نشأته وتعليمه
ولد ستيوارت ميلنر-باري في لندن عام 1906، وتلقى تعليمه في مدرسة تشلتنهام وكلية كينجز في كامبريدج. تفوق في الرياضيات، وحصل على مرتبة الشرف الأولى في امتحان Tripos للرياضيات. خلال فترة وجوده في كامبريدج، برز أيضًا كلاعب شطرنج موهوب، وفاز ببطولة الشطرنج للجامعات مرتين.
مسيرته في الشطرنج
كان ميلنر-باري لاعب شطرنج قويًا، ومثل إنجلترا في العديد من البطولات الدولية. شارك في أولمبياد الشطرنج أربع مرات: في عام 1937، 1939، 1952، و 1954. كما فاز ببطولة الشطرنج البريطانية في عام 1938. كان أسلوبه في اللعب يتميز بالدقة والعمق الاستراتيجي.
الحرب العالمية الثانية وبلتشلي بارك
مع اندلاع الحرب العالمية الثانية، تم تجنيد ميلنر-باري في بلتشلي بارك، وهي المحطة السرية لفك الشفرات البريطانية. انضم إلى “Hut 6″، القسم المسؤول عن فك شفرات رسائل الجيش الألماني والقوات الجوية الألمانية المشفرة بواسطة آلة إنجما. كان عمل Hut 6 ضروريًا لتوفير معلومات استخباراتية حاسمة للحلفاء.
دوره في كسر شفرة إنجما:
لعب ميلنر-باري دورًا حيويًا في تطوير التقنيات والإجراءات اللازمة لفك شفرة إنجما. عمل عن كثب مع آلان تورينج وغيرهم من محللي الشفرات الموهوبين. كان مسؤولاً عن تطوير “Bombe”، وهي آلة كهروميكانيكية مصممة لتبسيط عملية فك الشفرات. ساهمت هذه الآلة بشكل كبير في تسريع عملية فك الشفرات، مما سمح للحلفاء بالحصول على معلومات استخباراتية في الوقت المناسب.
الخلافات والترقيات:
في عام 1941، كان ميلنر-باري واحدًا من أربعة محللي شفرات بارزين (إلى جانب آلان تورينج، وجوان كلارك، وبيتر هيلتون) كتبوا رسالة إلى رئيس الوزراء ونستون تشرشل للتعبير عن قلقهم بشأن نقص الموارد في بلتشلي بارك. أدت هذه الرسالة المباشرة إلى استجابة فورية من تشرشل، مما أدى إلى زيادة كبيرة في التمويل والموارد، مما عزز بشكل كبير قدرة بلتشلي بارك على فك الشفرات.
لاحقًا، أصبح ميلنر-باري نائبًا لرئيس Hut 6، وتولى مسؤولية إدارة العمليات اليومية للقسم. أشرف على فريق كبير من محللي الشفرات والموظفين المساعدين، وتأكد من أن المعلومات الاستخباراتية التي تم الحصول عليها من فك شفرة إنجما تم توزيعها بسرعة وكفاءة على السلطات المختصة.
ما بعد الحرب
بعد الحرب، انضم ميلنر-باري إلى الخزانة البريطانية، حيث شغل مناصب مختلفة رفيعة المستوى. أصبح مساعدًا للأمين الثاني في عام 1965، وتقاعد من الخدمة المدنية في عام 1967. خلال فترة عمله في الخزانة، لعب دورًا مهمًا في إدارة الشؤون المالية للحكومة البريطانية.
الكتابة عن بلتشلي بارك:
بعد تقاعده، كتب ميلنر-باري كتابًا بعنوان “من بلتشلي إلى الخزانة” (From Bletchley Park to the Treasury)، والذي قدم فيه سردًا شخصيًا لتجاربه في بلتشلي بارك والخزانة. يقدم الكتاب رؤى قيمة حول التحديات والانتصارات التي واجهها محللو الشفرات خلال الحرب، بالإضافة إلى لمحة عن عمل الحكومة البريطانية في فترة ما بعد الحرب.
حياته الشخصية
تزوج ميلنر-باري من ثيلما جيرترود دورانت في عام 1938. كان لديهم ثلاثة أبناء. كان مهتمًا بالعديد من الأنشطة الأخرى إلى جانب الشطرنج، بما في ذلك البستنة والموسيقى.
إرثه وتكريمه
تم الاعتراف بمساهمات ميلنر-باري في الحرب العالمية الثانية بعد وفاته. يُذكر على نطاق واسع لعمله في بلتشلي بارك، والذي كان له دور فعال في تقصير الحرب وإنقاذ الأرواح. تم تعيينه فارسًا في عام 1981 لخدماته للحكومة.
تكريمه في الثقافة الشعبية:
تم تصوير ميلنر-باري في فيلم “لعبة التقليد” (The Imitation Game) عام 2014، والذي يروي قصة آلان تورينج وفريق فك الشفرات في بلتشلي بارك. لعب الممثل آلين ليش دور ميلنر-باري في الفيلم. ساعد الفيلم على زيادة الوعي العام بأهمية عمل بلتشلي بارك ومساهمات الأفراد مثل ميلنر-باري.
خاتمة
كان السير فيليب ستيوارت ميلنر-باري شخصية بارزة في القرن العشرين، حيث جمع بين المهارات الفكرية الاستثنائية والالتزام بالخدمة العامة. بصفته لاعب شطرنج موهوبًا ومحلل شفرات ماهرًا وموظفًا حكوميًا متفانيًا، ترك بصمة دائمة على التاريخ البريطاني. سيظل إرثه مصدر إلهام للأجيال القادمة.