نشأتها وبداياتها المهنية
ولدت أطوار بهجت في مدينة بغداد، ونشأت في أسرة مثقفة تقدر العلم والمعرفة. تلقت تعليمها في مدارس بغداد، ثم التحقت بكلية الإعلام في جامعة بغداد، حيث درست الصحافة وتخرجت فيها بتقدير عال. منذ صغرها، أظهرت أطوار شغفاً كبيراً بالكتابة والإعلام، وكانت تحلم بأن تصبح صحفية متميزة تسهم في نقل الحقيقة وإيصال صوت الشعب.
بدأت أطوار بهجت مسيرتها المهنية في التلفزيون العراقي الرسمي، حيث عملت كمراسلة ومقدمة برامج. خلال فترة عملها في التلفزيون العراقي، اكتسبت خبرة واسعة في مجال العمل الإعلامي، وتعلمت الكثير عن فنون الصحافة والتغطية الإخبارية. ولكن طموحها كان أكبر من مجرد العمل في التلفزيون الرسمي، حيث كانت تحلم بالعمل في وسائل إعلام أكثر حرية واستقلالية.
عملها في قناة الجزيرة
في عام 2003، وبعد سقوط نظام صدام حسين، انضمت أطوار بهجت إلى قناة الجزيرة الفضائية، التي كانت تبحث عن مراسلين ومذيعين متميزين لتغطية الأحداث في العراق. كانت هذه الخطوة بمثابة نقلة نوعية في مسيرة أطوار المهنية، حيث أتيحت لها الفرصة للعمل في واحدة من أكبر وأشهر القنوات الإخبارية في العالم.
تميزت أطوار بهجت بتغطيتها المتميزة للأحداث في العراق، وكانت من أوائل الصحفيين الذين قاموا بتغطية العمليات العسكرية الأمريكية في العراق، وكذلك الأحداث السياسية والأمنية التي شهدها العراق بعد سقوط النظام. كانت تتميز بشجاعتها في التوجه إلى مناطق الخطر، ونقل الصورة الحقيقية للأحداث، حتى وإن كان ذلك يعرض حياتها للخطر.
لم تقتصر تغطية أطوار بهجت على الأحداث السياسية والأمنية، بل كانت تهتم أيضاً بالقضايا الاجتماعية والإنسانية، وكانت تسعى دائماً إلى تسليط الضوء على معاناة الشعب العراقي، ونقل صوته إلى العالم. كانت تحظى بشعبية كبيرة في العراق، حيث كان الناس يقدرون شجاعتها ومهنيتها وإخلاصها في عملها.
ظروف اغتيالها
في الثاني والعشرين من فبراير عام 2006، وبينما كانت أطوار بهجت تقوم بتغطية تفجيرات مرقد الإمامين العسكريين في سامراء، اختطفت من قبل مجموعة مسلحة مجهولة، وتم العثور على جثتها في اليوم التالي، وعليها آثار تعذيب شديد. كانت جريمة اغتيال أطوار بهجت صدمة كبيرة للأوساط الإعلامية والسياسية في العراق والعالم، وأثارت موجة من الغضب والاستنكار.
لم يتم الكشف عن هوية منفذي جريمة اغتيال أطوار بهجت حتى الآن، ولكن العديد من المراقبين يعتقدون أن اغتيالها كان له دوافع سياسية، وأن الهدف منه هو إسكات صوتها ومنعها من نقل الحقيقة. كانت أطوار بهجت من الصحفيين الذين يزعجون الكثير من الأطراف، بسبب جرأتها في كشف الحقائق وانتقاد الأخطاء.
تعتبر أطوار بهجت رمزاً للصحافة العراقية الحرة والمستقلة، وقدوة للصحفيين الشباب الذين يسعون إلى نقل الحقيقة وإيصال صوت الشعب. ستبقى ذكراها خالدة في قلوب كل من عرفها وعمل معها، وفي ذاكرة الشعب العراقي الذي أحبها وقدرها.
ردود الفعل على اغتيالها
أثار اغتيال أطوار بهجت ردود فعل غاضبة ومستنكرة على نطاق واسع، سواء على المستوى المحلي أو الدولي. نددت العديد من المنظمات الحقوقية والإعلامية بالجريمة، وطالبت السلطات العراقية بالكشف عن هوية الجناة وتقديمهم إلى العدالة. كما أدان العديد من القادة السياسيين والدينيين اغتيالها، وأشادوا بمسيرتها المهنية وشجاعتها في نقل الحقيقة.
أصدرت قناة الجزيرة بياناً شديد اللهجة، أدانت فيه اغتيال أطوار بهجت، واعتبرته جريمة بشعة تستهدف إسكات صوت الحقيقة. كما أعلنت القناة الحداد على روحها، وخصصت برامج خاصة لتأبينها وتكريمها.
شارك الآلاف من العراقيين في تشييع جثمان أطوار بهجت، ورفعوا شعارات تطالب بالقصاص من القتلة. تحولت جنازتها إلى مظاهرة حاشدة، عبر فيها العراقيون عن غضبهم واستنكارهم لجرائم القتل التي تستهدف الصحفيين والإعلاميين.
إرثها وتأثيرها
تركت أطوار بهجت إرثاً كبيراً في مجال الصحافة والإعلام، وأثرت في جيل كامل من الصحفيين الشباب. كانت مثالاً للصحفي الشجاع والمخلص والمهني، الذي يسعى إلى نقل الحقيقة وإيصال صوت الشعب، حتى وإن كان ذلك يعرض حياته للخطر.
تعتبر أطوار بهجت رمزاً للمرأة العراقية القوية والمثابرة، التي تتحدى الصعاب وتقتحم مجالات العمل المختلفة، وتسهم في بناء المجتمع وتقدمه. كانت نموذجاً للمرأة الصحفية التي تحقق النجاح والتألق في مجال يهيمن عليه الرجال في كثير من الأحيان.
لا تزال قصة أطوار بهجت تلهم الكثيرين، وتذكرنا بأهمية حرية الصحافة ودورها في كشف الحقائق ومحاربة الفساد والظلم. يجب علينا أن نحافظ على إرثها، وأن نسعى إلى حماية الصحفيين والإعلاميين، وتمكينهم من القيام بعملهم بحرية وأمان.
أبرز المحطات في حياتها
- 1976: ولدت في بغداد.
- …: تخرجت من كلية الإعلام بجامعة بغداد.
- …: بدأت العمل في التلفزيون العراقي الرسمي.
- 2003: انضمت إلى قناة الجزيرة الفضائية.
- 2006: اغتيلت في سامراء.
جوائز وتكريمات
حصلت أطوار بهجت على العديد من الجوائز والتكريمات، تقديراً لعملها الصحفي المتميز وشجاعتها في نقل الحقيقة. من بين هذه الجوائز:
- جائزة حرية الصحافة من منظمة “مراسلون بلا حدود”.
- جائزة “شجاعة الصحافة” من مؤسسة “إعلاميون من أجل الديمقراطية”.
- جائزة “المرأة القيادية” من مجلة “المرأة العربية”.
خاتمة
أطوار بهجت، الصحفية العراقية الشجاعة، كانت رمزاً للحرية والإخلاص والمهنية. اغتيلت وهي تقوم بواجبها في نقل الحقيقة، ولكن ذكراها ستبقى خالدة في قلوبنا. يجب علينا أن نحافظ على إرثها، وأن نسعى إلى حماية الصحفيين والإعلاميين، وتمكينهم من القيام بعملهم بحرية وأمان، حتى لا تتكرر مأساة أطوار بهجت مرة أخرى.