<![CDATA[
نشأته وبداياته
ولد جاكو فان دورميل في إقليم والونيا ببلجيكا. قضى جزءًا من طفولته مسافرًا في جميع أنحاء أوروبا، حيث كان والده يعمل مديرًا لسيرك. هذه التجارب المبكرة في عالم السيرك والعروض оказа влияние на رؤيته الفنية وأسلوبه الإخراجي المتميز. درس فان دورميل الإخراج السينمائي في المعهد الوطني العالي لفنون العرض وتقنيات البث (INSAS) في بروكسل، حيث بدأ في تطوير اهتمامه بسرد القصص المعقدة والمبتكرة.
خلال فترة دراسته، أخرج فان دورميل العديد من الأفلام القصيرة التي لاقت استحسانًا كبيرًا، مما لفت إليه أنظار النقاد والجمهور. تميزت هذه الأفلام القصيرة بأسلوب بصري فريد واستكشاف لمواضيع فلسفية ووجودية، مما بشّر بقدوم موهبة سينمائية واعدة.
مسيرته السينمائية
بدأ جاكو فان دورميل مسيرته السينمائية الطويلة بإخراج فيلمه الروائي الطويل الأول “توتو البطل” (Toto le Héros) عام 1991. حقق الفيلم نجاحًا كبيرًا على المستوى النقدي والتجاري، وفاز بجائزة الكاميرا الذهبية في مهرجان كان السينمائي. يروي الفيلم قصة رجل يعتقد أنه تم تبديله مع طفل آخر عند الولادة، ويستكشف مواضيع الهوية والذاكرة والحنين إلى الماضي بأسلوب فريد ومبتكر.
بعد نجاح “توتو البطل”، أخرج فان دورميل فيلمه الثاني “اليوم الثامن” (Le Huitième Jour) عام 1996. يتناول الفيلم قصة صداقة غير متوقعة بين رجل أعمال يعاني من الوحدة ورجل شاب مصاب بمتلازمة داون. حقق الفيلم نجاحًا تجاريًا كبيرًا وفاز بجائزة أفضل ممثل في مهرجان كان السينمائي مناصفة بين الممثلين دانيال أوتوي وباسكال دوكين. تميز الفيلم بقدرته على تصوير العلاقة الإنسانية المعقدة بين شخصين مختلفين بصدق وحساسية.
في عام 2009، أخرج فان دورميل فيلمه الثالث “السيد لا أحد” (Mr. Nobody)، وهو فيلم خيال علمي فلسفي طموح. يروي الفيلم قصة رجل يبلغ من العمر 118 عامًا يسترجع ذكريات حياته المتعددة، حيث اتخذ قرارات مختلفة في لحظات حاسمة. يستكشف الفيلم مواضيع الاختيار والقدر والزمن بأسلوب بصري مذهل وسرد معقد. على الرغم من استقباله المتباين من قبل النقاد، يعتبر “السيد لا أحد” من أكثر أفلام فان دورميل طموحًا وتحديًا.
عاد فان دورميل إلى الإخراج السينمائي في عام 2014 بفيلمه “العهد الجديد جدًا” (Le Tout Nouveau Testament)، وهو فيلم كوميدي خيالي ساخر. يتناول الفيلم قصة ابنة الله التي تقرر كتابة عهد جديد للبشرية، وتنزّل إلى الأرض لتجنيد ستة رسل جدد. حقق الفيلم نجاحًا تجاريًا كبيرًا وترشح لجائزة سيزار لأفضل فيلم.
أسلوبه الفني
يتميز أسلوب جاكو فان دورميل الفني بالعديد من الخصائص المميزة، منها:
- السرد غير الخطي: غالبًا ما يستخدم فان دورميل السرد غير الخطي في أفلامه، حيث يقدم القصة بطريقة مجزأة وغير متسلسلة زمنيًا. يسمح له هذا الأسلوب باستكشاف مواضيع الذاكرة والزمن والقدر بطريقة أكثر تعقيدًا وإثارة للتفكير.
- الأسلوب البصري المميز: يتميز فان دورميل بأسلوب بصري فريد ومبتكر، حيث يستخدم الإضاءة والألوان والتصوير السينمائي لخلق جو خاص لكل فيلم. غالبًا ما يستخدم التأثيرات البصرية الخاصة لتعزيز الواقعية السحرية لعالمه السينمائي.
- التركيز على المواضيع الفلسفية والوجودية: تستكشف أفلام فان دورميل مواضيع فلسفية ووجودية عميقة، مثل الهوية والمعنى والحرية والقدر. غالبًا ما يتناول قضايا معقدة مثل الموت والمرض والعلاقات الإنسانية بصدق وحساسية.
- الاهتمام بالشخصيات غير التقليدية: غالبًا ما يركز فان دورميل على شخصيات غير تقليدية ومهمشة، مثل المرضى النفسيين والأشخاص ذوي الإعاقة والأطفال. يهتم بتصوير هذه الشخصيات بكرامة واحترام، ويسعى إلى فهم وجهات نظرهم المختلفة.
- الجمع بين الدراما والكوميديا: غالبًا ما يجمع فان دورميل بين الدراما والكوميديا في أفلامه، مما يخلق تجربة مشاهدة فريدة ومؤثرة. يستخدم الفكاهة لتخفيف وطأة المواضيع الجادة، ولإضفاء لمسة من الإنسانية على شخصياته.
الجوائز والتكريمات
حصل جاكو فان دورميل على العديد من الجوائز والتكريمات خلال مسيرته المهنية، منها:
- جائزة الكاميرا الذهبية في مهرجان كان السينمائي عن فيلم “توتو البطل” (1991).
- جائزة أفضل ممثل في مهرجان كان السينمائي (مناصفة بين دانيال أوتوي وباسكال دوكين) عن فيلم “اليوم الثامن” (1996).
- جائزة الفيلم الأوروبي لأفضل فيلم غير أوروبي عن فيلم “السيد لا أحد” (2009).
- ترشيح لجائزة سيزار لأفضل فيلم عن فيلم “العهد الجديد جدًا” (2015).
تأثيره وإرثه
يعتبر جاكو فان دورميل أحد أهم المخرجين السينمائيين البلجيكيين المعاصرين. أثرت أفلامه في جيل كامل من المخرجين والكتاب، وألهمت الكثيرين لاستكشاف مواضيع فلسفية ووجودية في أعمالهم. يتميز فان دورميل بأسلوبه الفني الفريد والمبتكر، وقدرته على سرد القصص المعقدة بطريقة جذابة ومؤثرة. ستبقى أفلامه علامة فارقة في تاريخ السينما البلجيكية والعالمية.
أعماله
- Exodus (فيلم قصير، 1978)
- Maedeli la brèche (فيلم قصير، 1980)
- Stade 81 (فيلم قصير وثائقي، 1981)
- È pericoloso sporgersi (فيلم قصير، 1984)
- توتو البطل (Toto le héros) (1991)
- اليوم الثامن (Le huitième jour) (1996)
- السيد لا أحد (Mr. Nobody) (2009)
- العهد الجديد جدًا (Le Tout Nouveau Testament) (2015)
خاتمة
جاكو فان دورميل مخرج سينمائي بلجيكي متميز، يتميز بأسلوبه الفني الفريد والمبتكر. تستكشف أفلامه مواضيع فلسفية ووجودية عميقة، وتتناول قضايا معقدة مثل الهوية والذاكرة والقدر. حصل فان دورميل على العديد من الجوائز والتكريمات خلال مسيرته المهنية، ويعتبر أحد أهم المخرجين السينمائيين البلجيكيين المعاصرين. أثرت أفلامه في جيل كامل من المخرجين والكتاب، وستبقى علامة فارقة في تاريخ السينما.