نشأته وتعليمه
ولد جيرارد كورفيلد بوكنال في 14 سبتمبر 1894. تلقى تعليمه في مدرسة رادلي، وهي مدرسة داخلية مستقلة مرموقة في إنجلترا. بعد ذلك، التحق بالأكاديمية العسكرية الملكية في وولويتش، وهي مؤسسة تدريب عسكري رئيسية للضباط في الجيش البريطاني. تخرج بوكنال من الأكاديمية العسكرية الملكية في عام 1914، مباشرة قبل اندلاع الحرب العالمية الأولى، مما أدى به إلى الخدمة الفعلية في وقت مبكر من حياته المهنية.
الحرب العالمية الأولى
تم تكليف بوكنال في سلاح المدفعية الملكية في عام 1914. خلال الحرب العالمية الأولى، خدم في الجبهة الغربية، وشارك في العديد من المعارك الرئيسية. اكتسب خبرة قتالية قيمة في وقت مبكر من حياته المهنية، مما ساهم في تطوير مهاراته القيادية والتكتيكية. كانت الحرب العالمية الأولى بمثابة اختبار حقيقي للجيل الشاب من الضباط، وأظهر بوكنال قدرًا كبيرًا من الكفاءة والمرونة في مواجهة الشدائد.
فترة ما بين الحربين
بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى، استمر بوكنال في الخدمة في الجيش البريطاني. بين الحربين العالميتين، شغل مناصب مختلفة، بما في ذلك مهام التدريب والأركان. سمحت له هذه الفترة بتوسيع معرفته العسكرية وتطوير مهاراته الإدارية. كما حضر دورات في كلية الأركان، كامبرلي، مما ساهم في تعزيز قدراته كقائد عسكري. كان لهذه الفترة من التدريب والتطوير المهني دور حاسم في إعداده للمهام القيادية الأكبر التي كان سيواجهها في الحرب العالمية الثانية.
الحرب العالمية الثانية
مع اندلاع الحرب العالمية الثانية في عام 1939، وجد بوكنال نفسه في أدوار قيادية مهمة.
القيادة المبكرة
في بداية الحرب، تولى بوكنال قيادة الكتيبة السادسة في فوج جرين هاواردز. ثم تمت ترقيته لقيادة اللواء 133 التابع للفرقة 44 (الموطن). في وقت لاحق، تولى قيادة المجموعة الثالثة لدعم الجيش، وفي النهاية، تولى قيادة المنطقة 160 التابعة للفرقة 55 (الموطن). هذه المناصب المختلفة في المراحل الأولى من الحرب سمحت له باكتساب خبرة متنوعة في قيادة الوحدات المختلفة وفي بيئات تشغيلية مختلفة.
الفرقة 50 (نورثمبريان)
في عام 1942، تم تعيين بوكنال لقيادة الفرقة 50 (نورثمبريان)، وهي فرقة مشاة ذات تاريخ عريق وسمعة قتالية قوية. قاد بوكنال الفرقة خلال حملة شمال إفريقيا، حيث شاركت الفرقة في معارك حاسمة ضد قوات المحور.
- معركة العلمين الثانية: لعبت الفرقة 50 دورًا مهمًا في معركة العلمين الثانية في أكتوبر ونوفمبر 1942، وهي نقطة تحول حاسمة في حملة الصحراء الغربية. تحت قيادة بوكنال، حققت الفرقة أداءً جيدًا وساهمت في الانتصار البريطاني.
- غزو صقلية: قاد بوكنال الفرقة 50 خلال غزو صقلية في عام 1943. شاركت الفرقة في معارك شرسة ضد القوات الألمانية والإيطالية. على الرغم من بعض النجاحات، تلقت الفرقة خسائر فادحة، وأثيرت تساؤلات حول أداء بوكنال كقائد.
الإعفاء من القيادة
بعد غزو صقلية، أعفي بوكنال من قيادة الفرقة 50. كان هذا الإعفاء نتيجة لتقييمات الأداء التي أشارت إلى وجود أوجه قصور في قيادته، خاصة في إدارة المعارك المعقدة وعالية المخاطر. على الرغم من أنه لم يتم إلقاء اللوم عليه بشكل مباشر في الخسائر الفادحة التي تكبدتها الفرقة، إلا أن القيادة العليا رأت أنه من الضروري استبداله بقائد أكثر خبرة وكفاءة. كان هذا الإعفاء بمثابة ضربة قوية لمسيرته المهنية، لكنه لم ينهِ خدمته العسكرية.
العودة إلى القيادة
على الرغم من إعفائه من قيادة الفرقة 50، لم يتم إقصاء بوكنال تمامًا من الخدمة الفعلية. تم تعيينه في مناصب إدارية وتدريبية مختلفة. في عام 1944، تم منحه فرصة أخرى للقيادة عندما تم تعيينه لقيادة الفيلق الأول. كان الفيلق الأول جزءًا من قوة الإنزال البريطانية التي شاركت في غزو نورماندي.
- غزو نورماندي: شارك الفيلق الأول تحت قيادة بوكنال في عملية أوفرلورد، الإنزال الناجح في نورماندي في يونيو 1944. لعب الفيلق دورًا حاسمًا في تأمين الشواطئ وتقدمه إلى الداخل.
- معركة كاين: شارك الفيلق الأول في معارك شرسة حول مدينة كاين، وهي مدينة رئيسية في نورماندي. كانت المعارك حول كاين مكلفة وصعبة، لكن الفيلق الأول تحت قيادة بوكنال تمكن من تحقيق بعض التقدم.
الإعفاء الثاني من القيادة
لسوء الحظ، لم تدم فترة قيادة بوكنال للفيلق الأول طويلاً. في أغسطس 1944، أعفي بوكنال مرة أخرى من منصبه. كان هذا الإعفاء الثاني نتيجة لتقييمات الأداء التي أشارت إلى أنه لم يكن قادرًا على قيادة الفيلق بفعالية كافية في بيئة القتال الديناميكية والمتطلبة في نورماندي. تم استبداله باللواء جون كروكر، الذي كان يعتبر قائدًا أكثر خبرة وكفاءة في هذا النوع من العمليات.
السنوات اللاحقة والتقاعد
بعد إعفائه الثاني من القيادة، لم يتلق بوكنال أي تعيينات قيادية أخرى. أمضى بقية الحرب في مناصب إدارية. تقاعد من الجيش البريطاني برتبة فريق أول. على الرغم من أن مسيرته المهنية شهدت بعض الانتكاسات، إلا أنه خدم بلاده بإخلاص لأكثر من ثلاثة عقود.
التقييم والتحليل
كانت مسيرة جيرارد بوكنال العسكرية مزيجًا من النجاحات والإخفاقات. كان قائدًا شجاعًا ومخلصًا، لكنه كان يعاني أحيانًا من اتخاذ القرارات الحاسمة في المواقف الصعبة. تميزت قيادته بالتقلبات، حيث أظهر أداءً قويًا في بعض المعارك وأداءً أقل في معارك أخرى. إن إعفائه مرتين من القيادة يسلط الضوء على التحديات التي يواجهها القادة العسكريون في الحرب، والحاجة إلى القدرة على التكيف والمرونة والقدرة على اتخاذ قرارات سريعة وفعالة تحت الضغط.
إرثه
على الرغم من أن جيرارد بوكنال ليس من بين أشهر القادة العسكريين في الحرب العالمية الثانية، إلا أنه لعب دورًا مهمًا في المجهود الحربي البريطاني. خدم بلاده بأمانة وإخلاص، وساهم في تحقيق النصر على قوات المحور. سيظل اسمه مرتبطًا بالفرقة 50 (نورثمبريان) وغزو نورماندي، وهما من الأحداث الهامة في تاريخ الحرب العالمية الثانية.
خاتمة
كان جيرارد كورفيلد بوكنال ضابطًا في الجيش البريطاني خدم في الحربين العالميتين الأولى والثانية. شهدت مسيرته العسكرية تقلبات، حيث أظهر شجاعة وإخلاصًا، ولكنه واجه أيضًا تحديات في القيادة واتخاذ القرارات. على الرغم من إعفائه مرتين من القيادة، إلا أنه قدم مساهمات قيمة في المجهود الحربي البريطاني وسيبقى جزءًا من تاريخ الجيش البريطاني.