<![CDATA[
خلفية تاريخية
في بداية الحرب العالمية الثانية، واجهت الولايات المتحدة نقصًا حادًا في سفن الشحن اللازمة لنقل الإمدادات والجنود إلى الجبهات في أوروبا وآسيا. لمواجهة هذا التحدي، أطلقت الحكومة الأمريكية برنامجًا طموحًا لبناء السفن، عرف باسم “برنامج ليبرتي”. كان الهدف من هذا البرنامج هو بناء سفن شحن بأعداد كبيرة وبسرعة وكفاءة. تم تصميم سفن ليبرتي لتكون بسيطة وسهلة البناء، باستخدام تقنيات الإنتاج المتسلسل الحديثة. وقد ساهمت هذه السفن بشكل كبير في المجهود الحربي للحلفاء.
تم تسمية إس إس جون باري على اسم جون باري، وهو ضابط بحري أمريكي من أصل أيرلندي، يُعتبر على نطاق واسع “أبو البحرية الأمريكية”. لعب باري دورًا حاسمًا في حرب الاستقلال الأمريكية، حيث قاد العديد من السفن الحربية وحقق انتصارات مهمة على البحرية البريطانية. كان اختيار اسم جون باري لهذه السفينة تكريمًا لإرثه الوطني وإلهامًا للطاقم الذي سيخدم عليها.
بناء السفينة
تم بناء إس إس جون باري في حوض بناء السفن رقم 4 في أحواض كاISER في بورتلاند، أوريغون. كانت أحواض كاISER من بين أكثر أحواض بناء السفن إنتاجية في الولايات المتحدة خلال الحرب العالمية الثانية. استخدمت أحواض كاISER تقنيات إنتاج متسلسلة مبتكرة لتبسيط عملية البناء وتقليل الوقت اللازم لبناء السفينة. تم وضع عارضة السفينة في 6 أكتوبر 1942، وتم إطلاقها في 15 نوفمبر 1942. تم الانتهاء من السفينة وتسليمها إلى إدارة الحرب في 23 نوفمبر 1942، أي بعد حوالي شهر ونصف من إطلاقها، وهو إنجاز ملحوظ في ذلك الوقت.
كانت سفن ليبرتي عبارة عن سفن شحن بسيطة ولكنها متينة، مصممة لنقل مجموعة متنوعة من البضائع والإمدادات. بلغ طول إس إس جون باري 441 قدمًا (134 مترًا)، وعرضها 56 قدمًا (17 مترًا)، وغاطسها 27 قدمًا (8.2 مترًا). كانت السفينة مدعومة بمحرك بخاري ثلاثي التمدد، ينتج قوة قدرها 2500 حصان، مما يمنحها سرعة قصوى تبلغ حوالي 11 عقدة (20 كيلومترًا في الساعة). كانت إس إس جون باري مجهزة أيضًا بأسلحة دفاعية، بما في ذلك مدافع مضادة للطائرات، لحماية السفينة من هجمات العدو.
الخدمة خلال الحرب العالمية الثانية
بعد الانتهاء من بنائها، تم تكليف إس إس جون باري بنقل الإمدادات والجنود إلى مسارح العمليات في جميع أنحاء العالم. قامت السفينة برحلات عبر المحيط الأطلسي والمحيط الهادئ والبحر الأبيض المتوسط، حاملة مجموعة متنوعة من البضائع، بما في ذلك الذخيرة والمواد الغذائية والمعدات العسكرية والمركبات. شاركت إس إس جون باري في العديد من العمليات العسكرية الهامة، بما في ذلك إنزال الحلفاء في صقلية عام 1943.
في 20 يونيو 1944، بينما كانت إس إس جون باري تبحر في البحر الأبيض المتوسط قبالة سواحل إيطاليا، تعرضت لهجوم من غواصة ألمانية من طراز يو. أطلقت الغواصة طوربيدًا أصاب السفينة في غرفة المحركات. تسبب الانفجار في أضرار جسيمة للسفينة وأدى إلى اندلاع حريق. على الرغم من الأضرار الجسيمة التي لحقت بالسفينة، تمكن الطاقم من احتواء الحريق ومنع السفينة من الغرق.
التضحية البطولية
بعد تعرض السفينة للهجوم، كان طاقم إس إس جون باري أمام خيار صعب. كان من الممكن أن يتخلوا عن السفينة ويتم إنقاذهم من قبل سفن أخرى في القافلة. ومع ذلك، قرر الطاقم، بقيادة القبطان جوزيف إي. هازارد، البقاء على متن السفينة ومحاولة إنقاذها. كان الطاقم يعلم أن السفينة تحمل شحنة كبيرة من الذخيرة، وإذا غرقت السفينة، فإن الذخيرة ستنفجر وتشكل خطرًا كبيرًا على السفن الأخرى في المنطقة.
عمل الطاقم بلا كلل لإصلاح الأضرار التي لحقت بالسفينة وإخماد الحريق. قاموا بضخ المياه من السفينة واستخدموا مضخات الطوارئ لإبقاء السفينة طافية. بعد عدة ساعات من العمل الشاق، تمكن الطاقم من السيطرة على الأضرار ومنع السفينة من الغرق. تمكنت إس إس جون باري من العودة إلى الميناء بمساعدة سفن أخرى في القافلة. أشاد المسؤولون في البحرية الأمريكية ببطولة الطاقم وتضحيتهم.
ما بعد الحرب
بعد الحرب العالمية الثانية، تم إصلاح إس إس جون باري وإعادتها إلى الخدمة التجارية. استمرت السفينة في نقل البضائع حول العالم حتى عام 1967، عندما تم بيعها للخردة. تم تفكيك السفينة في عام 1968.
على الرغم من أن إس إس جون باري لم تعد موجودة، إلا أن قصتها لا تزال حية. تُذكر السفينة بتضحية طاقمها وشجاعتهم وإصرارهم. قصة إس إس جون باري هي تذكير بأهمية الشجاعة والعمل الجماعي في مواجهة الشدائد.
الأهمية التاريخية
تحمل قصة إس إس جون باري أهمية تاريخية كبيرة لعدة أسباب:
- تجسيد لروح العصر: تمثل قصة السفينة روح التفاني والتضحية التي ميزت فترة الحرب العالمية الثانية، حيث بذل الأفراد أقصى جهودهم لدعم المجهود الحربي.
- دور سفن ليبرتي: تسلط الضوء على الدور الحيوي الذي لعبته سفن ليبرتي في دعم قوات الحلفاء خلال الحرب، وكيف ساهمت هذه السفن في نقل الإمدادات والجنود عبر المحيطات.
- إرث جون باري: تُحيي ذكرى جون باري، “أبو البحرية الأمريكية”، وتعكس أهمية الإرث الوطني في إلهام الأجيال.
- دروس في الشجاعة: تقدم دروسًا قيمة في الشجاعة والإصرار والقدرة على التغلب على الصعاب، مما يجعلها قصة ملهمة للأجيال القادمة.
تكريمات وجوائز
تقديرًا لشجاعتهم وتضحيتهم، تم تكريم طاقم إس إس جون باري بعدة جوائز وأوسمة، بما في ذلك:
- وسام الخدمة المتميزة للبحرية: تم منح القبطان جوزيف إي. هازارد وسام الخدمة المتميزة للبحرية لقيادته البطولية وتفانيه في إنقاذ السفينة.
- شارة العمل القتالي: حصل جميع أفراد الطاقم الذين شاركوا في القتال ضد الغواصة الألمانية على شارة العمل القتالي.
- إشادة الوحدة الرئاسية: تلقت إس إس جون باري إشادة الوحدة الرئاسية لخدمتها المتميزة خلال الحرب العالمية الثانية.
إحياء الذكرى
لا تزال قصة إس إس جون باري حية من خلال العديد من الجهود لإحياء ذكراها، بما في ذلك:
- المتاحف: يتم عرض نماذج وصور لإس إس جون باري في العديد من المتاحف البحرية والتاريخية في جميع أنحاء الولايات المتحدة.
- الكتب والأفلام: تم نشر العديد من الكتب وإنتاج الأفلام الوثائقية التي تروي قصة إس إس جون باري وطاقمها.
- المواقع الإلكترونية: توجد العديد من المواقع الإلكترونية التي تقدم معلومات حول إس إس جون باري وتاريخها.
- النصب التذكارية: تم إنشاء العديد من النصب التذكارية لتكريم ذكرى طاقم إس إس جون باري.
خاتمة
إس إس جون باري كانت سفينة شحن أمريكية من طراز ليبرتي لعبت دورًا حيويًا خلال الحرب العالمية الثانية. على الرغم من تعرضها لهجوم طوربيد، أظهر طاقم السفينة شجاعة وإصرارًا استثنائيين لإنقاذها. قصة إس إس جون باري هي شهادة على التضحية والعمل الجماعي في مواجهة الشدائد، وتظل مصدر إلهام للأجيال القادمة.