خلفية القضية
في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، كان الإجهاض في كندا مقيدًا بموجب القانون الجنائي. كان يُسمح بالإجهاض فقط إذا وافقت عليه لجنة علاجية في المستشفى، وكان يجب أن يكون الإجهاض ضروريًا لإنقاذ حياة المرأة أو صحتها. كان الدكتور هنري مورغنتالر، وهو طبيب كندي مؤيد لحق الاختيار، يعتقد أن هذه القيود غير عادلة وتعيق حصول المرأة على الرعاية الصحية اللازمة. لذلك، بدأ في إجراء عمليات الإجهاض في عيادته الخاصة في مونتريال، متحديًا القانون بشكل علني.
تم اتهام مورغنتالر عدة مرات بانتهاك القانون الجنائي المتعلق بالإجهاض، وتمت تبرئته من قبل هيئات المحلفين في عدة مناسبات. ومع ذلك، استمرت الحكومة في استئناف هذه القرارات، مما أدى في النهاية إلى وصول القضية إلى المحكمة العليا في كندا.
الأسئلة القانونية المطروحة
ركزت القضية على عدة أسئلة قانونية مهمة، بما في ذلك:
- هل تنتهك القيود المفروضة على الإجهاض في القانون الجنائي القسم 7 من الميثاق الكندي للحقوق والحريات، الذي يضمن الحق في الحياة والحرية والأمن الشخصي؟
- هل القيود المفروضة على الإجهاض من خلال اللجان العلاجية في المستشفيات تعيق حصول المرأة على الرعاية الصحية بشكل غير مبرر؟
- هل القانون الجنائي المتعلق بالإجهاض يقع ضمن السلطة التشريعية للحكومة الفيدرالية، أم أنه يقع ضمن اختصاص المقاطعات؟
قرار المحكمة العليا
في 28 يناير 1988، أصدرت المحكمة العليا في كندا قرارًا تاريخيًا في قضية مورغنتالر ضد R. قضت المحكمة بأغلبية 5-2 بأن القيود المفروضة على الإجهاض في القانون الجنائي تنتهك القسم 7 من الميثاق الكندي للحقوق والحريات. وخلصت المحكمة إلى أن هذه القيود تعرض أمن المرأة للخطر وتعيق حصولها على الرعاية الصحية في الوقت المناسب.
أوضحت المحكمة أن آلية اللجان العلاجية في المستشفيات تخلق تأخيرات غير ضرورية وتسبب ضغوطًا نفسية على النساء اللاتي يسعين إلى الإجهاض. بالإضافة إلى ذلك، وجدت المحكمة أن معايير هذه اللجان غالبًا ما تكون غير واضحة وتخضع لتقدير فردي، مما يؤدي إلى تفاوت في الحصول على الرعاية الصحية بين مختلف المناطق في كندا.
نتيجة لقرار المحكمة، تم إلغاء القيود الجنائية على الإجهاض في كندا. ومع ذلك، لم تقرر المحكمة ما إذا كان ينبغي تنظيم الإجهاض بموجب قوانين الصحة الإقليمية. ونتيجة لذلك، لا يزال الإجهاض قانونيًا في كندا اليوم، ولكن الوصول إليه يختلف بين المقاطعات والأقاليم.
الحجج القانونية الرئيسية
اعتمدت المحكمة العليا في قرارها على عدة حجج قانونية رئيسية:
- القسم 7 من الميثاق: وجدت المحكمة أن القيود المفروضة على الإجهاض تنتهك حق المرأة في الأمن الشخصي بموجب القسم 7 من الميثاق. وأشارت المحكمة إلى أن إجبار المرأة على حمل غير مرغوب فيه يمكن أن يكون له آثار سلبية على صحتها الجسدية والعقلية.
- الحق في الخصوصية: اعترفت المحكمة بأن قرار المرأة بشأن الإجهاض هو قرار شخصي وحساس يقع ضمن نطاق حقها في الخصوصية. وخلصت المحكمة إلى أن تدخل الدولة في هذا القرار يجب أن يكون مبررًا بضرورة قاهرة.
- المساواة: جادل محامو مورغنتالر بأن القيود المفروضة على الإجهاض تميز ضد النساء، حيث أنها لا تؤثر على الرجال بنفس الطريقة. ومع ذلك، لم تتناول المحكمة هذا الجانب بشكل مباشر في قرارها.
الأثر السياسي والاجتماعي
كان لقرار مورغنتالر ضد R تأثير عميق على السياسة والمجتمع في كندا. أدى القرار إلى نقاش حاد حول حقوق المرأة، والإجهاض، ودور المحكمة في تحديد السياسة العامة.
على الرغم من أن القرار ألغى القيود الجنائية على الإجهاض، إلا أنه لم ينهِ الجدل حول هذه القضية. استمرت الجماعات المؤيدة لحق الاختيار في الدعوة إلى تحسين الوصول إلى خدمات الإجهاض في جميع أنحاء كندا، بينما سعت الجماعات المناهضة للإجهاض إلى فرض قيود جديدة على الإجهاض.
منذ عام 1988، حاولت الحكومات الفيدرالية والإقليمية المختلفة تنظيم الإجهاض بطرق مختلفة. ومع ذلك، لم يتمكن أي من هذه الجهود من اجتياز التدقيق القضائي، وذلك بسبب قرار المحكمة العليا في قضية مورغنتالر ضد R.
الدور التاريخي لهنري مورغنتالر
يعتبر الدكتور هنري مورغنتالر شخصية مثيرة للجدل في التاريخ الكندي. بالنسبة للبعض، هو بطل دافع عن حقوق المرأة وساهم في تحسين الوصول إلى الرعاية الصحية. بالنسبة للآخرين، هو شخص تحدى القانون وتسبب في إزهاق الأرواح.
بغض النظر عن وجهة النظر، لا يمكن إنكار أن مورغنتالر لعب دورًا حاسمًا في تغيير القانون الكندي المتعلق بالإجهاض. من خلال تحديه للقانون بشكل علني، ساهم في إثارة نقاش عام حول هذه القضية وأجبر المحكمة العليا على التدخل.
تأثير القضية على حقوق المرأة
تعتبر قضية مورغنتالر ضد R علامة فارقة في تاريخ حقوق المرأة في كندا. أكد القرار على حق المرأة في اتخاذ قرارات بشأن جسدها وصحتها، وساهم في تعزيز المساواة بين الجنسين.
على الرغم من أن الوصول إلى خدمات الإجهاض لا يزال يمثل تحديًا في بعض المناطق في كندا، إلا أن قرار المحكمة العليا ضمن أن الإجهاض سيظل قانونيًا وآمنًا. وهذا يمثل انتصارًا كبيرًا لحركة حقوق المرأة في كندا.
التحديات المستمرة
على الرغم من التقدم الذي تم إحرازه، لا تزال هناك تحديات تواجه حقوق المرأة في كندا. لا يزال الوصول إلى خدمات الإجهاض غير متساوٍ بين مختلف المناطق، ولا تزال الجماعات المناهضة للإجهاض نشطة في محاولاتها لفرض قيود جديدة على الإجهاض.
بالإضافة إلى ذلك، لا تزال هناك قضايا أخرى تتعلق بحقوق المرأة، مثل المساواة في الأجور، والعنف ضد المرأة، والتمثيل السياسي، التي تتطلب مزيدًا من الاهتمام والعمل.
خاتمة
قضية مورغنتالر ضد R هي قضية تاريخية في القانون الكندي. لقد أدت إلى إلغاء القيود الجنائية على الإجهاض وأكدت على حق المرأة في اتخاذ قرارات بشأن جسدها وصحتها. على الرغم من أن القضية أثارت جدلاً واسعًا، إلا أنها تعتبر على نطاق واسع انتصارًا لحركة حقوق المرأة في كندا. ومع ذلك، لا تزال هناك تحديات تواجه حقوق المرأة في كندا، ويجب الاستمرار في العمل لضمان المساواة والعدالة للجميع.