<![CDATA[
حياته المبكرة وتعليمه
ولد دييغو دي إينثيناس في بورجوس بإسبانيا، حوالي عام 1520. كانت عائلته ذات نفوذ ولها صلات بالكنيسة الكاثوليكية. تلقى تعليمه الأولي في إسبانيا، ثم ذهب للدراسة في جامعة لويفن في البلدان المنخفضة. كانت لويفن في ذلك الوقت مركزًا فكريًا مزدهرًا، لكنها كانت أيضًا تحت سيطرة الإمبراطورية الرومانية المقدسة، وبالتالي خاضعة لتأثير الكنيسة الكاثوليكية.
في لويفن، تعرف إينثيناس على أفكار الإصلاح، التي بدأت تنتشر في جميع أنحاء أوروبا. تأثر بشكل خاص بتعاليم مارتن لوثر وفيليب ميلانشثون. بدأ يشكك في بعض الممارسات والعقائد الكاثوليكية، وبدأ يتبنى وجهة نظر بروتستانتية.
اعتناقه البروتستانتية
أدى اعتناق إينثيناس للبروتستانتية إلى صراع مع عائلته والسلطات الكاثوليكية. اضطر إلى مغادرة لويفن والبحث عن ملجأ في مدن أخرى في البلدان المنخفضة، حيث كانت الأفكار البروتستانتية أكثر تسامحًا. خلال هذه الفترة، بدأ في استخدام الاسم المستعار “يعقوب درياندر” لحماية هويته.
استمر إينثيناس في دراسته وبحثه، وأصبح باحثًا بارزًا في الكتاب المقدس واللاهوت. أتقن العديد من اللغات، بما في ذلك اللاتينية واليونانية والعبرية، مما سمح له بدراسة الكتاب المقدس في نصوصه الأصلية. بدأ أيضًا في الكتابة والنشر، مدافعًا عن وجهات نظره البروتستانتية ومنتقدًا الكنيسة الكاثوليكية.
نشاطه الإصلاحي
أصبح إينثيناس ناشطًا في الحركة الإصلاحية، وشارك في نشر الأفكار البروتستانتية في جميع أنحاء أوروبا. ترجم أعمال لوثر وميلانشثون إلى الإسبانية، مما جعلها في متناول جمهور أوسع. كتب أيضًا مقالات ومنشورات أصلية، دافع فيها عن الإصلاح وهاجم ممارسات الكنيسة الكاثوليكية التي اعتبرها فاسدة وغير كتابية.
لعب إينثيناس دورًا مهمًا في ترجمة العهد الجديد إلى اللغة الإسبانية. كانت هذه الترجمة، المعروفة باسم “العهد الجديد الإسباني”، بمثابة إنجاز كبير، حيث جعلت الكتاب المقدس في متناول عامة الناس الذين لم يتمكنوا من قراءة اللاتينية. ومع ذلك، أثارت الترجمة أيضًا غضب السلطات الكاثوليكية، التي اعتبرتها تهديدًا لسلطتها.
بسبب نشاطه الإصلاحي، واجه إينثيناس اضطهادًا مستمرًا من السلطات الكاثوليكية. تم القبض عليه عدة مرات، وسُجن في النهاية في بروكسل. على الرغم من السجن والتهديد بالإعدام، ظل إينثيناس ثابتًا في إيمانه ورفض التراجع عن وجهات نظره البروتستانتية.
إعدامه
في 15 مارس 1547، حُكم على دييغو دي إينثيناس بالإعدام بتهمة الهرطقة. تم حرقه على الوتد في ساحة عامة في بروكسل. كان إعدامه بمثابة صدمة للحركة الإصلاحية، لكنه ألهم أيضًا الآخرين لمواصلة النضال من أجل الإصلاح الديني.
قبل إعدامه، سُمح لإينثيناس بكتابة رسالة وداع إلى أصدقائه وعائلته. في هذه الرسالة، أعرب عن إيمانه الراسخ بالله وطلب منهم أن يظلوا ثابتين في إيمانهم. كما حثهم على عدم الانتقام لموته، بل أن يصلوا من أجل مضطهديه.
إرثه
على الرغم من حياته القصيرة والمأساوية، ترك دييغو دي إينثيناس إرثًا دائمًا. يعتبر بطلاً للإصلاح الإسباني، وقد ألهمت كتاباته وترجماته العديد من الأشخاص لتبني البروتستانتية. كما يُذكر بتفانيه في دراسة الكتاب المقدس، وشجاعته في مواجهة الاضطهاد، وإيمانه الراسخ بالله.
لا تزال أعمال إينثيناس تدرس حتى اليوم من قبل العلماء والمؤرخين. تعتبر ترجمته للعهد الجديد الإسباني معلمًا هامًا في تاريخ اللغة الإسبانية. كما أن حياته وقصته بمثابة تذكير بأهمية الحرية الدينية وحرية التعبير.
إن قصة دييغو دي إينثيناس هي قصة رجل آمن بشدة بما يعتقد أنه صحيح، وكان على استعداد للتضحية بكل شيء من أجله. إنه مثال على قوة الإيمان وأهمية الوقوف في وجه الظلم.
أهم أعماله
- ترجمة العهد الجديد إلى الإسبانية (“العهد الجديد الإسباني”)
- مقالات ومنشورات تدافع عن الإصلاح وتنتقد الكنيسة الكاثوليكية
- ترجمة أعمال لوثر وميلانشثون إلى الإسبانية
تأثيره على الإصلاح الإسباني
لعب دييغو دي إينثيناس دورًا حاسمًا في نشر أفكار الإصلاح في إسبانيا، وهي مهمة محفوفة بالمخاطر في ظل حكم محاكم التفتيش الإسبانية القوية. من خلال ترجماته وكتاباته، جعل الكتاب المقدس وتعاليم المصلحين في متناول القراء الناطقين بالإسبانية، مما ساهم في نمو الحركات البروتستانتية السرية في جميع أنحاء إسبانيا. على الرغم من أن الإصلاح لم يترسخ بعمق في إسبانيا كما فعل في أجزاء أخرى من أوروبا، إلا أن عمل إينثيناس وضع الأساس لأجيال لاحقة من البروتستانت الإسبان.
دراسات حديثة حول دييغو دي إينثيناس
في السنوات الأخيرة، كان هناك اهتمام متزايد بدراسة حياة وأعمال دييغو دي إينثيناس. قام المؤرخون والعلماء بإعادة فحص ترجماته وكتاباته، وتسليط الضوء على أهميتها في سياق الإصلاح الأوروبي. وقد أسفرت هذه الدراسات عن فهم أعمق لدوره في نشر الأفكار البروتستانتية في إسبانيا، فضلاً عن التحديات التي واجهها هو وغيره من المصلحين في ذلك الوقت.
خاتمة
دييغو دي إينثيناس، أو يعقوب درياندر، كان باحثًا بروتستانتيًا إسبانيًا بارزًا لعب دورًا مهمًا في الإصلاح الديني. على الرغم من حياته القصيرة والمأساوية، ترك إرثًا دائمًا من خلال ترجماته وكتاباته. يُذكر بشجاعته وإيمانه وتفانيه في نشر الكتاب المقدس وتعاليم الإصلاح. إن قصة دييغو دي إينثيناس هي تذكير بأهمية الحرية الدينية وحرية التعبير، والنضال من أجل العدالة في مواجهة الاضطهاد.