<![CDATA[
نشأتها وبداياتها المهنية
ولدت كارولين وود في 25 يونيو 1922 في أكرون، أوهايو. حصلت على درجة البكالوريوس في علم النفس من جامعة أوهايو في عام 1944. تابعت دراستها العليا في جامعة أيوا، حيث حصلت على درجة الماجستير في عام 1945 والدكتوراه في عام 1947. خلال فترة دراستها، تأثرت شريف بشدة بالباحثين البارزين في مجال علم النفس الاجتماعي، مما أثر على مسارها المهني بشكل كبير.
بدأت مسيرتها المهنية في جامعة أوكلاهوما، حيث عملت كأستاذة مساعدة في علم النفس. في عام 1949، تزوجت من مظفر شريف، عالم النفس الاجتماعي الشهير الذي اشتهر بتجاربه الرائدة حول التوافق والتنافس بين المجموعات. عمل الزوجان معًا بشكل وثيق طوال حياتهما المهنية، وقاما بالعديد من الأبحاث المشتركة التي أثرت بشكل كبير في فهمنا للسلوك الاجتماعي. انتقلت شريف إلى جامعة ولاية بنسلفانيا في عام 1966، حيث بقيت حتى تقاعدها.
نظرية الحكم الاجتماعي
تعتبر نظرية الحكم الاجتماعي (Social Judgment Theory) المساهمة الأكثر شهرة لكارولين شريف. تم تطوير هذه النظرية بالتعاون مع زوجها مظفر شريف، وهي تقدم إطارًا لشرح كيفية قيام الأفراد بتقييم الرسائل أو المعلومات بناءً على مواقفهم الحالية. تقوم النظرية على فكرة أن الأفراد لديهم “نطاق قبول” و”نطاق رفض” و”نطاق عدم الالتزام” فيما يتعلق بموضوع معين. عندما يواجه الأفراد رسالة، فإنهم يقارنونها بموقفهم الحالي. إذا كانت الرسالة تقع ضمن نطاق القبول، فمن المحتمل أن يتقبلوها. إذا كانت تقع ضمن نطاق الرفض، فمن المحتمل أن يرفضوها. أما إذا كانت تقع ضمن نطاق عدم الالتزام، فقد لا يكون لديهم رد فعل قوي.
المفاهيم الأساسية في نظرية الحكم الاجتماعي:
- نطاق القبول: مجموعة المواقف التي يعتبرها الفرد مقبولة أو مألوفة.
- نطاق الرفض: مجموعة المواقف التي يعتبرها الفرد غير مقبولة أو مرفوضة.
- نطاق عدم الالتزام: مجموعة المواقف التي لا يقرها الفرد ولا يرفضها.
تلعب هذه النطاقات دورًا حاسمًا في كيفية تفسير الأفراد للمعلومات الجديدة وتحديد مواقفهم تجاهها. على سبيل المثال، إذا كان الشخص لديه موقف قوي مؤيد لسياسة معينة، فمن المحتمل أن يقبل الرسائل التي تدعم هذه السياسة ويرفض الرسائل التي تعارضها. يوضح هذا كيف يمكن للمواقف القائمة أن تؤثر على كيفية معالجة المعلومات الجديدة.
أبحاثها حول التحيز والتمييز
بالإضافة إلى عملها على نظرية الحكم الاجتماعي، قدمت كارولين شريف مساهمات كبيرة في فهم التحيز والتمييز. درست شريف وزوجها العلاقات بين المجموعات، وخاصة في سياق الصراع والتعاون. أظهرت أبحاثهم كيف يمكن للتحيز أن يتشكل من خلال المنافسة على الموارد والظروف الاجتماعية. كما بحثت في استراتيجيات للحد من التحيز، مثل تعزيز الاتصال بين المجموعات المختلفة والعمل نحو أهداف مشتركة.
تجربة كهف اللصوص (Robbers Cave Experiment):
أحد أهم أبحاث شريف في هذا المجال هو تجربة كهف اللصوص، والتي أجريت بالتعاون مع زوجها وآخرين. في هذه التجربة، تم تقسيم مجموعة من الأولاد إلى مجموعتين، وتم وضعهم في معسكر صيفي. في البداية، تم تشجيع المجموعتين على تطوير هويات جماعية متميزة. ثم، تم إدخال سلسلة من الأنشطة التنافسية بين المجموعتين، مما أدى إلى زيادة العداء والتحيز. في النهاية، تم تقديم أهداف مشتركة تتطلب تعاون المجموعتين معًا، مما ساعد في تقليل التوتر والتحيز.
أظهرت تجربة كهف اللصوص أن العداء بين المجموعات يمكن أن يتولد بسهولة من خلال المنافسة على الموارد، وأن الأهداف المشتركة يمكن أن تساعد في تقليل هذا العداء. قدمت هذه الدراسة رؤى قيمة حول كيفية تشكل التحيز وكيف يمكن التغلب عليه.
إسهاماتها في علم النفس النسوي
كانت كارولين شريف رائدة في مجال علم النفس النسوي. دعت إلى أهمية فهم السلوك الإنساني من منظور يراعي النوع الاجتماعي، وانتقدت التحيزات الذكورية في علم النفس التقليدي. ركزت أبحاثها على تجارب المرأة، ودرست القضايا المتعلقة بالصحة النفسية للمرأة، والتحيز الجنسي، والمساواة بين الجنسين. ساهمت في تطوير علم النفس النسوي من خلال توفير رؤى جديدة حول قضايا المرأة وتحدي الافتراضات التقليدية حول الجنسين.
أهمية منظور النوع الاجتماعي:
أكدت شريف على أهمية النظر في دور النوع الاجتماعي في تشكيل السلوك البشري. جادلت بأن فهم سلوك المرأة يتطلب أخذ العوامل الاجتماعية والثقافية في الاعتبار، بدلاً من الاعتماد على النماذج الذكورية. ساعدت أبحاثها في تمهيد الطريق لمزيد من الدراسات التي تركز على تجارب المرأة وتعزز المساواة بين الجنسين.
إرثها وتأثيرها
ترك عمل كارولين شريف إرثًا دائمًا في مجال علم النفس الاجتماعي. ساهمت نظريتها حول الحكم الاجتماعي في فهمنا لكيفية إصدار الناس للأحكام والتقييمات، وكيف تتأثر هذه الأحكام بمواقفهم الحالية. كما أثرت أبحاثها حول التحيز والتمييز في فهمنا للعلاقات بين المجموعات وكيف يمكن للتحيز أن يتشكل وكيف يمكن التغلب عليه. علاوة على ذلك، كانت رائدة في مجال علم النفس النسوي، وساهمت في تعزيز فهمنا لتجارب المرأة وتعزيز المساواة بين الجنسين.
ألهمت شريف العديد من الباحثين، واستمرت أفكارها في التأثير على علم النفس الاجتماعي وعلم النفس النسوي. تعتبر مساهماتها في نظرية الحكم الاجتماعي، وأبحاثها حول التحيز والتمييز، وعملها في مجال علم النفس النسوي، إنجازات بارزة ساهمت في فهمنا للسلوك الإنساني. تُذكر كارولين شريف كشخصية مهمة في تاريخ علم النفس، وكمدافعة عن العدالة الاجتماعية.
الحياة الشخصية
بالإضافة إلى مساهماتها الأكاديمية، كانت كارولين شريف شخصية محبوبة بين زملائها وطلابها. كانت معروفة بدعمها لطلابها وتشجيعهم على متابعة أهدافهم. كانت تتمتع بعلاقة وثيقة مع زوجها، مظفر شريف، وعملا معًا في العديد من المشاريع البحثية التي أثرت بشكل كبير في مجال علم النفس. توفيت كارولين شريف في 29 أغسطس 1982، ولكن إرثها مستمر من خلال عملها وتأثيرها على أجيال من علماء النفس.
خاتمة
كانت كارولين شريف عالمة نفس اجتماعي أمريكية رائدة، تركت إرثًا دائمًا في مجال علم النفس. ساهمت في تطوير نظرية الحكم الاجتماعي، وقدمت مساهمات كبيرة في دراسة التحيز والتمييز، وعملت كرائدة في مجال علم النفس النسوي. أثرت أبحاثها على فهمنا للسلوك الاجتماعي، ولا يزال عملها يؤثر على علماء النفس والباحثين حتى اليوم. تعتبر شريف شخصية مهمة في تاريخ علم النفس، ومدافعة عن العدالة الاجتماعية، وشخصية ألهمت العديد من الأفراد.