نشأته وبداية حياته المهنية
ولد زوبليانين في بلدة ماسلوفاره (Maslovare) بالقرب من بانيا لوكا، في جمهورية البوسنة والهرسك الاشتراكية، ضمن جمهورية يوغوسلافيا الاتحادية الاشتراكية. تلقى تعليمه الابتدائي والثانوي في مسقط رأسه. بعد تخرجه، انضم إلى قوات الشرطة، حيث بدأ حياته المهنية. صعد زوبليانين في الرتب سريعاً، واكتسب خبرة كبيرة في العمل الأمني والشرطي. لم يتم الإعلان عن تفاصيل كثيرة حول مسيرته المهنية المبكرة قبل الحرب.
الحرب البوسنية: دور زوبليانين
مع تصاعد التوترات العرقية في يوغوسلافيا في أوائل التسعينيات، وتوجه البوسنة والهرسك نحو الاستقلال، انخرط زوبليانين في الأحداث بشكل متزايد. في عام 1991، انضم إلى الشرطة الصربية البوسنية، وهي قوة شرطة جديدة تشكلت في المناطق التي يسيطر عليها الصرب في البوسنة والهرسك. أصبح زوبليانين شخصية بارزة في هذه القوة، وتولى مناصب قيادية عليا. لعب دورًا حاسمًا في تنظيم وتوجيه قوات الشرطة الصربية البوسنية خلال حرب البوسنة.
تولى زوبليانين قيادة الشرطة في منطقة بانيا لوكا، وهي منطقة ذات أهمية استراتيجية كبيرة. خلال فترة قيادته، اتُهم بالإشراف على عمليات التطهير العرقي ضد غير الصرب، بما في ذلك المسلمون والكروات. وقد اتُهمت قوات الشرطة التي يقودها بارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، بما في ذلك القتل والتعذيب والاغتصاب والترحيل القسري. كان لزوبليانين دور كبير في تنفيذ خطط تطهير عرقي واسعة النطاق، والتي تهدف إلى إنشاء دولة صربية عرقية خالصة.
اتهامات المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة
في عام 1999، وجهت المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة (ICTY) لائحة اتهام ضد زوبليانين. شملت الاتهامات جرائم ضد الإنسانية، وانتهاكات قوانين وأعراف الحرب، والإبادة الجماعية. اتُهم زوبليانين بالتخطيط والتنفيذ والمشاركة في حملة منظمة من العنف ضد السكان المدنيين غير الصرب في منطقة البوسنة الغربية. تضمنت هذه الحملة هجمات على القرى والبلدات، والاعتقال التعسفي، والقتل، والتعذيب، والترحيل القسري.
اتُهم زوبليانين بالمسؤولية القيادية عن أفعال مرؤوسيه. وزُعم أنه كان على علم بجرائم الحرب التي ارتكبت، وأنه فشل في اتخاذ الإجراءات اللازمة لمنعها أو معاقبة مرتكبيها. كما اتُهم بالمشاركة في التخطيط لإنشاء معسكرات اعتقال، حيث تعرض المعتقلون لظروف غير إنسانية، بما في ذلك سوء التغذية، والتعذيب، والقتل. كان زوبليانين من بين أبرز الشخصيات الصربية البوسنية التي اتهمتها المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة.
الاعتقال والمحاكمة
بعد سنوات من الاختباء، تم القبض على زوبليانين في صربيا في يونيو 2008. تم نقله إلى لاهاي لمحاكمته أمام المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة. بدأت المحاكمة في عام 2009. خلال المحاكمة، قدم الادعاء أدلة واسعة النطاق تثبت تورط زوبليانين في جرائم الحرب. تضمنت هذه الأدلة شهادات الشهود، والوثائق، والأدلة المادية.
دافع زوبليانين عن براءته، وزعم أنه لم يكن على علم بجرائم الحرب التي ارتكبت من قبل قواته. كما زعم أنه لم يكن لديه سيطرة على جميع الوحدات التابعة للشرطة. ومع ذلك، رفضت المحكمة هذه الادعاءات، وأدانت زوبليانين في عام 2013. أدين بتهمة الإبادة الجماعية، وجرائم ضد الإنسانية (القتل، والاضطهاد، والترحيل، والأعمال اللاإنسانية الأخرى)، وانتهاكات قوانين أو أعراف الحرب (القتل، والتعذيب، والمعاملة اللاإنسانية، والتدمير غير المبرر للممتلكات).
حُكم على زوبليانين بالسجن لمدة 22 عامًا. وقد اعتبرت الإدانة بمثابة انتصار للعدالة الدولية، وإقراراً بمسؤوليته عن الجرائم المرتكبة خلال حرب البوسنة. تم احتجازه في سجن تابع للمحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة إلى أن تم نقله لاحقًا إلى سجن في دولة أخرى لقضاء عقوبته.
الاستئناف وإعادة المحاكمة
قدم زوبليانين استئنافاً ضد إدانته وحكمه. في عام 2017، أيدت محكمة الاستئناف بعض جوانب الإدانة، ولكنها ألغت الإدانة بالإبادة الجماعية. أعيدت المحاكمة في بعض التهم، وخفف الحكم عليه إلى 20 عامًا. هذا القرار عكس تعقيد القضايا المتعلقة بجرائم الحرب، والحاجة إلى تقييم دقيق للأدلة المقدمة.
تأثير القضية
كانت قضية زوبليانين مهمة لعدة أسباب. أولاً، سلطت الضوء على دور القيادة في ارتكاب جرائم الحرب. أظهرت القضية أن القادة العسكريين والسياسيين يمكن أن يحاسبوا على الجرائم التي يرتكبها مرؤوسوهم. ثانياً، ساعدت القضية في توفير العدالة لضحايا حرب البوسنة، وساهمت في عملية المصالحة في المنطقة. ثالثاً، ساهمت القضية في تطوير القانون الجنائي الدولي، وأسست سوابق مهمة فيما يتعلق بجرائم الحرب والمسؤولية القيادية.
الوضع الحالي
يقضي زوبليانين حالياً عقوبته في السجن. لا يزال يُنظر إلى قضيته كرمز للمعاناة التي عانت منها البوسنة والهرسك خلال الحرب، وتذكير بأهمية المساءلة عن جرائم الحرب. استمرت جهود العدالة الدولية في محاكمة المسؤولين عن جرائم الحرب في منطقة البلقان، على الرغم من التحديات السياسية والعملية.
أهمية القضية على المدى الطويل
تستمر قضية زوبليانين في إلقاء الضوء على أهمية القانون الدولي الإنساني والعدالة الانتقالية. إنها تذكير بأنه لا يمكن التسامح مع الجرائم البشعة، وأن المسؤولين عن مثل هذه الجرائم يجب أن يحاسبوا. بالإضافة إلى ذلك، فإن القضية بمثابة تذكير بالحاجة إلى بناء السلام المستدام والمصالحة في المجتمعات التي مزقتها الحرب.
نقد ومواقف مختلفة
أثارت قضية زوبليانين جدلاً كبيراً. انتقد البعض المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة بسبب انحيازها المزعوم، والإجراءات البطيئة، وارتفاع التكاليف. جادل البعض بأن المحكمة تركز بشكل غير متناسب على جرائم ارتكبها الصرب، بينما تجاهلت جرائم ارتكبها آخرون. ومع ذلك، دافع آخرون عن عمل المحكمة، واعتبروها أداة أساسية لتحقيق العدالة والمصالحة.
خاتمة
كان ستويان زوبليانين شخصية رئيسية في حرب البوسنة والهرسك، واتُهم بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. أدين في نهاية المطاف من قبل المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة. تعكس قضيته تعقيدات حرب البوسنة، وأهمية المساءلة عن جرائم الحرب، والحاجة إلى العدالة والمصالحة في أعقاب الصراع. لا تزال قضيته تذكيرًا قويًا بالفظائع التي ارتكبت خلال الحرب، وأهمية احترام حقوق الإنسان وسيادة القانون.