المنتظر، وأنه كان لديه مهمة خاصة لإعداد أتباعه لنهاية العالم. علم كوريش أن نهاية العالم كانت وشيكة، وأن الفرع الداووديين هم الوحيدون الذين سيتم إنقاذهم.
فرض كوريش سيطرة صارمة على حياة أتباعه. كان يملي عليهم ما يجب أن يفعلوه، وما يجب أن يفكروا فيه، وما يجب أن يؤمنوا به. منع كوريش أتباعه من الزواج أو إنجاب الأطفال، باستثناء نفسه. ادعى كوريش أنه كان الوحيد المؤهل لإنجاب أطفال مع النساء في المجموعة، وأن هؤلاء الأطفال سيصبحون قادة العالم الجديد.
بدأ كوريش في جمع الأسلحة والذخيرة، مدعيا أنه كان يستعد لمعركة نهاية العالم. قام كوريش بتخزين كميات كبيرة من الأسلحة والذخيرة في رانش أبابيل، مما أثار قلق السلطات.
حصار واكو
في 28 فبراير 1993، داهم مكتب الكحول والتبغ والأسلحة النارية (ATF) رانش أبابيل، بتهمة انتهاك قوانين الأسلحة. اندلع تبادل لإطلاق النار بين عملاء مكتب الكحول والتبغ والأسلحة النارية وأعضاء الفرع الداووديين، مما أسفر عن مقتل أربعة من عملاء مكتب الكحول والتبغ والأسلحة النارية وستة من أعضاء الفرع الداووديين.
بعد المداهمة، حاصرت السلطات الفيدرالية رانش أبابيل. استمر الحصار لمدة 51 يومًا، خلالها حاولت السلطات التفاوض مع كوريش وأتباعه للاستسلام. ومع ذلك، رفض كوريش الاستسلام، وأصر على أنه كان ينتظر إشارة من الله.
في 19 أبريل 1993، شنت السلطات الفيدرالية هجومًا نهائيًا على رانش أبابيل. استخدمت السلطات الدبابات والغاز المسيل للدموع لإجبار أعضاء الفرع الداووديين على الخروج. خلال الهجوم، اندلع حريق في رانش أبابيل، مما أدى إلى مقتل 76 شخصًا، بمن فيهم ديفيد كوريش والعديد من الأطفال.
الجدل والإرث
أثارت أحداث واكو جدلاً واسع النطاق في الولايات المتحدة وحول العالم. اتهم البعض السلطات الفيدرالية باستخدام القوة المفرطة، بينما دافع آخرون عن أفعالهم، قائلين إنهم كانوا يحاولون حماية الأطفال داخل رانش أبابيل. لا تزال أحداث واكو موضوع نقاش وجدل حتى يومنا هذا.
تركت أحداث واكو إرثًا دائمًا. أصبحت واكو رمزًا لانتهاكات الحكومة والحرية الدينية. استخدمت العديد من الجماعات المتطرفة أحداث واكو لتبرير أعمال العنف.
على الرغم من المأساة التي وقعت في واكو، لا يزال هناك عدد قليل من أتباع الفرع الداووديين موجودين اليوم. تشتت هؤلاء الأتباع في جميع أنحاء العالم، وهم يحافظون على تعاليم ديفيد كوريش. ومع ذلك، فإن الفرع الداووديين لم يعد قوة كبيرة كما كان في السابق.
التعاليم والمعتقدات
تعتبر تعاليم الفرع الداووديين مزيجًا من الأفكار الأدفنتستية السبتية والتفسيرات النبوية الخاصة التي طورها قادتهم، وخاصة ديفيد كوريش. تشمل بعض المعتقدات الرئيسية ما يلي:
- الكتاب المقدس: يعتبر الكتاب المقدس هو السلطة النهائية، مع التركيز بشكل خاص على نبوءات سفر الرؤيا.
- النبوءات: يعتقدون أنهم يعيشون في الأيام الأخيرة وأن نبوءات الكتاب المقدس تتحقق أمام أعينهم.
- ديفيد كوريش: يعتبرونه شخصية نبوية مختارة لتفسير “الأختام السبعة” لسفر الرؤيا، وهو تفسير يعتقدون أنه سيؤدي إلى فهم أعمق لخطة الله للخلاص.
- نهاية العالم: يعتقدون أن هناك معركة نهائية قادمة بين الخير والشر، وأنهم سيشاركون فيها.
- المجيء الثاني: يؤمنون بالمجيء الثاني للمسيح وتأسيس ملكوت الله على الأرض.
خاتمة
الفرع الداووديون هي طائفة دينية نشأت من حركة الأدفنتست السبتيين. اشتهرت الطائفة بشكل خاص بسبب المواجهة الدموية التي وقعت في عام 1993 في واكو، تكساس، بين أعضائها والسلطات الفيدرالية الأمريكية. أثارت أحداث واكو جدلاً واسع النطاق في الولايات المتحدة وحول العالم، ولا تزال موضوع نقاش وجدل حتى يومنا هذا. على الرغم من المأساة، لا يزال هناك عدد قليل من أتباع الفرع الداووديين موجودين اليوم، وهم يحافظون على تعاليم ديفيد كوريش.