مقدمة
بابراك كارمل (بالدرية/البشتوية: ببرک کارمل)، واسمه الحقيقي سلطان حسين، ولد في 6 يناير 1929 وتوفي في 1 أو 3 ديسمبر 1996. كان ثوريًا شيوعيًا أفغانيًا لعب دورًا محوريًا في تاريخ أفغانستان المضطرب خلال القرن العشرين. اشتهر كارمل بكونه زعيمًا لحزب الشعب الديمقراطي الأفغاني (PDPA) المدعوم من الاتحاد السوفيتي، وتولى رئاسة أفغانستان بعد الغزو السوفيتي عام 1979.
نشأته وتعليمه
ولد بابراك كارمل في كابل لعائلة تنتمي إلى النخبة الأفغانية. تلقى تعليمه في مدارس مرموقة في كابل، ثم التحق بجامعة كابل لدراسة القانون والعلوم السياسية. خلال فترة دراسته الجامعية، انخرط كارمل في الحركة الطلابية اليسارية المتنامية، مما أثر بشكل كبير على توجهاته السياسية اللاحقة.
الانخراط في السياسة
في الخمسينيات من القرن الماضي، بدأ كارمل نشاطه السياسي بشكل جدي. انضم إلى حركة سياسية سرية ماركسية، ثم شارك في تأسيس حزب الشعب الديمقراطي الأفغاني في عام 1965. كان الحزب منقسمًا إلى فصيلين رئيسيين: خلق (الخلق) وبرشام (العلم). كان كارمل من أبرز قادة فصيل برشام، الذي كان يعتبر أكثر اعتدالًا وأكثر تأييدًا للتعاون مع قوى سياسية أخرى.
الصعود إلى السلطة
شهدت أفغانستان فترة من الاضطرابات السياسية وعدم الاستقرار في السبعينيات. في عام 1978، أطاح حزب الشعب الديمقراطي الأفغاني، بقيادة نور محمد تركي من فصيل خلق، بحكومة محمد داود خان في انقلاب عسكري عرف باسم ثورة ثور. تولى تركي رئاسة البلاد، لكن سرعان ما تفاقمت الخلافات بين فصيلي خلق وبرشام.
في عام 1979، اغتيل نور محمد تركي، وتولى حفيظ الله أمين، وهو أيضًا من فصيل خلق، السلطة. كانت فترة حكم أمين قصيرة ولكنها اتسمت بالقمع الشديد والوحشية. أدت هذه الأوضاع إلى تدخل الاتحاد السوفيتي، الذي رأى في أفغانستان حليفًا استراتيجيًا مهمًا.
في ديسمبر 1979، غزا الاتحاد السوفيتي أفغانستان، وأطاح بحفيظ الله أمين، ونصّب بابراك كارمل رئيسًا للبلاد. استقبل كارمل في البداية بترحاب من قبل بعض الأفغان الذين كانوا يأملون في تحقيق الاستقرار والتنمية الاقتصادية. ومع ذلك، سرعان ما واجه مقاومة شرسة من قبل المجاهدين الأفغان، الذين اعتبروا الغزو السوفيتي احتلالًا أجنبيًا.
فترة حكمه
تميزت فترة حكم بابراك كارمل بالاعتماد الكبير على الدعم السوفيتي. حاول كارمل تنفيذ إصلاحات اقتصادية واجتماعية، مثل توزيع الأراضي وتحسين التعليم والرعاية الصحية. ومع ذلك، قوبلت هذه الإصلاحات بمعارضة شديدة من قبل الجماعات الدينية والقبلية المحافظة.
كما واجه كارمل صعوبات كبيرة في قمع حركة المقاومة. تلقت المجاهدين دعمًا كبيرًا من الولايات المتحدة وباكستان ودول أخرى، مما أدى إلى حرب استنزاف طويلة الأمد. تسببت الحرب في خسائر فادحة في الأرواح وتدمير للبنية التحتية، وأدت إلى نزوح ملايين الأفغان إلى دول الجوار.
خلال فترة حكمه، سعى كارمل إلى تحقيق مصالحة وطنية، وعرض على المعارضة المشاركة في الحكومة. ومع ذلك، لم تنجح هذه الجهود في إنهاء الحرب الأهلية.
- الإصلاحات الاقتصادية: محاولات لتوزيع الأراضي وإصلاح القطاع الزراعي، لكنها قوبلت بمقاومة من ملاك الأراضي التقليديين.
- الإصلاحات الاجتماعية: التركيز على تحسين التعليم والرعاية الصحية، وخاصة للنساء، مما أثار غضب الجماعات الدينية المحافظة.
- المصالحة الوطنية: محاولات فاشلة لإشراك المعارضة في الحكومة وإنهاء الحرب الأهلية.
الاستقالة والمنفى
بحلول منتصف الثمانينيات، كان واضحًا أن بابراك كارمل فقد الدعم السوفيتي. تفاقمت المشاكل الاقتصادية والاجتماعية، واستمرت الحرب الأهلية في حصد الأرواح. في عام 1986، استقال كارمل من منصبه كرئيس للبلاد، وخلفه محمد نجيب الله.
بعد استقالته، انتقل كارمل إلى موسكو، حيث عاش في المنفى حتى وفاته في عام 1996. لم يلعب كارمل أي دور يذكر في السياسة الأفغانية بعد استقالته، لكنه ظل شخصية مثيرة للجدل في تاريخ أفغانستان.
إرثه
يعتبر إرث بابراك كارمل معقدًا ومثيرًا للجدل. يرى البعض أنه كان وطنيًا مخلصًا سعى إلى تحديث أفغانستان وتحسين حياة شعبها. بينما يعتبره آخرون خائنًا تسبب في غزو بلاده من قبل الاتحاد السوفيتي وحرب أهلية مدمرة.
بغض النظر عن وجهة النظر، لا يمكن إنكار أن بابراك كارمل كان شخصية مؤثرة في تاريخ أفغانستان. لعب دورًا رئيسيًا في تشكيل السياسة الأفغانية خلال فترة مضطربة من تاريخها، ولا يزال إرثه يثير الجدل والنقاش حتى اليوم.
من بين الأحداث البارزة التي شهدتها فترة حكمه:
- الغزو السوفيتي لأفغانستان عام 1979.
- تفاقم الحرب الأهلية بين الحكومة الأفغانية المدعومة من السوفيت والمجاهدين.
- نزوح ملايين الأفغان إلى دول الجوار.
- محاولات الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي التي قوبلت بمعارضة شديدة.
- استقالته من منصبه كرئيس للبلاد عام 1986.
خاتمة
بابراك كارمل شخصية محورية في تاريخ أفغانستان الحديث، حكم البلاد في فترة عصيبة شهدت غزوًا أجنبيًا وحربًا أهلية طاحنة. تظل فترة حكمه موضع جدل وتقييمات مختلفة، لكن لا يمكن تجاهل تأثيره العميق على مسار التاريخ الأفغاني.