نشأته وحياته المبكرة
ولد ويليام ماجير تويد في مدينة نيويورك في 3 أبريل 1823، لعائلة من الطبقة المتوسطة. كان والده، ريتشارد تويد، صانع كراسي. تلقى ويليام تعليمًا محدودًا، لكنه كان يتمتع بذكاء فطري وطموح كبير. بدأ حياته المهنية بالعمل في متجر والده، ثم عمل محاسبًا، قبل أن ينخرط في السياسة.
في شبابه، انضم تويد إلى شركة إطفاء متطوعة، وهو أمر شائع للشباب الطموحين في ذلك الوقت. سمحت له هذه التجربة بتكوين علاقات واسعة في المجتمع، وهو ما ساعده لاحقًا في صعوده السياسي.
صعوده السياسي
بدأ تويد حياته السياسية في الحزب الديمقراطي، وسرعان ما صعد في الرتب. في عام 1851، تم انتخابه عضوًا في مجلس المدينة، ثم عضوًا في الكونجرس في عام 1852. على الرغم من فترة قصيرة في الكونجرس، إلا أنه استغلها لتعزيز علاقاته ونفوذه.
كانت نقطة التحول الرئيسية في حياته المهنية هي انضمامه إلى Tammany Hall. كانت Tammany Hall عبارة عن آلة سياسية قوية تسيطر على سياسة مدينة نيويورك. من خلال Tammany Hall، تمكن تويد من بناء شبكة واسعة من المؤيدين والمحسوبين، مما سمح له بالسيطرة على المدينة ونهبها.
بحلول ستينيات القرن التاسع عشر، كان تويد قد وصل إلى قمة السلطة. كان يسيطر على جميع فروع حكومة المدينة، بما في ذلك الشرطة والمحاكم والنظام المالي. استخدم هذه السلطة للإثراء الشخصي ولإثراء أتباعه.
فساد “عصابة تويد”
كان فساد “عصابة تويد” أسطوريًا. قام تويد وأتباعه بسرقة ملايين الدولارات من دافعي الضرائب من خلال مجموعة متنوعة من المخططات. تضمنت هذه المخططات تضخيم العقود الحكومية، وتلقي الرشاوى، والاختلاس المباشر للأموال العامة.
إحدى أشهر فضائح تويد هي بناء قاعة محكمة مقاطعة نيويورك. تم تقدير تكلفة المشروع في البداية بمبلغ 250,000 دولار، لكنها انتهت بتكلفة أكثر من 13 مليون دولار. ذهبت غالبية هذه الأموال إلى جيوب تويد وأتباعه.
كانت “عصابة تويد” تسيطر على كل شيء، من تعيينات الوظائف الحكومية إلى قرارات المحكمة. استخدموا العنف والترهيب لإسكات المعارضين والحفاظ على سلطتهم. كان الفساد متفشيًا لدرجة أنه أثر على كل جانب من جوانب الحياة في مدينة نيويورك.
- تضخيم العقود: كانت “عصابة تويد” تضخم تكلفة العقود الحكومية بشكل كبير، وتأخذ الفرق كأرباح شخصية.
- الرشاوى: كانت الرشاوى شائعة، حيث يدفع المقاولون والشركات مبالغ كبيرة من المال مقابل الحصول على العقود الحكومية.
- الاختلاس: كانت “عصابة تويد” تختلس الأموال العامة بشكل مباشر، وتحولها إلى حساباتها الخاصة.
الكشف عن الفساد
على الرغم من سلطة تويد الهائلة، إلا أن فساده لم يمر دون أن يلاحظه أحد. بدأ عدد قليل من الصحفيين والمصلحين في التحقيق في أنشطة “عصابة تويد” وكشفها للجمهور.
كان توماس ناست، رسام الكاريكاتير السياسي في مجلة Harper’s Weekly، أحد أبرز منتقدي تويد. رسم ناست سلسلة من الرسوم الكاريكاتورية اللاذعة التي صورت تويد وأتباعه كرجال بدينين وجشعين ينهبون مدينة نيويورك. كانت هذه الرسوم الكاريكاتورية فعالة بشكل خاص لأنها تجاوزت الحواجز اللغوية ووصلت إلى جمهور واسع.
بالإضافة إلى ناست، لعب صحفيون مثل جورج جونز دورًا مهمًا في كشف فساد تويد. نشر جونز سلسلة من المقالات في صحيفة The New York Times التي كشفت تفاصيل مخططات تويد وعصاباته.
أدت جهود ناست وجونز وغيرهم من المصلحين إلى زيادة الوعي العام بفساد تويد. بدأ الناس في المطالبة بالعدالة، وأصبحت “عصابة تويد” تحت ضغط متزايد.
محاكمة وسجن ويليام تويد
في عام 1871، تم القبض على تويد ووجهت إليه تهم بالفساد والاختلاس. بدأت محاكمته في عام 1873، وشهدت إقبالًا كبيرًا من الجمهور. تم إدانة تويد في النهاية وحكم عليه بالسجن لمدة 12 عامًا.
ومع ذلك، لم يقض تويد سوى بضع سنوات في السجن. في عام 1875، هرب من السجن وفر إلى إسبانيا. تم القبض عليه لاحقًا وتسليمه إلى الولايات المتحدة، حيث توفي في السجن عام 1878.
كانت وفاة تويد بمثابة نهاية حقبة. كانت “عصابة تويد” قد دمرت سياسة مدينة نيويورك لعقد من الزمان، لكن فسادهم تم الكشف عنه في النهاية، وتم تقديمهم إلى العدالة.
إرث ويليام تويد
يُذكر ويليام تويد بأنه أحد أكثر السياسيين فسادًا في تاريخ الولايات المتحدة. ومع ذلك، فإن إرثه معقد. بينما كان مسؤولاً عن سرقة ملايين الدولارات من دافعي الضرائب، فقد قام أيضًا ببعض الأشياء الجيدة لمدينة نيويورك.
على سبيل المثال، قام تويد بتوسيع البنية التحتية للمدينة، وبناء المدارس والمستشفيات والطرق. كما قدم برامج اجتماعية ساعدت الفقراء والمهاجرين. ومع ذلك، فإن هذه الإنجازات غالبًا ما كانت تستخدم كغطاء لفساده.
بالإضافة إلى ذلك، ساهم تويد في تطوير Tammany Hall كقوة سياسية مهيمنة في مدينة نيويورك. على الرغم من أن Tammany Hall كانت فاسدة، إلا أنها لعبت أيضًا دورًا مهمًا في مساعدة المهاجرين على الاندماج في المجتمع الأمريكي.
الدروس المستفادة من قصة ويليام تويد
تقدم قصة ويليام تويد العديد من الدروس القيمة حول مخاطر الفساد وأهمية المساءلة. تُظهر قصة تويد كيف يمكن للسلطة أن تفسد، وكيف يمكن للفساد أن يدمر المجتمعات.
كما تُظهر قصة تويد أهمية الصحافة الحرة ودورها في كشف الفساد ومحاسبة المسؤولين. بدون عمل توماس ناست وجورج جونز وغيرهم من المصلحين، ربما كان تويد قد استمر في نهب مدينة نيويورك دون رادع.
أخيرًا، تُظهر قصة تويد أهمية المشاركة المدنية. عندما يشارك الناس في حكومتهم ويطالبون بالمساءلة، فمن المرجح أن يتم الكشف عن الفساد ومحاربته.
الخلاصة
كان ويليام “بوس” تويد شخصية معقدة ومثيرة للجدل في التاريخ الأمريكي. كان سياسيًا فاسدًا سرق ملايين الدولارات من دافعي الضرائب، لكنه فعل أيضًا بعض الأشياء الجيدة لمدينة نيويورك. بغض النظر عن التقييم النهائي لإرثه، فإن قصة ويليام تويد هي بمثابة تذكير قوي بمخاطر الفساد وأهمية المساءلة.