تاريخ المتحف البريطاني
تعود جذور المتحف البريطاني إلى مجموعة السير هانز سلون، وهو طبيب وعالم طبيعة وجامع تحف ثري. بعد وفاته عام 1753، وهب سلون مجموعته الضخمة للأمة البريطانية. وافقت الحكومة البريطانية على شراء المجموعة وتأسيس المتحف البريطاني بموجب قانون صادر من البرلمان. في البداية، كانت المجموعة تتألف من الكتب والمخطوطات والتحف الأثرية وعينات التاريخ الطبيعي. افتتح المتحف أبوابه للجمهور في 15 يناير 1759 في منزل مونتاجو، وهو قصر من القرن السابع عشر في بلومزبري.
بمرور الوقت، نمت مجموعة المتحف بشكل كبير من خلال عمليات الشراء والهدايا والبعثات الاستكشافية. تم الحصول على كنوز أثرية مهمة مثل حجر رشيد والمنحوتات الرخامية من البارثينون (المعروفة أيضًا باسم رخام إلgin) خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر. أدت هذه الإضافات إلى تجاوز مساحة منزل مونتاجو، مما استدعى بناء مبنى جديد. تم تصميم المبنى الحالي، وهو تحفة معمارية على الطراز الكلاسيكي الجديد، من قبل السير روبرت سميرك وتم الانتهاء منه في عام 1852.
أقسام المتحف البريطاني
ينقسم المتحف البريطاني إلى عدة أقسام رئيسية، كل منها متخصص في مجال معين من التاريخ أو الثقافة. تشمل هذه الأقسام:
- مصر القديمة والسودان: يضم هذا القسم مجموعة واسعة من الآثار المصرية والسودانية، بما في ذلك المومياوات والتوابيت والمجوهرات والتماثيل والأشياء اليومية. من بين أبرز المعروضات حجر رشيد، الذي كان مفتاح فك رموز الكتابة الهيروغليفية المصرية القديمة.
- اليونان وروما: يضم هذا القسم مجموعة كبيرة من التحف اليونانية والرومانية، بما في ذلك المنحوتات والفسيفساء والأواني الفخارية والمجوهرات. تشمل أبرز المعروضات رخام إلgin، وهي مجموعة من المنحوتات الرخامية التي كانت تزين معبد البارثينون في أثينا.
- الشرق الأوسط: يضم هذا القسم مجموعة متنوعة من التحف من الشرق الأوسط القديم، بما في ذلك بلاد ما بين النهرين وبلاد فارس والشام. تشمل أبرز المعروضات مجموعة من الألواح الطينية المسمارية والتماثيل والمجوهرات والأشياء اليومية.
- آسيا: يضم هذا القسم مجموعة واسعة من التحف من جميع أنحاء آسيا، بما في ذلك الصين والهند واليابان وكوريا وجنوب شرق آسيا. تشمل أبرز المعروضات مجموعة من السيراميك والبرونز والمنحوتات واللوحات والأشياء اليومية.
- أفريقيا وأوقيانوسيا والأمريكتين: يضم هذا القسم مجموعة متنوعة من التحف من جميع أنحاء أفريقيا وأوقيانوسيا والأمريكتين، بما في ذلك المنحوتات والأقنعة والأزياء والمجوهرات والأشياء اليومية.
- الطباعة والرسم: يضم هذا القسم مجموعة كبيرة من المطبوعات والرسومات من جميع أنحاء العالم، بما في ذلك أعمال فنانين مشهورين مثل ليوناردو دا فينشي ومايكل أنجلو ورامبرانت.
أهم المعروضات في المتحف البريطاني
يضم المتحف البريطاني عددًا كبيرًا من المعروضات الهامة التي تجذب الزوار من جميع أنحاء العالم. بعض من أبرز هذه المعروضات تشمل:
- حجر رشيد: وهو حجر منقوش عليه نص بالهيروغليفية والديموطيقية واليونانية القديمة، وقد ساعد في فك رموز الكتابة الهيروغليفية المصرية القديمة.
- رخام إلgin: وهي مجموعة من المنحوتات الرخامية التي كانت تزين معبد البارثينون في أثينا.
- مومياوات مصرية: يضم المتحف مجموعة كبيرة من المومياوات المصرية، بما في ذلك مومياوات الفراعنة والنبلاء والكهنة.
- كنوز هوكسون: وهي مجموعة من الكنوز الرومانية التي تم العثور عليها في هوكسون، سوفولك، إنجلترا.
- تمثال جزيرة إيستر: وهو تمثال ضخم من جزيرة إيستر في المحيط الهادئ.
- سفينة دفن ساتون هوو: هي سفينة دفن أنجلو ساكسونية تم العثور عليها في ساتون هوو، سوفولك، إنجلترا.
دور المتحف البريطاني في البحث العلمي
يلعب المتحف البريطاني دورًا حيويًا في البحث العلمي. يعمل في المتحف فريق كبير من الباحثين والعلماء الذين يدرسون مجموعات المتحف وينشرون نتائجهم في المجلات العلمية والكتب. يتعاون المتحف أيضًا مع الجامعات والمؤسسات البحثية الأخرى في جميع أنحاء العالم لإجراء البحوث.
تغطي البحوث التي يجريها المتحف البريطاني مجموعة واسعة من الموضوعات، بما في ذلك تاريخ الفن وعلم الآثار وعلم الإنسان وعلم المصريات وعلم العملات. تساعد هذه البحوث على فهم أفضل لتاريخ البشرية وثقافتها.
زيارة المتحف البريطاني
المتحف البريطاني مفتوح للجمهور مجانًا (باستثناء بعض المعارض الخاصة). يقع المتحف في منطقة بلومزبري في لندن، ويمكن الوصول إليه بسهولة عن طريق وسائل النقل العام. يوصى بتخصيص عدة ساعات على الأقل لزيارة المتحف، حيث أن مجموعته واسعة جدًا. يتوفر في المتحف مجموعة متنوعة من المرافق، بما في ذلك المقاهي والمطاعم والمحلات التجارية.
يقدم المتحف البريطاني مجموعة متنوعة من الجولات المصحوبة بمرشدين والأنشطة التعليمية للزوار من جميع الأعمار. تتوفر أيضًا جولات صوتية بلغات متعددة. يمكن للزوار تنزيل تطبيق المتحف البريطاني على هواتفهم الذكية للحصول على معلومات إضافية حول المعروضات.
جدل حول مقتنيات المتحف البريطاني
أثار المتحف البريطاني جدلاً واسعاً حول ملكية بعض مقتنياته، وخاصة تلك التي تم الحصول عليها خلال الحقبة الاستعمارية. طالبت العديد من الدول، بما في ذلك اليونان ومصر ونيجيريا، بإعادة هذه المقتنيات إلى بلادها الأصلية. يجادل المتحف البريطاني بأنه يحافظ على هذه المقتنيات بشكل أفضل وأنه يمكنه عرضها لجمهور عالمي.
تظل قضية إعادة المقتنيات الاستعمارية قضية معقدة ومثيرة للجدل. من المرجح أن تستمر المناقشات حول هذه القضية لسنوات عديدة قادمة.
مستقبل المتحف البريطاني
يواجه المتحف البريطاني عددًا من التحديات في القرن الحادي والعشرين، بما في ذلك الحاجة إلى الحفاظ على مجموعاته المتنامية وإتاحتها للجمهور، بالإضافة إلى التعامل مع الجدل الدائر حول ملكية بعض مقتنياته. ومع ذلك، يظل المتحف البريطاني مؤسسة عالمية مهمة تلعب دورًا حيويًا في الحفاظ على تاريخ البشرية وثقافتها.
يخطط المتحف البريطاني لمواصلة تطوير مرافقه وبرامجه في السنوات القادمة. يتضمن ذلك بناء معارض جديدة وتوسيع نطاق أنشطته التعليمية. يهدف المتحف البريطاني إلى أن يظل مكانًا حيويًا وجذابًا للزوار من جميع أنحاء العالم.
خاتمة
المتحف البريطاني هو مؤسسة ثقافية عالمية مرموقة تحتضن تاريخ البشرية وفنونها. يضم المتحف ملايين القطع الأثرية التي تروي قصص الحضارات والشعوب عبر العصور. سواء كنت مهتمًا بالحضارة المصرية القديمة، أو الفن اليوناني والروماني، أو ثقافات آسيا وأفريقيا، فستجد بالتأكيد ما يثير اهتمامك في المتحف البريطاني. زيارة هذا المتحف هي رحلة لا تُنسى عبر الزمن والثقافات، وفرصة للتعرف على التراث الإنساني الغني والمتنوع.