حياته المبكرة وتعليمه
ولد فريدريك في لندن، ونشأ في كنف عائلة كبيرة نسبياً. كان والده، جون ديكنز، يعمل كاتبًا في البحرية، وكانت والدته، إليزابيث بارو، ربة منزل. تلقى فريدريك تعليمه الأولي في المنزل، ثم التحق بمدرسة خاصة. ومع ذلك، لم يكن فريدريك طالبًا متفوقًا، ولم يبدِ اهتمامًا كبيرًا بالدراسة. كان يفضل قضاء وقته في اللعب والمرح مع أصدقائه.
على الرغم من ذلك، كان تشارلز ديكنز يهتم بشقيقه الأصغر، ويحرص على توجيهه. كان تشارلز يرى في فريدريك شخصًا طيب القلب ومرحًا، ولكنه كان قلقًا بشأنه بسبب عدم اهتمامه بالدراسة وعدم وجود طموح واضح لديه.
حياته المهنية
بعد انتهاء تعليمه، لم يتمكن فريدريك من العثور على وظيفة مناسبة. حاول العمل في عدة مجالات مختلفة، ولكنه لم ينجح في أي منها. عمل لفترة قصيرة في شركة تجارية، ثم حاول العمل كمدرس، ولكنه لم يستطع الاستمرار في أي من هذه الوظائف لفترة طويلة. كان فريدريك يفتقر إلى الانضباط والمثابرة اللازمين لتحقيق النجاح في أي مجال مهني.
عانى فريدريك من صعوبات مالية طوال حياته. كان يعتمد بشكل كبير على المساعدة المالية التي كان يقدمها له شقيقه تشارلز. كان تشارلز يساعد فريدريك بسخاء، ولكنه كان يشعر بالقلق بشأنه بسبب عدم قدرته على الاعتماد على نفسه.
علاقته بتشارلز ديكنز
كانت علاقة فريدريك بتشارلز معقدة ومثيرة للجدل. كان فريدريك يحب شقيقه الأكبر ويحترمه، ولكنه كان يشعر بالغيرة منه بسبب نجاحه وشهرته. كان فريدريك يرى أن تشارلز يحظى بكل الاهتمام والتقدير، بينما كان هو مهملاً ومنسيًا.
من ناحية أخرى، كان تشارلز يحب شقيقه الأصغر ويهتم به، ولكنه كان يشعر بالإحباط منه بسبب عدم قدرته على تحقيق النجاح في حياته. كان تشارلز يحاول مساعدة فريدريك بكل ما يستطيع، ولكنه كان يجد صعوبة في التعامل مع عدم اكتراث فريدريك وعدم رغبته في تغيير وضعه.
تأثرت علاقة فريدريك بتشارلز بالعديد من الأحداث والتطورات. من بين هذه الأحداث، وفاة والدهما جون ديكنز في عام 1851. كانت وفاة جون ديكنز صدمة كبيرة لكل من تشارلز وفريدريك، وتسببت في توتر العلاقة بينهما. كان تشارلز يشعر بالمسؤولية تجاه رعاية والدته وإخوته، بينما كان فريدريك يشعر بالإهمال والوحدة.
حدث آخر أثر على علاقة فريدريك بتشارلز هو طلاق تشارلز من زوجته كاثرين هوجارث في عام 1858. كان طلاق تشارلز حدثًا مدويًا في المجتمع الإنجليزي، وتسبب في فضيحة كبيرة. كان فريدريك يقف إلى جانب شقيقه خلال هذه الفترة الصعبة، ولكنه كان يشعر بالضيق بسبب الفضيحة وتأثيرها على عائلته.
زواجه وعائلته
تزوج فريدريك من آنا ويلر ريد في عام 1848. كانت آنا امرأة طيبة القلب ومحبة، وكانت تدعم فريدريك في جميع جوانب حياته. أنجب فريدريك وآنا ستة أطفال، ثلاثة أولاد وثلاث بنات. ومع ذلك، كانت حياة فريدريك الأسرية مليئة بالتحديات والصعوبات. كان فريدريك يعاني من صعوبات مالية، وكان غير قادر على توفير حياة كريمة لعائلته.
عانى فريدريك أيضًا من مشاكل صحية. كان يعاني من مرض السل، الذي كان مرضًا قاتلًا في ذلك الوقت. تدهورت صحة فريدريك تدريجيًا، وتوفي في عام 1868 عن عمر يناهز 48 عامًا.
إدمانه للكحول ووفاته
كان فريدريك يعاني من إدمان الكحول. بدأ يشرب الكحول في سن مبكرة، وسرعان ما أصبح مدمنًا عليه. كان إدمان الكحول يؤثر سلبًا على حياته الشخصية والمهنية. كان يفقد وظيفته بسبب شربه، وكان يتسبب في مشاكل لعائلته. حاول فريدريك الإقلاع عن شرب الكحول عدة مرات، ولكنه لم ينجح في ذلك.
توفي فريدريك في 20 أكتوبر 1868، بسبب مضاعفات إدمانه للكحول. كانت وفاته خسارة كبيرة لعائلته وأصدقائه. على الرغم من أن فريدريك لم يحقق نفس الشهرة التي حققها شقيقه تشارلز، إلا أنه كان شخصًا محبوبًا ومحترمًا من قبل كل من عرفه.
تأثيره على أعمال تشارلز ديكنز
يعتقد بعض النقاد الأدبيين أن شخصية فريدريك ديكنز قد أثرت على بعض شخصيات تشارلز ديكنز في رواياته. على سبيل المثال، يعتقد البعض أن شخصية توم أول-ألون من رواية “الأوقات العصيبة” (Hard Times) مستوحاة من شخصية فريدريك ديكنز. توم أول-ألون هو شاب كسول وغير مسؤول، ويعتمد على الآخرين في تلبية احتياجاته. يعتقد البعض أن تشارلز ديكنز قد استخدم شخصية توم أول-ألون للتعبير عن مشاعره تجاه شقيقه فريدريك.
بالإضافة إلى ذلك، يعتقد البعض أن شخصية السيد ميكاوبر من رواية “ديفيد كوبرفيلد” (David Copperfield) مستوحاة أيضًا من شخصية فريدريك ديكنز. السيد ميكاوبر هو رجل متفائل ومرح، ولكنه يعاني من صعوبات مالية دائمة. يعتقد البعض أن تشارلز ديكنز قد استخدم شخصية السيد ميكاوبر للتعبير عن الجانب المرح والإيجابي من شخصية شقيقه فريدريك.
إرثه
على الرغم من أن فريدريك ديكنز لم يحقق نفس الشهرة التي حققها شقيقه تشارلز، إلا أنه ترك بصمة في تاريخ عائلة ديكنز. كانت حياته مليئة بالتحديات والصعوبات، ولكنه كان دائمًا يحاول التغلب عليها. كان شخصًا محبوبًا ومحترمًا من قبل كل من عرفه. يظل فريدريك ديكنز شخصية مثيرة للاهتمام تستحق الدراسة والتحليل.
خاتمة
كان فريدريك ويليام ديكنز شخصية مثيرة للاهتمام، على الرغم من أنه عاش في ظل شقيقه الشهير تشارلز ديكنز. تميزت حياته بصعوبات مالية وإدمان للكحول، لكنه ترك إرثًا كشخص طيب القلب ومحبوب. على الرغم من أنه لم يحقق نفس الشهرة الأدبية لشقيقه، إلا أن حياته تعكس جوانب مهمة من الحياة في إنجلترا في القرن التاسع عشر، وقد ألهمت بعض شخصيات تشارلز ديكنز الروائية. تظل قصة فريدريك ديكنز تذكيرًا بأن النجاح والشهرة ليسا المعيار الوحيد للحياة ذات القيمة.