مقدمة
تعتبر قصة “الاستعمال اليومي” (Everyday Use) قصة قصيرة للكاتبة الأمريكية أليس ووكر، نُشرت لأول مرة في عدد أبريل 1973 من مجلة هاربرز (Harper’s Magazine)، وهي جزء من مجموعتها القصصية “في حب واحترام: قصص نساء أخريات” (In Love and Trouble: Stories of Black Women). تتناول القصة مواضيع الهوية الثقافية، والفخر الأسري، والتعليم، والصراع بين الأجيال، والتأثيرات المختلفة للماضي على الحاضر. من خلال تصويرها لعائلة أمريكية من أصل أفريقي، تستكشف ووكر تعقيدات العلاقة بين تراثهم الأفريقي وتجاربهم في أمريكا.
ملخص القصة
تدور أحداث القصة في ريف ولاية جورجيا، حيث تعيش الأم، وهي امرأة قوية وعملية، مع ابنتها ماجي، وهي فتاة خجولة ومحروقة ندوبها بسبب حريق قديم. تستعد الأم لزيارة ابنتها الكبرى دي (Dee)، التي غيرت اسمها إلى وانجيرو (Wangero Leewanika Kemanjo) لتعكس تراثها الأفريقي. تعود وانجيرو إلى المنزل بصحبة صديقها حكيم (Hakim-a-barber)، وهي متحمسة لما تعتبره كنوزًا ثقافية في منزل والدتها المتواضع.
تُظهر وانجيرو اهتمامًا كبيرًا بالأشياء القديمة في المنزل، مثل المهد القديم، وخفاقة الزبدة، والألحفة المصنوعة يدويًا. ترى وانجيرو في هذه الأشياء رموزًا لتراثها الأفريقي الذي اكتشفته حديثًا، وتريد أخذها معها لعرضها في شقتها كقطع فنية. لكن الأم ترفض السماح لها بأخذ الألحفة، لأنها وعدت بها ماجي، التي تعرف كيفية صنعها وتخطط لاستخدامها بشكل يومي. تعتبر الأم أن وانجيرو تريد الألحفة للزينة فقط، وأنها لا تفهم القيمة الحقيقية للتراث الذي تمثله.
تتصاعد حدة التوتر بين الأم وابنتها وانجيرو بسبب اختلاف وجهات النظر حول معنى التراث وكيفية الحفاظ عليه. ترى وانجيرو أن التراث شيء يجب عرضه والاحتفاء به بشكل علني، بينما ترى الأم وماجي أنه شيء يجب استخدامه والعيش به بشكل يومي. في النهاية، تقف الأم إلى جانب ماجي، وترفض السماح لوانجيرو بأخذ الألحفة، وتدرك وانجيرو أنها لا تفهم حقًا قيمة تراثها.
الشخصيات الرئيسية
- الأم: راوية القصة والشخصية المركزية. هي امرأة قوية وعملية، تمثل الجيل الأكبر الذي يقدر التراث من خلال الاستخدام اليومي والعمل اليدوي.
- وانجيرو (دي): الابنة الكبرى التي غيرت اسمها وتبنت هوية أفريقية جديدة. تمثل الجيل الأصغر الذي يرى التراث كرمز ثقافي يجب عرضه والاحتفاء به.
- ماجي: الابنة الصغرى الخجولة والمحروقة. تمثل الجيل الذي يقدر التراث من خلال المعرفة العملية والارتباط العاطفي بالأشياء القديمة.
- حكيم: صديق وانجيرو الذي يشاركها اهتمامها بالثقافة الأفريقية.
المواضيع الرئيسية
- الهوية الثقافية: تستكشف القصة مفهوم الهوية الثقافية وكيف يمكن أن يختلف تفسيرها بين الأجيال. تتناول القصة الصراع بين التمسك بالجذور الأفريقية والتكيف مع الحياة في أمريكا.
- الفخر الأسري: تسلط القصة الضوء على أهمية الفخر بالأسرة والتراث العائلي. تظهر القصة كيف يمكن للأشياء البسيطة، مثل الألحفة المصنوعة يدويًا، أن تحمل قيمة عاطفية وثقافية كبيرة.
- التعليم: تناقش القصة دور التعليم في تشكيل الهوية الثقافية. تظهر القصة كيف يمكن للتعليم أن يؤدي إلى فهم أعمق للتراث، ولكنه أيضًا يمكن أن يخلق فجوة بين الأجيال.
- الصراع بين الأجيال: تصور القصة الصراع بين الأجيال المختلفة حول معنى التراث وكيفية الحفاظ عليه. تظهر القصة كيف يمكن للاختلافات في القيم والخبرات أن تؤدي إلى سوء الفهم والصراعات العائلية.
- التأثيرات المختلفة للماضي على الحاضر: تبرز القصة كيف يمكن للماضي أن يؤثر على الحاضر بطرق مختلفة. تظهر القصة كيف يمكن للتجارب التاريخية، مثل العبودية والتمييز العنصري، أن تشكل الهوية الثقافية للأفراد والمجتمعات.
الرمزية في القصة
- الألحفة: ترمز الألحفة إلى التراث العائلي والقيمة العملية للمعرفة اليدوية. تمثل الألحفة الرابط بين الماضي والحاضر، والصلة بين الأجيال المختلفة.
- الاسم: تغيير دي لاسمها إلى وانجيرو يمثل رغبتها في الانفصال عن الماضي الأمريكي والعودة إلى الجذور الأفريقية. ومع ذلك، فإن الأم ترى أن هذا التغيير سطحي ولا يعكس فهمًا حقيقيًا للتراث.
- المنزل: يمثل المنزل المتواضع في ريف جورجيا المكان الذي تحتفظ فيه العائلة بتقاليدها وقيمها. إنه يرمز إلى البساطة والأصالة والارتباط بالأرض.
تحليل أسلوب ووكر
تتميز أليس ووكر بأسلوبها البسيط والواضح في الكتابة، والذي يركز على تصوير الشخصيات والمواقف بواقعية. تستخدم ووكر اللغة العامية في الحوارات لإضفاء المزيد من الأصالة على القصة، ولتعكس طريقة كلام الشخصيات في الحياة الواقعية. كما تستخدم ووكر الرمزية بشكل فعال للتعبير عن الأفكار والمواضيع المعقدة بطريقة سهلة الفهم.
تعتبر قصة “الاستعمال اليومي” مثالًا ممتازًا على قدرة ووكر على استكشاف القضايا الاجتماعية والثقافية الهامة من خلال قصص شخصية ومؤثرة. تنجح ووكر في خلق شخصيات معقدة وواقعية، وتصوير العلاقات الإنسانية بتعقيداتها وتناقضاتها. كما تنجح ووكر في إثارة التفكير في قضايا الهوية والتراث والتعليم، وتشجيع القراء على التفكير في معنى هذه المفاهيم بالنسبة لهم.
الأهمية الثقافية والأدبية
تعتبر قصة “الاستعمال اليومي” من الأعمال الأدبية الهامة التي ساهمت في تسليط الضوء على تجارب الأمريكيين من أصل أفريقي، وخاصة النساء. تلقت القصة إشادة واسعة النطاق، وأصبحت جزءًا أساسيًا من مناهج الأدب الأمريكي في العديد من الجامعات والمدارس الثانوية. ساهمت القصة في تعزيز الوعي بقضايا الهوية والتراث والتعليم، وشجعت على الحوار حول هذه القضايا في المجتمع الأمريكي.
بالإضافة إلى ذلك، تعتبر قصة “الاستعمال اليومي” مثالًا هامًا على الأدب النسوي، حيث تصور القصة نساء قويات ومستقلات يتحدين الأدوار النمطية للجنسين. تظهر القصة كيف يمكن للنساء أن يلعبن دورًا حاسمًا في الحفاظ على التراث العائلي ونقله إلى الأجيال القادمة.
خاتمة
تظل قصة “الاستعمال اليومي” لأليس ووكر عملًا أدبيًا مؤثرًا وذا صلة حتى اليوم. من خلال استكشافها لمواضيع الهوية الثقافية والفخر الأسري والتعليم، تقدم القصة رؤى قيمة حول تعقيدات العلاقات الإنسانية وأهمية فهم واحترام وجهات النظر المختلفة. تذكرنا القصة بأن التراث ليس مجرد شيء يجب عرضه والاحتفاء به بشكل علني، بل هو شيء يجب استخدامه والعيش به بشكل يومي، وأن المعرفة العملية والارتباط العاطفي بالأشياء القديمة يمكن أن يكون لهما قيمة كبيرة.