<![CDATA[
مقدمة
تعتبر غواصة بنيامين فرانكلين فئة من الغواصات الصاروخية الباليستية التابعة للبحرية الأمريكية، والتي خدمت منذ ستينيات القرن العشرين وحتى أوائل التسعينيات. تمثل هذه الفئة تطوراً هاماً في تكنولوجيا الغواصات النووية، حيث صُممت لحمل صواريخ باليستية عابرة للقارات، مما يمنح الولايات المتحدة قدرة ردع نووي قوية ومرنة. لعبت غواصات بنيامين فرانكلين دوراً حاسماً في استراتيجية الردع النووي الأمريكي خلال فترة الحرب الباردة، حيث كانت قادرة على البقاء في حالة تأهب دائم في أعماق المحيطات، مما يجعلها منصة إطلاق صواريخ غير قابلة للكشف تقريباً.
التصميم والتطوير
تم تصميم غواصات بنيامين فرانكلين كتحسين لفئة “لافاييت” السابقة، مع التركيز على تحسينات في تقليل الضوضاء وزيادة القدرة على البقاء. تم بناء اثنتي عشرة غواصة من هذه الفئة بين عامي 1963 و 1967 في حوض بناء السفن العام التابع لشركة جنرال دايناميكس في غروتون، كونيتيكت، وحوض بناء السفن البحري في بورتسموث في كيتري، مين. شملت التحسينات الرئيسية مقارنة بفئة “لافاييت” استخدام نظام دفع أكثر هدوءًا وتقنيات عزل صوتي متقدمة.
المواصفات الفنية الرئيسية:
- الإزاحة: حوالي 8250 طنًا عند الظهور، و 7320 طنًا عند الغمر.
- الطول: 130 مترًا.
- العرض: 10 أمتار.
- العمق: أكثر من 400 متر.
- الدفع: مفاعل نووي واحد من نوع S5W يوفر قوة دافعة لتوربينين بخاريين.
- السرعة: أكثر من 20 عقدة (37 كم/ساعة) مغمورة.
- الطاقم: حوالي 130 ضابطًا وبحارًا.
التسليح
كان التسليح الرئيسي لغواصات بنيامين فرانكلين هو صواريخ بولاريس A-3 أو بوسيدون C-3 الباليستية النووية. تم تجهيز كل غواصة بـ 16 أنبوب إطلاق عمودي للصواريخ، وتقع خلف برج القيادة. تم تصميم صواريخ بولاريس وبوسيدون لتكون قادرة على حمل رؤوس حربية نووية متعددة، مما يمنح كل غواصة قدرة تدميرية هائلة. في وقت لاحق، تم تحديث بعض الغواصات لحمل صواريخ ترايدنت I C-4، التي تتمتع بمدى ودقة أكبر.
أنواع الصواريخ المستخدمة:
- بولاريس A-3: صاروخ باليستي متوسط المدى بمدى يصل إلى 4600 كيلومتر.
- بوسيدون C-3: صاروخ باليستي عابر للقارات بمدى يصل إلى 4600 كيلومتر، يحمل رؤوس حربية متعددة.
- ترايدنت I C-4: صاروخ باليستي عابر للقارات بمدى يصل إلى 7400 كيلومتر، يتميز بدقة أكبر.
الخدمة التشغيلية
لعبت غواصات بنيامين فرانكلين دوراً حاسماً في استراتيجية الردع النووي الأمريكية خلال الحرب الباردة. كانت الغواصات تنفذ دوريات رادعة باستمرار في المحيط الأطلسي والمحيط الهادئ، مما يضمن وجود قوة ردع نووي موثوقة ومخفية. كانت الغواصات قادرة على البقاء مغمورة لفترات طويلة، مما يجعلها غير قابلة للكشف تقريبًا من قبل قوات العدو. ساهمت هذه القدرة في الحفاظ على توازن القوى خلال الحرب الباردة ومنع نشوب صراع نووي شامل.
بالإضافة إلى دوريات الردع، شاركت غواصات بنيامين فرانكلين في عدد من التدريبات والعمليات الأخرى. كانت الغواصات تعمل بشكل وثيق مع وحدات البحرية الأخرى، مثل حاملات الطائرات والمدمرات، لإجراء تدريبات على الحرب المضادة للغواصات والعمليات البحرية الأخرى. كما شاركت الغواصات في عمليات جمع المعلومات الاستخباراتية، باستخدام أجهزة الاستشعار المتقدمة الخاصة بها لجمع معلومات حول أنشطة العدو.
التحديثات والتعديلات
خضعت غواصات بنيامين فرانكلين لعدد من التحديثات والتعديلات خلال حياتها التشغيلية. تم تصميم هذه التحديثات لتحسين قدرات الغواصات وإطالة عمر خدمتها. وشملت بعض التحديثات الرئيسية ما يلي:
- تحديثات نظام الدفع: تم إجراء تحديثات على نظام الدفع لتقليل الضوضاء وزيادة الكفاءة.
- تحديثات نظام التحكم في إطلاق الصواريخ: تم إجراء تحديثات على نظام التحكم في إطلاق الصواريخ لتحسين الدقة والموثوقية.
- تحديثات نظام السونار: تم إجراء تحديثات على نظام السونار لتحسين قدرة الغواصة على اكتشاف الغواصات الأخرى والسفن السطحية.
- تحديثات الاتصالات: تم إجراء تحديثات على نظام الاتصالات لتحسين قدرة الغواصة على التواصل مع القيادة العليا.
الخروج من الخدمة
بدأت غواصات بنيامين فرانكلين في الخروج من الخدمة في أوائل التسعينيات، حيث تم استبدالها بغواصات فئة “أوهايو” الأحدث والأكثر قدرة. تم تفكيك الغواصات تدريجياً كجزء من اتفاقيات الحد من التسلح بين الولايات المتحدة وروسيا. تم إيقاف تشغيل آخر غواصة من فئة بنيامين فرانكلين، وهي USS Simon Bolivar (SSBN-641)، في عام 1995. تعتبر هذه الفئة علامة بارزة في تاريخ الغواصات النووية، حيث لعبت دوراً حيوياً في الحفاظ على السلام والأمن خلال الحرب الباردة.
التأثير والإرث
تركت غواصات بنيامين فرانكلين إرثاً دائماً في تاريخ البحرية الأمريكية. أثبتت هذه الغواصات فعالية الغواصات الصاروخية الباليستية كمنصة ردع نووي موثوقة، ومهدت الطريق لتطوير غواصات أكثر تقدماً في المستقبل. كما ساهمت الغواصات في تطوير تكنولوجيا الغواصات، مثل أنظمة الدفع الأكثر هدوءًا وأنظمة السونار الأكثر تطوراً. لا تزال الدروس المستفادة من تصميم وتشغيل غواصات بنيامين فرانكلين ذات صلة اليوم، حيث تواصل البحرية الأمريكية تطوير وصيانة أسطولها من الغواصات النووية.
خاتمة
كانت غواصة بنيامين فرانكلين فئة مهمة من الغواصات الصاروخية الباليستية التي خدمت في البحرية الأمريكية خلال الحرب الباردة. لعبت هذه الغواصات دوراً حيوياً في استراتيجية الردع النووي الأمريكية، وساهمت في الحفاظ على السلام والأمن خلال فترة مضطربة من التاريخ العالمي. على الرغم من خروجها من الخدمة الآن، إلا أن غواصات بنيامين فرانكلين لا تزال تعتبر علامة بارزة في تاريخ تكنولوجيا الغواصات، وإرثها سيستمر في التأثير على تطوير الغواصات في المستقبل.