تاريخ وتطور خطوط متعددة المصادر
ظهرت خطوط متعددة المصادر في أوائل التسعينيات، وكانت بمثابة استجابة للحاجة إلى المزيد من المرونة والتحكم في تصميم الخطوط. قبل ذلك، كان على المصممين استخدام خطوط منفصلة لكل وزن وعرض وحجم، مما أدى إلى تعقيد العمل وزيادة حجم الملفات. قدمت تقنية MM حلاً لهذه المشكلة من خلال السماح بإنشاء خط واحد يمكنه التكيف مع مجموعة من السمات.
اعتمدت هذه التكنولوجيا على فكرة “المحاور”، والتي تمثل السمات المختلفة التي يمكن للخط تغييرها. على سبيل المثال، يمكن أن يكون هناك محور للوزن (من “خفيف” إلى “سميك”)، ومحور للعرض (من “ضيق” إلى “عريض”)، ومحور للارتفاع البصري (لتغيير حجم الحروف وفقًا لمتطلبات القراءة). قام المصممون بإنشاء “نقاط نهاية” على كل محور، والتي تحدد الحدود القصوى والدنيا لكل سمة. ثم يمكن للمستخدمين اختيار قيمة وسطية بين هذه النقاط لإنشاء مجموعة متنوعة من الأنماط.
آلية عمل خطوط متعددة المصادر
تعمل خطوط MM عن طريق تحديد عدد من “النقاط” التي تحدد شكل الحرف في نقاط نهاية كل محور. على سبيل المثال، إذا كان هناك محور للوزن، فسيتم تحديد النقاط لشكل الحرف في الوزن الخفيف والوزن السميك. ثم، باستخدام تقنية تسمى “الاستيفاء” (interpolation)، يمكن للبرنامج حساب شكل الحرف في أي وزن بين هذين النقطتين. هذا يسمح للمستخدمين بضبط سمات الخط بدقة كبيرة.
تتضمن العملية عدة خطوات:
- إنشاء المحاور: تحديد السمات التي سيتم التحكم فيها، مثل الوزن، العرض، والارتفاع البصري.
- تحديد نقاط النهاية: إنشاء نقاط نهاية لكل محور، والتي تمثل الحدود القصوى والدنيا لكل سمة.
- رسم الحروف: رسم الحروف في كل نقطة نهاية، والتأكد من أنها متوافقة مع بعضها البعض.
- الاستيفاء: استخدام تقنية الاستيفاء لإنشاء أشكال وسيطة للحروف بناءً على قيم المحاور المحددة.
كانت هذه العملية معقدة وتطلبت مهارات تصميم متخصصة. بالإضافة إلى ذلك، كانت ملفات خطوط MM أكبر حجمًا من الخطوط التقليدية.
مزايا وعيوب خطوط متعددة المصادر
قدمت خطوط MM عددًا من المزايا للمصممين:
- المرونة: سمحت للمصممين بإنشاء مجموعة واسعة من الأنماط من خط واحد.
- تقليل حجم الملفات: قللت من الحاجة إلى استخدام العديد من الخطوط المنفصلة.
- التحكم الدقيق: منحت المصممين تحكمًا دقيقًا في سمات الخط.
ومع ذلك، كان لديها أيضًا بعض العيوب:
- التعقيد: كانت عملية تصميم خطوط MM معقدة وتتطلب مهارات متخصصة.
- حجم الملفات: كانت ملفات خطوط MM أكبر حجمًا من الخطوط التقليدية.
- الدعم: لم يتم دعمها على نطاق واسع مثل الخطوط التقليدية.
أمثلة على استخدام خطوط متعددة المصادر
استخدمت خطوط MM في مجموعة متنوعة من التطبيقات، بما في ذلك:
- تصميم المجلات: لإنشاء عناوين ونصوص متنوعة.
- تصميم الويب: لتوفير خيارات متعددة لعرض النصوص.
- تصميم الرسوم المتحركة: لتغيير سمات الخط في الرسوم المتحركة.
تشمل الأمثلة على الخطوط المشهورة متعددة المصادر خطوطًا مثل: Helvetica Neue و Adobe Garamond. استخدمت هذه الخطوط على نطاق واسع في تصميم المطبوعات والتصميم الرقمي.
التحول إلى OpenType والمستقبل
مع تطور التكنولوجيا، ظهرت تقنية OpenType، والتي قدمت بدائل أفضل لخطوط MM. قدمت OpenType ميزات مماثلة، مثل دعم متغيرات الخط، ولكنها كانت أكثر مرونة وسهولة في الاستخدام. بالإضافة إلى ذلك، قدمت OpenType دعمًا للعديد من الميزات الأخرى، مثل الأحرف البديلة والخطوط المتصلة، مما جعلها أكثر جاذبية للمصممين.
اختفت خطوط MM تقريبًا، لتحل محلها OpenType المتغيرة (variable fonts)، والتي تعتمد على نفس المفهوم الأساسي للمحاور، ولكنها توفر دعمًا أفضل، وسهولة في الاستخدام، وحجم ملفات أقل. تتيح خطوط OpenType المتغيرة للمصممين التحكم في مجموعة متنوعة من السمات داخل ملف خط واحد، مثل الوزن والعرض والميل والارتفاع البصري، مما يوفر نفس المرونة التي قدمتها خطوط MM، ولكن مع تحسينات كبيرة.
تشمل الميزات الرئيسية لخطوط OpenType المتغيرة:
- الدعم المتزايد: يتم دعمها على نطاق واسع في جميع أنظمة التشغيل والتطبيقات.
- حجم الملفات الأصغر: نظرًا لأنها تستخدم تقنية ضغط أفضل، فإن حجم الملفات يكون أصغر.
- سهولة الاستخدام: تتيح للمصممين التحكم في السمات بسهولة أكبر.
بسبب هذه المزايا، أصبحت OpenType المتغيرة هي المعيار الجديد لتصميم الخطوط، مما أدى إلى تراجع استخدام خطوط MM بشكل كبير.
التفاصيل التقنية لخطوط OpenType المتغيرة
تعتمد خطوط OpenType المتغيرة على تقنية تسمى “البيانات الخطية” (font variations). تسمح هذه التقنية بتخزين معلومات حول كيفية تغيير شكل الحرف بناءً على قيم المحاور. يتم تخزين هذه البيانات في ملف الخط، ويمكن للبرامج استخدامها لإنشاء أشكال مختلفة للحرف.
تستخدم خطوط OpenType المتغيرة أيضًا “محاور” لتحديد السمات التي يمكن تغييرها. ومع ذلك، فإنها تدعم مجموعة أوسع من المحاور من خطوط MM، بما في ذلك المحاور المخصصة. يمكن للمصممين تحديد المحاور التي تناسب احتياجاتهم، مما يتيح لهم إنشاء خطوط فريدة ومخصصة.
تعتبر خطوط OpenType المتغيرة معيارًا جديدًا في تصميم الخطوط، وهي توفر للمصممين مزيدًا من المرونة والتحكم في تصميم الخطوط. تتزايد شعبيتها، وهي تمثل مستقبل تصميم الخطوط.
خاتمة
كانت خطوط متعددة المصادر تقنية رائدة في وقتها، حيث قدمت للمصممين مستوى جديدًا من التحكم والمرونة في تصميم الخطوط. ومع ذلك، فقد تجاوزها التطور التكنولوجي. أصبحت خطوط OpenType المتغيرة هي المعيار الجديد، حيث توفر نفس المزايا مع تحسينات كبيرة في سهولة الاستخدام، ودعم واسع النطاق، وحجم ملفات أصغر. في الوقت الحالي، لا تزال تقنية MM ذات قيمة تاريخية، وتذكرنا بالجهود المبذولة لتطوير تصميم الخطوط في الماضي.
المراجع
- Adobe – Multiple master fonts are retired
- Fonts.com – Anatomy of a Typeface: Variable Fonts
- Typotheque – Variable Fonts: What Are They?
- Creative Bloq – What are variable fonts and why do you need them?
“`