<![CDATA[
نشأته وبداياته
ولد فيليب أومن في قرية إيدافيلا في ولاية كيرالا الهندية. نشأ في عائلة متدينة ملتزمة بطائفة مار ثوما. تلقى تعليمه المبكر في المدارس المحلية، ثم التحق بالجامعة لدراسة الفنون والعلوم. في شبابه، أظهر فيليب اهتماماً كبيراً بالروحانية والخدمة الدينية، مما قاده إلى اتخاذ قرار الانضمام إلى الكهنوت.
بعد إنهاء دراسته، بدأ فيليب مسيرته الدينية. تم رسامته شماساً في عام 1939، ثم كاهناً في عام 1944. عمل فيليب في العديد من الرعايا والمدارس التابعة لطائفة مار ثوما، حيث اكتسب خبرة كبيرة في إدارة الشؤون الكنسية وتقديم الخدمات الروحية.
مسيرته الكهنوتية
في عام 1953، تم اختيار فيليب ليكون أسقفاً، وتم رسامته باسم مار كريسوسطوم. كان هذا بداية لمسيرة طويلة ومميزة في قيادة الكنيسة. شغل منصب أسقف دايس في الفترة من 1953 إلى 1978، حيث عمل على تطوير الكنائس والمدارس التابعة للأبرشية، وتعزيز الوعي الديني بين المؤمنين.
في عام 1978، تم تعيين مار كريسوسطوم رئيساً لأساقفة كنيسة مار ثوما، وهو أعلى منصب في الكنيسة. خلال فترة رئاسته، قاد الكنيسة في العديد من التغييرات والإصلاحات، وعمل على تحديث الهياكل التنظيمية والإدارية للكنيسة. كما لعب دوراً هاماً في تعزيز العلاقات المسكونية مع الكنائس الأخرى في الهند والعالم.
تميزت قيادة مار كريسوسطوم بالعديد من الصفات، بما في ذلك الحكمة، والرؤية، والقدرة على التواصل. كان معروفاً بقدرته على التكيف مع التغييرات الاجتماعية والثقافية، وعلى تقديم قيادة قوية في أوقات الأزمات. كما كان ملتزماً بالعدالة الاجتماعية، وعمل على دعم الفئات الأكثر ضعفاً في المجتمع.
إسهاماته في التعليم والخدمة الاجتماعية
بالإضافة إلى عمله الديني، كان مار كريسوسطوم ملتزماً بالتعليم والخدمة الاجتماعية. دعم تأسيس العديد من المدارس والكليات والمستشفيات في كيرالا، مما ساهم في تحسين مستوى التعليم والرعاية الصحية في المنطقة. كما شارك في العديد من المبادرات الاجتماعية التي تهدف إلى تحسين حياة الفقراء والمهمشين.
كان مار كريسوسطوم خطيباً مفوهاً، وقادراً على التأثير في الجماهير. استخدم هذه المهارة للتوعية بالقضايا الاجتماعية، والدعوة إلى السلام والوئام. كما كان كاتباً غزير الإنتاج، ونشر العديد من المقالات والكتب حول الروحانية، والفلسفة، والقضايا الاجتماعية.
العلاقات المسكونية
لعب مار كريسوسطوم دوراً هاماً في تعزيز العلاقات المسكونية مع الكنائس الأخرى. شارك في العديد من المؤتمرات والاجتماعات المسكونية على المستوى الوطني والدولي. عمل على تعزيز الحوار والتفاهم بين الأديان، والتعاون في مجالات الخدمة الاجتماعية والتعليم. كان يؤمن بأهمية الوحدة بين المسيحيين، وسعى إلى تحقيق هذا الهدف من خلال عمله.
الجوائز والتكريمات
تقديراً لإسهاماته في مجالات الروحانية، والتعليم، والخدمة الاجتماعية، حصل مار كريسوسطوم على العديد من الجوائز والتكريمات. تم منحه لقب “فالييا متروبوليتان” (أي رئيس الأساقفة العظيم) من قبل كنيسة مار ثوما. كما حصل على شهادات فخرية من العديد من الجامعات والمؤسسات التعليمية.
كانت شخصية مار كريسوسطوم محبوبة ومحترمة من قبل جميع شرائح المجتمع. كان معروفاً بفكاهته، وروحه المرحة، وقدرته على التواصل مع الناس من جميع الخلفيات. ترك إرثاً عظيماً في مجال الروحانية والخدمة الاجتماعية، وسيبقى اسمه محفوراً في ذاكرة الشعب الهندي.
وفاته
توفي مار كريسوسطوم في 5 مايو 2021 عن عمر يناهز 103 أعوام. كان وفاته خسارة كبيرة لكنيسة مار ثوما والمجتمع الهندي بشكل عام. أقيمت له جنازة رسمية حضرها الآلاف من الأشخاص، بمن فيهم قادة دينيون وسياسيون وشخصيات عامة. تم دفنه في كنيسة القديس توما في تشيرومالا، كيرالا.
رحل مار كريسوسطوم، لكن إرثه لا يزال حياً. استمرت أعماله في مجال التعليم والخدمة الاجتماعية في الازدهار، واستمرت الكنيسة في النمو والازدهار تحت قيادة خلفائه. سيظل مار كريسوسطوم رمزاً للقيادة الروحية، والالتزام بالعدالة الاجتماعية، والوحدة المسكونية.
التأثير والإرث
ترك مار كريسوسطوم إرثاً كبيراً، حيث ألهمت حياته وعمله عدداً لا يحصى من الناس. كان معروفاً بحبه للناس، وروحه المرحة، ورؤيته الثاقبة. كان قادراً على ربط الناس من جميع مناحي الحياة، وغالباً ما كان يسخر من نفسه لتقريب الآخرين. كان أيضاً مدافعاً قوياً عن العدالة الاجتماعية، وعمل بلا كلل لمساعدة المحتاجين.
خلال حياته، قام مار كريسوسطوم ببناء العديد من المدارس والمستشفيات والملاجئ، مما يوفر التعليم والرعاية الصحية للمجتمع. كما لعب دوراً رئيسياً في تعزيز الحوار بين الأديان، والعمل من أجل السلام والوئام في جميع أنحاء العالم. كان إرثه في القيادة الروحية والخدمة الاجتماعية والوحدة المسكونية لا يزال يتردد صداه حتى اليوم.
كان مار كريسوسطوم قائداً عظيماً، وسيظل ذكراه حية إلى الأبد. حياته بمثابة شهادة على قوة الإيمان، وأهمية الخدمة، والقدرة على إحداث فرق في العالم.
خاتمة
كان فيليبوس مار كريسوسطوم مار ثوما شخصية دينية بارزة في الهند، وترك بصمة واضحة في مجالات الروحانية والتعليم والخدمة الاجتماعية والمسكونية. مسيرته الطويلة والحافلة بالإنجازات، من خلال دوره كرئيس أساقفة، وقيادته للكنيسة، وتقديمه للخدمات الاجتماعية، بالإضافة إلى مساهماته في الحوار بين الأديان، قد ألهمت الكثيرين. وفاته تمثل خسارة كبيرة، لكن إرثه سيظل منارة تضيء الطريق للأجيال القادمة.